< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرة:-

نعم قبل أن نواصل القسم الجديد الذي دخلنا فيه شيئاً ما ، وهذا القسم الثاني معركة وملحمة آراء بين الأعلام وفيه قواعد مهمة ، والقسم الأوّل أيضاً تقدم فيه قواعد مهمة ، وأيضاً هذا القسم الثاني فيه قواعد مهمة ، وفيه سجال فقهي صناعي قوي جداً ، وإن شاء الله تعالى نتريَّث ونتروّى في بيان العضلات العلمية للأعلام.

وكتوصية نذكرها للاخوان وذكرها لنا كبار الأعلام رحمة الله على الماضين أنَّ حواشي المكاسب فرضة ثمينة جداً عند الإنسان أن يصقل ويبني ملكته العلمية والاجتهادية بشكل قوي جداً ، لأنه عمالقة وكبار محققين تنافسوا في التدقيق في النكات الصناعية وبالتالي هي مواطن فرص ليتمرس الإنسان ويتدرب ويتقوى ، ومراراً ذكرت أنَّ الحواشي القوية على المكاسب المعروفة حاشية الميرزا محمد تقي الشيرازي صاحب ثورة العشرين ، وأنا أخيراً اطلعت عليها لأنه سابقاً لم تكن متوفرة أما الآن فقد طبعت وموجدة على الانترنيت ، وحاشية السيد اليزدي وحاشية الآخوند وحاشية الميرزا علي الايرواني وحاشية النائيني أو الشيخ محمد حسن المامقاني ، فل كلٍّ هذه حواشي جيدة حينما تراجع ، غير كلمات السيد الخوئي والسيد الخميني وغيرهما ، فسجال جيد إذا راجعة الانسان فكلما يراجع الإنسان هو يغنم لنفسه وتصقل ملكته بقوة تنبى وتقوى حتى بغض النظر عن المحاكمة بين هذه المساجلات ، نفس الاطلاع عليها شيء جيد والمحاكمة بينها مرحلة أخرى والخروج بنتيجة هي مرحلة ثالثة أخرى ولكن هذه المرحلة الأولى مهمة أيضاً وهو الاطلاع عليها والنكات والنفائس ، فعلى كلٍّ هذا شيء مثمر جداً ، وتوجد حواشي مكاسب كثيرة الإلمام بها شيء مفيد جداً ، وكيفية السجال ، وكيفية قدراتهم وسيأتي الآن في القسم الثاني تعرّض هؤلاء الأعلام إلى أصول قواعد لأبواب فقهية برمّتها كيف يضبطون هذه الصول وكيف ربطها بالمكاسب المحرمة وهذا ليس بالشيء السهل وإنما هو مبحث أصولي أساسي جداً بامتياز ، أو ما قد يعبرون عنه في علم القانون الأكاديمي نظير الفقه الدستوري ، وما هو فرق الفقه الدستوري وعلاج الفقه الدستوري وقوانين الفقه الدستوري مع الفقه الوزاري الفاصل كبير ، أصلاً نفس طبيعته ، شبيه ما يعبرون عنه في الاصطلاح الحوزوي واحد فقهه تعليقي يعني على مستوى تعليقات ، وآخر فقهه فيه تأسيس تأصيل ، فإذاً يوجد فرق بينهما ، فالمهم هذه فرصة وحلبة كبيرة يتقوّى بها الإنسان.

وأتذكر حتى أني سألت أستاذنا السيد الروحاني رحمة الله عليه وهو في أواخر عمره عن وصية علمية وتحف علمية ، وهو كان يدرّس البيع وقد أخذنا عنده البيع كاملاً ، فهو ذكر أنه حتى لو نضج الإنسان وكان محققاً مع ذلك حينما يغوص في الحواشي تصقل ملكته كتحقيق أكثر فأكثر لأنها توجد فيها نكات مهمة ، وهي ليست لأجل تنقيح هذه الأبواب والفروع وغنا هذه الملكة يستطيع أن يستثمرها الإنسان في أبواب أخرى وهذا شيء مهم ، هنا معركة آراء ومصارعات علمية قوية في أسس عامة في الاستدلال مثمرة ومفيدة جداً.

نعود:- وقبل أن ندخل أو دخلنا في القسم الثاني ونواصل أمر ربما أغفلناه لابأس أن نتعرض إليه هنا رغم أن له مواضع عديدة وهو أنَّ الشيخ الأنصاري تعرض شيئاً ما في نهاية القسم السابق لحق الاختصاص وأنه يمكن المعاوضة عن حق الاختصاص ، افترض عين النجاة أو عين المتنجّس لا مالية لها صحيح انها لا مالية لها ولكن يمكن الانتفاع منها منافع قليلة محللة أو منافع نادرة ، فمقدار أنَّ لها منافع محللة نادرة أو قليلة أو متوسطة أي فرض من الفروض فرض في هذه العين هذا يكسب صاحبها حق اختصاص ، الآن مثلاً يمثلون بموارد عديدة لحق الاختصاص مثلاً إناء كسر فهنا تلف فهذه الأجزاء الكسور الموجودة لا مالية لها ولا نفع له لها إلا نفع نادر أو قليل هذا المقدار من لنفع النادر يعطي لصاحبها حق يسمى بحق الاختصاص ، يعين لا يستطيع أحد أن يأخذ هذه الأجزاء إلا بإذنه وما شابه ذلك ، طبعاً حق الاختصاص يختلف عن حق تحجير الأرض مثلاً ، فتحق تحجير الأرض أيضاً هو اختصاص ، اصلاً هذا مبحث الاختصاص لماذا سمّوا حق الاختصاص بالاختصاص ؟ التحجير أيضاً اختصاص بأن يضع أحجاراً على أرض لم يحيها بعدُ ولكنه بوضعه للأحجار أو للأعلام أو علائم معينة يقال له حق التحجير فهو قد اختصّ بها ، فرق الإحياء عن التحجير التحجير يعني أن يضع حجارة أو اشياء اخرى ن فرق التحجير عن الإحياء في السببية ما هو ؟ ، وطرداً للباب حتى نستوعب ونستقصي حق الاختصاص يقولون أن الإحياء سبب للملكية ولكن التحجير ليس سبباً للملكية وإنما هو سبب للحق وفي الفقه اجمالاً عموماً في الأبواب الفقهية الحق والحقوق أضعف رتبةً من الملك ، لذلك السيد اليزدي يبني على هذا المبنى ونحن نتابعه أو نوافقه على ذلك الحق سلطنة ضعيفة يعني اضعف من الملك والملك سلطنة قوية فالجنس الجامع بين الحق والملك هو السلطنة ، طبعاً هذا فيه اختلاف كبير بين الأعلام المحشين للمكاسب في بحث البيع مما هو الفرق بين الحق والملك أو يطرحون هذا المبحث بعنوان آخر وهو أنه ما هي حقيقة الحق والحقوق ؟ ، وهل الحقوق محصورة بعدد أو لا بعدد ، هذه كلّها مبحث تأتي في مباحث البيع ، ولكن إجمالاً فالكثير في تعريف ماهية وحقيقة الحق بين الأعلام اختلاف ولكن يمكن دعوى أن الأشهر ربما هو هذا الذي اختاره السيد اليزدي أنَّ الحق سلطنة والملك أيضاً سلطنة وسلطان إلا أنَّ الحق أضعف من الملك ، طبعاً هذا المبحث حقيقة الحق وما هي حقيقة الحق وما هي افتراقها عن حقيقة الملك هذا له اثره البالغ في المسائل المستجدة في عالم المعاملات والعقود المستحدثة والحقوق المستجدة وله أثره في أبواب عديدة حتى في باب الخمس وباب الزكاة وباب القصاص وباب الديات وباب الارث كله لأنها مملؤة بالحقوق ، فإذا عرف الإنسان حقيقة الحق يعرف خصائص الحق ، فرقُ الحقِّ مع الملك وفرق الحق مع الحكم ، ولماذا يؤتى بذكر الحكم في البين ؟ نعم يوجد حق وملك وحكم وهذا بحثه الأعلام ، بعض الموارد وجوب انفاق المكلف على أبويه حكم قالوا وليس حقاً مع أنه شبيه الحق.

وهذه ابحاث مهمة حساسة تجري في الأبواب الفقهية الكثيرة ، بينما النفقة على الزوجة حق قابل للإسقاط ، أما النفقة على الأرحام - يعني العمودين والذرية وغيرهم - هو حكم غير قابل للإسقاط ، نفقة الزوجة هو حقٌ يبقى دَيناً أما نفقة الأرحام يعني العمودين هي حكمٌ لا يكون ديناً ، فلاحظ أنه توجد آثار مختلفة ، وهلم جرا في أبواب عديدة وموارد عديدة فإخذ الأعلام في البحث عن حقيقة الحق والحكم والملك ، لاحظوا هذه المباحث هي مباحث صناعة فقهية ، أصلاً علم المعاملات كله في الصناعة الفقهية وليست هي نصوص خاصة ، كلا وإما هي ما وراء الأدلة اسس للتشريع ، فالمقصود أنه في الحق مباني وفي تشخيص ماهية الحق عن الملك وعن الحكم.

فإذاً التحجير سبب لحق الاختصاص أضعف من الاحياء فإنَّ الإحياء سبب للملك ، هذا في باب الثروات والأموال العامة بالمباحات التي يعبرون عنه بإحياء الموات ، مثلاً في حيازة المباحات تارة شخص اصطاد حيواناً فتارة يحوزه فهنا يتملكه وتارة لم يكن قصده أن يتملكه إنما ليتعرّف عليه ويرى خصائصه وطبيعته كأنه كانت عنده دراسة في علم معين هنا يقولون بأن هذا ليس سبباً للملك ولكنه مثل السبب للتحجير ، فمادام في يده فلا يستطيع أحد أن ينازعه فيه ، فإذاً حتى الحيازة بلحاظ قصد الحائز تختلف في سببيتها للملك او سببيتها للحق ، فالمهم أنَّ هذا حق الاختصاص ما هو ؟

لاحظوا الآن مرّ بنا هذا المثال وهو مثال أنَّ الآنية ملكٌ لصاحبها وحينما تنكسر الآنية بدلاً من أن تصير ملكاً تصير حقَّ اختصاص ، فلاحظ أن السلطنة تضعف من سلطنة ملك إلى حق الاختصاص ، فحق الاختصاص أضعف من حق الملك ، حق التحجير فالتحجير لا يسبب ولا يوجب الملك وإنما يسبب حقاً ولكن الإحياء يسبب ملكاً.

وهنا سؤال:- هل يعقل في منطق عالم المال وعالم السوق أن يكون حق التحجير ماليته نفس مالية ملكية الاحياء فهل هذا يمكن أو لا يمكن ؟ ، فهل يمكن أن يكون حق التحجير ماليته فرضاً أنه توجد أرض هنا محياة قيمة المتر منها بكذا وبجنبها أو في نفس المنطقة أرض غير محياة في البر وأتى إنسان حجّرها ففي عالم السوق هل من الممكن أن تكون قيمة الاحياء نفس قيمة الملك أو لا ، التحجير وليس الإحياء ، فهل يمكن أو لا ؟

الآن مثلاً أراضي الطابو - ملك - والراضي الزراعية وتوجد أراضي عقد زراعي وهي أقل من الزراعية فكيف هذه درجاتها كم هي ؟ ، فالمهم هذا بحث أثرناه لأنه يرتبط ويتصل في محل البحث الذي سنذهب إليه ، فإذاً عندنا حق اختصاص وعندنا ملك ، ويوجد مثال آخر وهو ( من سبق ما لم يسبقه إليه أحد [ أحد من المسلمين ] فهو أحق به ) ، وشخص أخذ حق السبق في مكان في حرم سيد الشهداء عليه السلام يوم عرفة وجاء شخص آخر وقال له أنا عطيك خمسين ألفاً واعطني هذا المكان فهنا يقول هذا سائغ فإنَّ التعامل على حق السبق جائز ولا إشكال فيه ، الآن في أراضي عرفة أو مزدلفة بين الحملدارية وغيرهم فهو لا يتملك هذا أو في منى يقول له أنا أعطيك كذا مقدار من المال واترك هذا المكان لحملتي ، بمئات الآلاف أو بالملايين مع أنه حق السبق لا أنه شيء آخر ، وهذا حقّ السبق يتعاوض عليه ، والسبق هو اختصاص ، فهو اختص بهذا الشيء ، فالملك ما هو معناه ؟ معناه أنَّ هذا مختصّ بصاحب الشيء ولكنه اختصاص قوي ، فإذا صار اختصاصاً قوياً سمي ملكاً ، لذلك بعضهم عرّف الحق أو الحق طرّاً بالاختصاص وهذا مبنى من المباني لأنه ربما توجد ثلاثة عشر نظيرة أو أمثر في تعريف الحق في مقابل الملك وأحد الأقوال والمباني في تعريف الحق الآن حق أم الولد في العتق أو حق الحضانة أو حق النفقة أو حق التمكين فالحقوق في البواب الفقهية إلى ما شاء الله تعالى ، حق خيار الفسخ ، حق التحجير ..... وهلم جرا ، فالحقوق منتشرة في الأبواب الفقهية إلى ما شاء الله تعالى ، ويوجد جدل علمي بين أساطين الفقه هل هذه الأنواع من الحقوق منحصرة بأقسام ثلاثة عشر أو خمة عسر أو أنها لا حصر لها بل أنواعها مختلفة واناخها مختلفة وأشكالها مختلفة وموديلاتها مختلفة ، فيوجد جدل علمي كبير بين الأعلام ، وإجمالاً إذاً بحث الحق والحقوق مبحث حساس ، أصلاً باب المعاملات هو باب للملك والحق هو أخو الملك الصغير والملك هو الأخ الكبير ، فهذا الحق موجود منتشر في موارد عديدة في الأبواب الفقهية ، الان حتى الحق العام والحق الخاص وهلم جرا ، شبيه مثلاً البيع والاجارة ، فلاحظ كيف أنَّ هذا البحث وسيع وسيال وشرياني في الأبواب الفقهية ، البعض عرّف الفرق بين البيه والاجارة ما هو ؟ الآخوند يرفض أنَّ الفرق بين البيع والاجارة هو أنَّ الاجارة ملك المنفعة إنما يقلو الادارة هي ليست ملك المنفعة نعم ثمرتها هي ملك المنفعة نم ولكن الاحارة ليست هي ملك المنفعة فأنت لا تقول آجرت المنفعة وإنما تقول استأجرت العين ، ونحن لا نريد أن ندخل في ذا البحث ، فالبعض قال الفرق بين الاجارة والبيع أنه في الاجارة الإجارة ايضاً تتعلق بالعي والبيع أيضاً يتعلق بالعين ، أصلاً روايات الاجارة ورد لكثرها أو نصفها ورد بلفظ البيع ، فبالتالي يعني بعتك المنفعة أو بعتك كراءها وهلم جرا ، فبعضهم مثل صاحب الكفاية الذي عنده كتاب في الاجارة وهكذا الكمباني عنده كتاب في الاجارة وايضا الشيخ الأنصاري عنده كتاب في الاجارة وجملة من الأعلام عندهم كتاب في الاجارة والميرزا حبيب الله الرشتي عنده كتاب في الاجارة ، يعني مثل مكاسب البيع للشيخ الأنصاري فيه سجال صناعي علمي معاملية عجيب كيف أنه في حواشي المكاسب الذي مرّ بنا ، أحد المواطن الأخرى غير المكاسب المحرّمة وغير البيع وغير الخيارات هو الاجارة تكدّست فيها جهود علمية كبيرة عملاقة للأعلام ، ، فالمهم في مبحث الاجارة المرحوم الآخوند قال الفرق بين البيع والاجارة ليس أنَّ البيع متعلّق بالعين والاجارة متعلقة بالمنفعة ، فهو لا يقبل بهذا الشيء وإنما يقول أنه كليهما متعلق في العين ولكن الفرق أنه في البيع ملك العين وفي الاجارة حقٌ في العين وهو حق الانتفاع بالعين.

فلاحظ بحث اللحق والملك ، إجمالاً ولسنا في صدد بحث الحق بطوله وعرضه ولكن لأجل الالفات إلى معنى حق الاختصاص وأنه مبحث عام ، فإذاً عموماً الاختصاص أو حق الاختصاص يمكن أن يكون هذا النعوان أو هذا التعريف عنوان عام لكل الحقوق في الحقيقة ، ولكن المعروف لديهم أن حق الاختصاص بالمعنى الأخص يختلف عن الاختصاص العام الموجود في الحقوق.

ونقول هذه الكلمة وثم بعد ذلك نتابع:- الآن الخمر ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ، جملة من الأعلام قالوا إنَّ هذه القاعدة الرصينة التي مرّ الاستدلال عليها ومصادرها وهي من القواعد العامة في أبواب المعاملات ، هذه القاعدة المهمة الخطيرة حرّم ثمنه كمالية ملك أو حرّم ثمنه كمالية حق اختصاص ؟ الخمر أعدم الشارع ماليته ، وآلات الغناء وآلات العبادة من الأوثان والصليب قد أعدم الشارع ماليتها ، وكذلك آلات القمار كالشطرنج وغير ذلك صحيح ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) فماذا عن حق الاختصاص ؟ ، فحرّم ثمنه يعني حرّم ملكيته لا فقط أنه لا مالية له ، فإذا حرم الله شيئاً فبالدقة حرّم ثمنه وحرّم ملكيته أيضاً ، فهل حرّم مالية حق الاختصاص أيضاً أو قل هل حرم الاختصاص أو ماذا ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo