< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/02/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الميته.

كنّا في الطائفة الأخيرة من الروايات الواردة في بيع الميتة حيث وردت عدّة روايات صحيحة وإنَّ وصفها البعض بروايتين ولكنها في الحقيقة أكثر من روايتين باعتبار أنَّ اثنتان منهما مروية عن الحلبي عن الصادق عليه السلام والأخريان مروية عن علي بن جعفر عن أخيه الامام الكاظم عليه السلام.

وهناك رواية أخرى:- وهي صحيحة حفص البختري في نفس الباب وهو الباب السابع من أبواب ما يكتسب به ( عن أبي عبد الله عليه السلام من الماء النجس كيف يصنع به ؟ قال:- يباع ممن يستحل الميتة ).

وهناك رواية أخرى:- وهي مرسلة ابن بي عمير عن الامام الصادق عليه السلام ( قال:- يدفن ولا يباع ) ، يعني في نفس مسألة العجين.

وهناك رواية أخرى في نفس الباب:- واسنادها معتبر عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر قال:- ( سألته عن حبِّ دهن ماتت فيه فأرة ، قال:- لا تدَّهن به ولا تبعه من مسلم ) فهذه روايات منع ، وهذا طبعاً محمول على الدهن الذائب فإنه يتنجس كله وإلا إذا كان جامداً فلا يتنجس كله.

وبنفس الاسناد - يعني الاسناد معتبر - قال:- ( سألته عن فأرة وقعت في حبّ دهن فأخرجت من قبل ان تموت أيبيعه من مسلم ؟ قال:- نعم ويدَّهن به ) لأنه لا يتنجس.

فعلى كلّ هذه روايات متعددة في الباب وليست منفردة كما يمكن أن يدّعى ، فهي متعددة وهذه الروايات حملت على عدّة وجوه والمشهور شهرة عظمة لم يعملوا بها وإنما قليل ، ولماذا فمورد الروايات فهيا هو أين ؟ هو بيع المتنجس أو النجس للمنفعة المحرّمة لا للمنفعة المحللة ، يعني مورد الروايات تجويز بيع الميتة للمنفعة المحرّمة فالمشهور لم يعمل بها ولم يكترثوا بها ولماذا ؟ لأنها تعارض قاعدتين مسلمتين عندهم لا يرفع اليد عن عمومهما إلا باستثناء قطعي وإلا فبهذا الظن لا يعملون به ، القاعدة الأولى إنَّ الكفار أو المخالفين مكلفين بالتكاليف بالفروع وليست خاصة والقاعدة الثانية هي أنَّ التسبيب للحرام أيضاً حرام ، أضف إليه ( إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ) أو ما شابه ذلك تضاف إلى هاتين القاعدتين قاعدة ثالثة فبمجموع هذه القواعد لم يرفعوا اليد عن هذه القاعد وهذه آبية عن التخصيص ، فبعض العمومات يمكن أن نلتزم به بالتخصيص أو الاستثناء أما ما شاكل ذلك ولكن بعض العمومات لا يرفع المشهور عنها اليد لأنها آبية عن التخصيص ولا يلتزمون فيها بالاستثناء إلا الاستثناء الموجود في نفس القاعدة مثل ( إلا ما اضطررتم إليه ) أو غير ذلك فهنا لا يلتزمون فيه بالتخصيص ، لذلك لم يأبه المشهور لمفاد هذه الروايات مع انها متعددة والسند صحيح مما يدل على أنَّ الحجية ليست للصدور أو لجهة الصدور بل ركن الحجية هو المضمون ، مطابقة المضمون لمحكمات الكتاب وسنَّة المعصومين عليهم السلام أو مخالفتها له.

فالمشهور ذهبوا إلى هذا ، وأنا كلامي في المشهور فهم ذهبوا إليها وتسالموا عليها لا سيما حتى القائلين بعدم تكليف الكفار بالفروع في المحرّمات المغلّظة بنصّ القرآن والتي يعبرون عنها بأصول المحرّمات هذه حتى قبل بذلك حتى من لم يقل بتكليف الكفار بالفروع مثل الزنا واللواط وشب الخمر فغنه توجد نصوص وفيها مثل ﴿ حرّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ﴾ وهلم جرا ، وليس كل ما هو منصوص في القرآن الكريم هو من أصول المحرّمات ولكن جملة من أصول المحرّمات فهم حتى في هذا المجال قبلوا.

فإذاً هذه المحرّمات من جهة هم مكلفون بهذه الفروع ومن جهة أخرى توجد قاعدة أخرى وهي أنه لا يسوغ لنا أن نسبب لذلك ، حتى في باب الخمر بأن من سبب في شرب طفل لخمر عليه كذا من الوزر بل في الروايات ورد وعله يلتزم بها من سبب في شرب دابة للخمر وهذه روايات عجيبة وهي معتبرة السند فالخمر فيه تغليظ خاص ، مثلاً من هذا القبيل أو الخنزير كذلك هلم جرا.

فبالتالي المشهور لأنهم أمام عموم قواعد آبية عن التخصيص لم يرفعوا اليد عنها ، وهذه العمومات أو القواعد الآبية عن التخصيص ربما يعبر عنها المحقق الحلي كثيراً أصول المذهب وقواعده فهو يكثر من هذا التعبير في كتاب الشرائع ، فبالتالي هذه نكتة مهمة وهو أنهم أعرضوا .

ويوجد توجيه آخر ذكره البعض للعمل بهذه الروايات والآن مرّ بنا أن المشهور لم يعملوا بهذه الروايات ولم يؤولوها أصلاً بل أعرضوا عنها لأنَّ قاعدة التسبيب للحرام سيما أصول المحرّمات عندهم مسلمة وقواعد أخرى كلها مسلمة مثل إذا حرّم اله شيئاً حرم ثمنه ، فـ( إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ) عندهم لا يوجد فهيا استثناء بل عموم قاعدة آبية عن التخصيص ، جملة من قواعد أو عمومات في باب المعاملات هي آبية عن التخصيص فلا يرتكبون التخصيص فيها ولا التأويل ، نعم هناك قلة من الفقهاء نسب إلى العلامة الحلي أو غيره وصاحب الكفاية والسبزواري والخراساني صاحب الكفاية وكتاب الذخيرة ، يعني على كلٍّ هم معدودين من الأعلام نسب إليهم تأويل هذه الروايات يعني محاولة العمل بهذه الروايات بتأويل احد التأويلات هي أنها من باب استنقاذ الممال يعني من الكافرين باعتبار أن مالهم غير محترم فبهذه المعاوضة تستنقذ هذا المال ، أو إذا كانوا من المخالفين من باب ألزموهم بما الزموا به أنفسهم ، باعتبار أنه يلتزم بأن هذا البيع صحيح وأنَّ هذه الذبيحة ليست ميتة ، فمقتضى البيع لما هو ليس بميتة عنده أنه ملزم بإعطاء الثمن لقاعدة الالزام ، فمن باب قاعدة الالزام مثلاً مع المخالفين ومن باب استنقاذ المال مع الكافرين ، هكذا أوّل البعض ووجّه هذه الروايات.

ولكن هذا التوجيه والتأويل فيه تأمل ، الآن الكلام ليس في المال الثمن الذي يؤخذ وإنما الكلام أنَّ هذا تسبب لأكل الحرام كالميتة أو الخنزير ، الآن الخنزير هل يلتزم به ظ كلا لا يلتزم به ، أو المتنجس ، أما بالنسبة للكافر وحتى المخالف أوّلاً وآخراً هو غير مهتم بالنسبة إلى النجاسات والمتنجسات ولكن مع ذلك التسبيب للنجاسة وأكل النجاسة لا سيما المحرّم كالميتة وأمثالها الالتزام بالتسبيب مشكل لأنه بناءً على أنَّ الكفار مكفون بالفروع وهو الصحيح كما هم مكلفون بالأصول ، والأمور التي يبغضها الشارع من خلال غلظة الحرمة يبغض الشارع تمكين العاصي والكافر والمخالف أو اعانته أو تسبيب العاصي للعصيان لذا هذه التوجيهات تواجه هذا الاشكال ، فالآن الكلام ليس في الثمن وإنما الكلام في التسبيب ، الآن الثمن له تخريجات مثلاً ألزموهم بما الزموا به أنفسهم أو استنقاذ المال ولكن الكلام في التسبيب كيف يصير ؟!! ، فكلامنا ليس فيما يرونه وإنما في ما يراه المؤمن لنفسه ، تسبيبه للحرام ، وإلا أنه يبيع الخنزير عليه فإنَّ هذا لا يجوز ، أو يبيع الخمر عليه فهذا لا يجوز ، والميتة أيضاً في هذه المصاف.

وهناك توجيه آخر ذكر:- وهو أنه لعلَّ هذا البيع ليس للأكل بل المراد به الاستفادة منه في منافع أخرى محللة.

 

وهذا التوجيه لا يتم:- لأنَّ المفروض هو بيع الميتة كلحم يؤكل لا بيع الميتة لأجل التسميد بها أو صناعة أمور أخرى بها ، لذلك هذه الروايات اجمالاً أعرض عنها المشهور ومن ثم لم نجد نحن توجيهاً يمكن لنا أن نعتمد على مضمون هذه الروايات مع أنها متعددة وصحاح ومعتبرات ، في مقابل القواعد الأكثر تواتراً ، ليس أكثر تواتراً بل هي مضموناً قطعيتها ويقينيتها أكثر فأكثر.

فعلى كلٍّ هذه الطائفة لا نحتاجها إلى ذلك الحد.

فعلى أية حال الكلام الآن في هذه المسألة قد تم في مبحث الميتة.

وتوجد تتمة لهذا البحث في بيع الميتة:- وهي أنه من الشواهد التي ذكرها الشيخ ومرّت بنا عديدة والمشهور فلاحظ المشهور نفس النهي عن بيع الميت لم يعملوا به بإطلاقه مع أنه مستفيض بل حكّموا القاعدة الفوقية وهي أنَّ التحريم إنما هو بلحاظ المنافع المحرمة وليس بلحاظ المنافع المحللة ، فاستفاضة أو تواتر ما ورد في الميتة لم ينساق المشهور معه تحكيماً لقواعد فوقية في باب المعاملات آبية عن التخصيص ، بل عطفوا كل ما ورد من طوائف خمس أو ست طوائف مستفيضة متواترة عطفوها على قواعد اعلى منها وأنها محمولة على النهي عن بيع الميتة وما شابه ذلك في المنافع المحرَّمة لا المنافع المحللة ، من جانب آخر ما ورد من استثناء في الميتة الذي مرّ بنا الآن في الباب السابع فهذا لم يعبأوا به ولم يعملوا به ، فلاحظ كيف هو تصر فالمشهور ، فهم بلم يجمدوا على الصدور ولم يجمدوا على ظاهر الدلالة وهلم جرا وإنما لاحظوا مجموع هذا المبحث بشقوقه التي مرت الآن لاحظوه ضمن القواعد العامة لباب المعاملات ، القواعد العامة في باب المعاملات اعتبروها محكمات يعرض المتابع عليها ن مع أن المتشابه لا يخفى عليكم أن المتشابه هنا بأن يقال متشابه اضافي ، كيف أنه يوجد عندنا جزئي حقيقي وجزئي اضافي كذلك يمكن العبير فيه بالمتشابه الاضافي يعني هو في نفسه ليس متشابه كصحيحة الحلبي وصحيحة علي بن جعفر حلية بيع الميتة على من يستحلها فإن التشابه فيه من أي جهة ؟! إنما يكون متشابه بالقياس مما هو فوقه مما هو محكم وإلا فهي روايات صحاح دلالتها نصّ أو صريح فلا تشابه فيها ولكن يصير فيها تشابه مضموني بلحاظ ما فوقها مما هو فوق منها تشريعاً وهذا تشابه نسبي يعبرون عنه ، كما أنَّ المحكم طبقات فهو طبقات بهذا اللحاظ المحكم الفوقي والمحكم الدوني ، والدوني بالقياس إلى العلوي يعتبر متشابه نسبي ، ولماذا هو متشابه نسبي ؟ لأنه يفسره ويحكّم عليه المحكم الفوقي ، معرفة طبقات المحكم في أبواب الفقه وفي أبواب التفسير وفي أبواب الأخلاق وفي أبواب العقائد هذا أمر مهم ، لأنه دائماً المحكم الفوقي يهيمن على المحكم الدون وهلم جرا ، فيكون الدون التحتاني بمثابة متشابه بالقياس إلى الفوق يرفع تشابهه المحكم الفوقي ، فعلى اية حال إذاً هذا محصّل ما بنى عليه متأخري العصر وهو متين وعليه شواهد عديدة.

أنت دقق كيف ذكر المشهور تعليقا ًإلى من ذهب إلى العمل ، استنقاذ المال من الكافر ليس فيه كلام ، إلزام المخالف أيضاً ليس فيه كلام ، ولا خدشوا فيه حتى في المقام ، فإذاً ما هو الذي خدشوا فيه ؟ إنهم خدشوا في هذه الجهة وهي أنه أنت كيف تمكّنه وكيف تسبب أن يرتكب معصية وهو مكلف بها ويبغضها الشارع ، فإذا ارتكب الانسان إثماً فقاعدة الالزام يمكن أن يجريها وهذا بحث آخر ولكن من جهة أخرى هو آثم فإما أن يفسخ المعاملة لكي لا يقع في التسبيب الذي هو حرام تكليفاً لا من جهة الكال ، هنا من باب قاعدة الالزام مال المخالف لا يكون مصوناً بهذا اللحاظ لأنه هو الذي التزم بها من دون أن يلزمه أحد والكافر نفس الكلام من باب قاعدة الالزام أو من باب استنقاذ المال ، فالكلام ليس في المال وإنما الكلام في أن العقد يسبب تمكينه وتسبيبه للحرام والشارع لا يسوغ هذا الشيء ، في محرمات أخرى في الخمر في الخنزير في الفواحش فإن هذا لا يجوز ، فالكلام ليس في المال بل في نفس التسبيب.

وهناك فرع آخر ذكره الشيخ الأنصاري في بحث بيع الميتة فقال:- ( الفرع الثاني أنَّ الميتة من غير ذي النفس السائلة يجوز المعاوضة عليها بلحاظ المنافع المحللة ).

فما لا نفس له ميتته طاهرة ذكية ، طبعاً بعض ما لا نفس له مل الحيّة أو غيرها لأنها مسوخ بعض القدماء مثل الشيخ الطوسي أو غيره ذهبوا إلى نجاسة المسوخ مطلقا وهذا بحث آخر وهو استثناءات ، إنما كلامنا فيما ليس بنجس سواء مطلقاً ما ليس له نفس ليس بنجس لما ذهب إليه المشهور أو عدى هذا الاستثناء ، وهذا ليس من النجاسات لكنه من عنوان بيع الميتة ،عموم النهي الوارد عن بيع الميتة حاصل فيه ، ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ ليس خاصاً بما له روح وله نفس سائلة بل حتى ما لا ليس له نفس سائلة أيضاً حرم عليكم الميتة ولكن بدليل الطهارة ودليل المنافع المحللة أيضاً المشهور رفعوا اليد عن عموم النهي عن بيع الميتة فذهبوا إلى الاستثناء ، يعني حتى ربما من لم يفصل في ميتة ما له نفس سائلة التي هي نجسة لم يفصل بين المنافع المحللة والمنافع المحرّمة هنا في الميتة الطاهرة مما لا نفس سائلة له قال بالجواز ، كدهن السمك للإسراج أو التدهين أو أمور أخرى لنفس النكتة.

المسألة السادسة التي تعرض إليها الشيخ الأنصاري:- قال الشيخ ( يحرم التكسب بالكلب الهراش[1] والخنزير البريين ) ، مع أنه الكلب الهراش في الصين الآن يباع فهو يؤكل وحتى القطط تباع وتؤكل فيوجد عندهم سوق لهذا الشيء ، ( والخنزير البريين ) وهذا في قبال الكلب البحري والخنزير البحري فهذا امر آخر ، ( إجماعاً على الظاهر المصرح به فيه المحكي عن جماعة ).

وطبعاً بيعهما بلحاظ المنافع المحرمة مسلم سواء الكلب أو الخنزير يعني للأكل أو ما شابه ذلك ، فنفس الكلام في الميتة يأتي هنا أيضاً يعني هذا النهي محمول على هذا ، ﴿ حرم عليكم الميتة والدم ولحم الجنزير ﴾ ، بعبارة أخرى هنا مشهور مـتأخري الأعصار حملوا هذه الأدلة مثل ما حملوه في بيع الميتة ، أكثر الآيات تقول ( لحم الخنزير ) ولا يوجد فيها جلد الخنزير ولعلها فيها إشعار فجلد الخنزير مع أنه نجس وغير قابل للطهارة ولكن يمكن استخدامه في منافع محللة مثلاً ، الآن هذا قاعدة تكليف الكفار بالفروع هو بحث طويل الذيل يحرر في محله ﴿ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم[2] يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً ﴾ ، وتوجد أدلة أخرى حتى مثلاً أدلة الدم فإن أدلة الدم أكل الدم والتسبيب لأكل الدم أصلاً هو رجس من عمل الشيطان ، الآن عبدة الشياطين هذه ممارستهم.

إذاً الكلام في كلب الهراش والخنزير تعامل المهور أيضاً مع الأدلة الواردة على التفصيل في المنافع المحرّم حرام وفي المنافع المحللة تبقى على القاعدة مع انه ورد في الخنزير تغليظ ، حتى في الكلب سحت ولكن في الخنزير أكثر ، لذلك الشيخ الأنصاري يذرك هنا في هذا التفصيل بأنه ( لو قلنا بجواز استعمال شعر الخنزير وجلده جاء فيه ما تقدم في جلد الميتة ).

المسألة السابعة:- ( يحرم التكسب بالخمر ) ، والخمر التغليظ فيه اشد من الخنزير والميتة ، الأدلة الواردة في الخمر روائياً وقرآنياً وهو نجس ورجس من عمل الشيطان وهلم جرا مع ذلك متأخري العصر وإن كان يلزم أن نخوض في هذا البحث تفصيلاً ولكن نذكر لكم اجمالاً نفس المطلب وهو أنه أيضاً متأخري الأعصار هذه الأدلة لم يجمدوا على حرفية دلالتها بل عطفوها على المنافع المحرمة كشرب الخمر وتلوث البيئة بنجاسة الخمر أما لو افترض كما هو موجود الآن أن الخمر يستخدم للأبحاث الطبية الخطيرة الأبحاث الكيمياوية النووية الخطيرة فلا شرب ولا تنجّس بيئة ولا غير ذلك بل بحوث كيمياوية بيلوجية ، نفس أدلة الحلية عند المشهور حكّمت على اطلاق التحريم أو النهي او الزجر الشديد ، نفس أدلة الحلية هي حكّمت ، فلاحظ الفقهاء منهجهم في الاستنباط هو هذا علمية التناسق والتوازن بين مجموع الأدلة بموازين صناعية وهو الذي مرّ بنا قبل كم يوم ولا يجمدون ولا ينساقون مع لسان واحد من الأدلة ، ولا ينساقون حتى مع الصدور هذا مما يدلل على أنَّ ركن اأكان الحجية هو نظام المضمون ، نظام منظومة المضامين هو الأول والآخر أما بقية الأمور من الدلالة والمدلول وجهة الصدور والصدور كلها تعدّ مقدمات لبحث الحجية وليس ذي المقدمة ، ذي المقدمة والغاية هي المضمون فهو الأوّل والأخر ، وإذا أذا تلاحظ أنت الان الألسنة الواردة في الخمر غليظة جداً ومخيفة جداً ولسبب غلظتها ولسانها الشديد الكثير من طبقات المتقدمين لم يستثنوا المنافع المحللة حتى في الخمر وأقصد في البيع ، وليس في البيع فقط بل حتى في التمكين مع أنَّ متأخري الأعصار بقوة وهو الصحيح جزموا بأن نفس أدلة حلية تلك المنافع نفسها قرينة على أنَّ هذا اللسان الشديد من النهي محمول على المنافع المحرمة ولا ربط لها بالمنافع المحللة ، فالتفصيل نفسه ، وكما مرّ بنا مراراً ليس عبطاً صاحب الجواهر والشيخ الانصاري والكثير من الأعلام أوّل ما بدأوا في المكاسب المحرمة بدأوا بتأصيل قواعد المعاملات وأن المالية تدور مدار ماذا والمعاوضة تدور مدار ماذا ، وكم قاعدة وهل هذه القواعد هل عموماتها هي آبية عن التخصيص أو لا ، ولماذا ؟ لأنهم يعطفون ويفسرون الأدلة الواردة في العناوين التفصيلية بهذه القواعد.


[1] يعني الكلب السائب.
[2] وليس علينا وإنما على طاعم يطعمه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo