< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الميته.

المهم أنه هناك روايات متواترة في خصوص حرمة ومنع بيع الميتة ، ومرّ بنا أمس أنه حسب تتبعات الشيخ الأنصاري في المكاسب هي أيضاً موجودة في كتاب الجواهر ، طبعاً يزيد الشيخ فيه جملة من الموارد هذا صحيح ، فالمهم أنَّ تتبعات هؤلاء الأعلام مهم ، وهذا البحث لعله من مختصّات الشيخ الأنصاري أنه تتبع الشيخ أوّلاً نكتة مرت بنا أمس أنه لم ينغر أو لم ينساق الشيخ الأنصاري إلى خصوص ظاهر عبائرهم وهذا مر بنا مراراً وهو مهم جداً سواء في بحث الفقه أو في بحث الأصول أو في بحث التفسير أو في بحث علم الكلام ، فمن الضروري جداً أن لا ينساق الباحث مع المتراءى الأوّلي لكلمات الأعلام ، أصلاً تعبير صاحب الجواهر تعبير لطيف يحث يقول عن المتراءى ألولي من الأدلة لا يصح للفقيه أن ينساق إليه بل عليه أن يعسعس في الزوايا والنكات والفروع والذيول وغير ذلك لأنها تنبّه على المرام أو المراد الأصلي سواء من كلمات الأعلام أو ما هو أسبق منها ومقدم عليها دلالة لسان الروايات ، حتى تعبير صاحب الجواهر هكذا وهو أنه يجب على الفقيه أن لا يُغرّ بالعموم أو بدليل معين يسميه مثل الاغترار ، ولماذا ؟ لأنه مجموع القرائن مجموع الشقوق والأدلة يستجلى منه المراد الحقيقي ، الآن أكثر الشبهات التي تعنون كشبهات وغير ذلك المرتد مثلاً في الاسلام لماذا كذا ، أصلاً ما معنى المرتد فهل عنونه الفقهاء بهذا المتراءى الأوّلي منه أو يستطيع شخص أن يدقق فيرى المعنى العصري للمرتد الذي يريده الفقهاء ما هو معناه ، لعله شبيه بالداعشي الذي تسالم عليه المجتمع فيما بينه ، فلاحظ هذا معنى جديد للمرتد ، ومن أين يظهر ؟ إنه لا يظهر من المتراءى الأوّلي من كلماتهم ولكن يجمع شقوق عديدة ذكرها في هذا الباب وذاك الباب وذاك الباب فترى المحصّ شيء آخر ، فالمقصود أنَّ هذه الرويّة الفقهية ، وأنا لا أريد أن أتجاوز عنها بسرعة لأنها مفيدة جداً ، هذه الرويّة الفقهية من الوقوف على حقيقة مرام ومراد الفقهاء أو ما هو أسبق منهم وهي الأدلة الواردة عن أل البيت عليم السلام ، عدم تنقيح وتحرير ولاقع المراد واقع الموضوع يسبب شبهات أو إشكالات كثيرة ، السيد الكلبايكاني الذي شاهدته منه أنَّ الموضوع الواحد يتتبعه في الفقه أين هو وكم باب ذكر الفقهاء ذلك الموضوع فيها ، ولماذا ؟ لأنه تذهب فتراه في باب آخر كثيراً ما هكذا كأنما حكموا هذا الموضوع بنقيض ما حكموا عليه في هذا الباب يرى الإنسان مثل التعارض ، الآن بغض النظر عن التدافع أو التهافت أو تعارض بين كلماتهم في بابين أو في ثلاثة او أربعة الأهم هو هذا وهو أنه يتنبه إلى أنَّ الذي ذكروه في باب واحد ليس هو كل مرادهم ومرامهم ، حقيقة الموضوع فيه قيود وفيه كذا وفيه استثناءات وغير ذلك ، حقيقة الموضوع غير ما يتراءى من عنوانه ، فالمقصود هذا من بركات التتبع ليس التتبع بشكل ركامي وإنما التتبع بشكل استقراء بقراءة تدبرية تمعنية تحليلية ، فالمهم هذا تصيّد البحث الواحد في الأبواب أو تصيد واستقراء واستقصاء الموضوع الواحد والبحث الواحد في عدة من الأبواب أمر بالغ التأثير في الوعي العلمي للأدلة يؤكد عليه الكثير من الأعلام ، وربما ذكرنا هذه العبارة عن صاحب الجواهر ومن قبله والصيمري والسيد أبو الحسن الأصفهاني وغيرهم من الأعلام وحتى السيد البروجردي منقول عنه هل الفقه إلا فهم كلمات الفقهاء ؟!! ، يعني حتى هناك هكذا يعين سرّ من أسرار مهنة العلوم وبالذات علم الفقه أنه ربما فقيه لا تعطيه الوسائل ولا تعطيه الكتب الأربعة وإنما فقط يقرأ كلمات الفقهاء يستطيع أن يقف على نكات الأدلة ولو أنَّ هذا ليس بصحيح وإنما هو ناقص ولكن من نباهة الفقيه وحصافته يستطيع أن يتنبه إلى كل وجوه الأدلة ومواد الأدلة الواردة ، فالمقصود أنَّ كلمات الفقهاء والأعلام والوجوه التي يذكرونها مشحونة بالاشارة إلى نكات أو مواد للأدلة والاحتمالات الواردة في هذه المواد فالقضية ليست استعراض ديكوري أو روتيني للكلمات والأقوال في كل مسألة من باب ركام ، كلا وإنما من باب تعدد الذهنية وتعدد الاحتمالات العلمية في مواد ادلة المسألة ، وهذا شيء بالغ النفع جداً.

لذلك هذه نكتة ، فالشيخ الأنصاري هنا هكذا لم ينغر بإطلاق وكيد كلماتهم بتحريم الميتة ، وإنما رأى عندهم استثناءات عديدة فيتبين من ذلك أنَّ مرادهم هو بيع الميتة في المنافع المحرّمة البارزة من الميتة ماليتها حرام البيع حرام يعني حرام وضعي ، وتتبع كلمات عديدة من الأعلام منها أصلاً قضية بيع الكافر سواء كان أنثى أو ذكر مع أنه نجس العين ، لماذا ؟ لأنَّ منافعة محللة فهو ليس بالضرورة أن يطبخ أو يصنع ما يشرب مثلاً ، كلا بل استخدمه في أمور يابسة مثلاً مثل نكاح الكتابية بعضهم قال إنَّ نكاح الكتابية يدل على طهارة أهل الكتاب ، وهذا لا ربط له بهذا فأصلاً تلك العمليات هي قائمة على عدم النقاوة والطهارة ، فلا ربط لها .

فعلى كلٍّ هذه قرينة أتى بها الشيخ إذاً نجس العين ليس مطلقاً بيعه حرام وإنما في المنافع المحللة لا بأس ، كذلك كلب الصيد فإنَّ الكلب نجس بل تعدّى المشهور من كلب الصيد إلى كلب الحائط إلى كلب المواشي غلى الكلب الذي له منفعة محللة مع أنَّ الكلب نجس العين من هذه ألفت الشيخ إلى هذا ، فلاحظ أنه بحث نجس العين مع أنه ليس ميتة ولكن الشيخ جعله في بحث الميتة لأنَّ الفقهاء استظهروا من الأدلة القرآنية أو الروائية الواردة في عنوان الميتة ولفظ الميتة وقالب لفظ الميتة أنه ليس الموضوع الأصلي بل الموضوع الأصلي هو نجس العين لا خصوصية الميتة ، يعني هذا الدليل الخاص والعنوان الخاص حملوه على العنوان العام والدليل العام فصار الدليل العام هو المفسر للخاص والذي هو قاعدة أخرى مرّت بنا أمس.

اجمالاً دعونا نتعرّض إلى الروايات:- وقد تعرضنا إلى بعضها:-

الرواية الأخرى:- رواية الصيقل ، وهي موثقة ، محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن عامر وهو من مشايخ الكليني ثقة ، عن معلّى بن محمد البصري ، وهذا وإن كان واقفياً إلا أنه ثقة وكذلك بنى السيد الخوئي على وثاقته ، عن الحسن بن علي ، وسواء كان الحسن بن علي الوشّاء أو الصيقل فكليهما معتبرين ، قال:- ( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام فقلت: إنَّ أهل الجبل تثقل عندهم إليات الغنم فيقطعونها ، قال: هي حرام ) ، فإنها إذا قطعت صارت ميتة ، فحرام هنا استعمل بمعنى النجس أو ما يحرم أكله وهلم جرا ، ( قال هي حرام ) يعني كما مرّ فإنَّ تتبع استعمال كلمة حرام في الروايات يوقف الانسان على المراد من ﴿ حرّم عليكم الميتة ﴾ في آيات القرآن ما هو عند الشارع ، ( قال: هي حرام ، قلت: فنصطبح بها ؟ فقال: أوماتعلم انه يصيب اليد والثوب وهو حرام ) يعني هو نجس فالشارع يستخدم الحرمة مع النجاسة لكن من الواضح أنه استعمال نجس العين إنما يمنع منه إذا كان يلوث البيئة التي تجرّ إلى أداء الصلاة أو الأكل والشرب ، وهذا مرّ بنا سابقاً أنَّ المقدار المحرّم تكليفاً عند المشهور وبنى عليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء من استعمال النجس ففي الأكل والشرب هو حرام وفي الصلاة هو مبطل للصلاة ، هذه ثلاث موارد ، والمورد الرابع تكليفاً هو أنه إذا يتساور الانسان ويطالس النجاسات بشكل يؤدي إلى تلوث وتنجس البيئة ، لذلك عندنا في الروايات أنه إن كانت المرأة أو الرجل لا يبالي فلا تأكل منه فالقصود هو هذا يعني إذا لم يراعي البيئة ، لذلك من باب الشيء بالشيء يذكر في باب الطهارة من ذهب إلى طهارة أهل الكتاب فهي لا تنفعه لأنهم مساورين لكل النجاسات من الخمر والخنزير والغائط وغير ذلك ، فهم أصلاً لا يوجد عندهم طاهر ونجس فهذا التلوث موجود عندهم.

( قال:- هي حرام ) ، فلاحظ الامام عليه السلام منع وخصّص المنع من الجهة المحرّمة لا أنه هو استعماله في نفسه مطلقاً في المنافع المحللة حرام.

أيضاً في أبواب ما يكتسب به الباب 38 من الوسائل:-

الرواية الأولى:- إسناد الشيخ الطوسي إلى علي بن أسباط ولو قيل إنه فطحي أو واقفي إلا أنه ثقة والاسناد إلى كتابه مشهور ، عن أبي مخلّد السراج وهذا ربما لم يرد فيه توثيق ولكن يروي عنه الأجلاء الكبار الثقات وله كثرة روايات ، ولعله له توثيق لا يحضرني الآن لكن جمالاً موقعيته التاريخية والروائية ليست نكرة فهو ليس مهمل مجهول - أبو مخلّد السرّاج - ، فلاحظ أن المعرفة الاجمالية بالمواقع وبيئات الرواة كأنما يجعل خارطة الرواة عند الانسان جليّة ، قال:- ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مُعتِّب فقال في الباب رجلان ، فقال: ادخلهما ، فدخلا فقال أحدهما إني رجل سراج أبيع جلود النمر ، فقال: مدبوغة هي ؟ فقال:- ليس به بأس ) ، وطبعاً هذا مسلك العامة وهو أنَّ دباغة جلود الميتة تسبب الطهارة فهذه واضحة في التقية.

الرواية الأخرى:- صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفراء اشتريه من الرجل الذي لعلّي لا أثق به فبيعني على أنها ذكية أبيعها على ذلك ؟ فقال:- إن كنت لا تثق به فلا تبعها ) مع أنه لم يمنعه من شرائها واستعمالها ، يد المسلم أو سوق المسلمين لا يشترط في البائع أن يكون موثوق ، نعم يشترط أن لا يكون محل ريبة أو مظنون اللا مبالاة ، أما المجهول فلا مانع أو المشكوك فلا مانع أما لو كانت عندك قرائن أن انفلاتي فإجراء قاعدة يد المسلم سوق المسلمين مشكل أما المجهول أو المشكوك فلا مانع ، أنت تجري فيه أمارية سوق المسلمين أو اليد ولكن هل يجوز لك أن تبيعه على أنه ذكي ( قال:- إن كنت لا تثق به فلا تبعها على أنها ذكية ) مع أنه لم يمنعه من الشراء ، الشراء مفروغ عن صحته وحتى الاستعمال الفردي إنما منعه عن بيعها فقط ( إلا أن تقول قد قيل لي إنها ذكية ) يعني تسند التذكية إليه وهذا ليس محل كلامنا الآن لأنَّ كلامنا ليس في الميتة.

الرواية الأخرى:- رواية الصيقل ، والصيقل وإن لم يرد فيه توثيق خاص ولكن تتبعنا فوجدنا قرائن بأنه وابنه وجلالتهم بالرواية للكثيرة من الثقات عنهم و، هم أيضاً لهم روايات مهمة في الأبواب مختلفة ، ولعله لا يبعد أن يكون صاحب أصلين من الأصول الروائية ، فإجمالاً قديماً نقّحنا حالهم فهو جيّد ، وتوجد روايات مهمة للصيقل في الأبواب ، يعني هي روايات مفصلية فهي تفسّر وتفصّل ، ودائماً الرواية المفصّلة تصير مهمة ، ( قال:-كتبت إليه: قوائم السيوف التي تسمّى السَّفَن أتخذها من جلود السمك فهل يجوز العمل بها ولسنا نأكل لحومها[1] ؟ فكتب:- لا بأس ) ، وطبعاً هذه ميتة طاهرة وليست نجسة وهي ليست محلاً للكلام وإنما ذكرناها عرضاً للباب.

الرواية الأخرى:- أيضاً نفسه أبي القاسم الصيقل وولده ، والصيقليون هم الذين يصقلون السيوف ، فهذا هو عملهم ، ويبيعون أغماد السيوف ، فالمهم أنها عن أبي القاسم الصيقل وولده ، والسند إليهم صحيح:- قال:- ( كتبوا إلى الرجل جعلنا الله فداك إنّا قوم نعمل السيوف ليسلنا معيشة ولا تجارة غيرها ونحن مضطرون إليها وإنما علاجنا جلود الميتة والبغال والحمير الأهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ) ، ولا يبعد أن البغال الحمير لا تؤكل إلا القليل فحينما تموت يأخذون جلودها فيه جلود ميتة يعني لا يذكونها ، وسبحان الله مع أنَّ الحمار افترض أنه إذا صار مريضاً أو البغل أو الفرس يمكن أن يذكى فيكون جلده طاهر والأمور الأخرى تصير طاهرة إذا استعمل ، وهذا فيه بحث ، وإن كانت هي حلال الأكل فلحم الخيول والبغال والحمير حلال الأكل ولكنه مكروه ، ولكن أياً ما كان إذا أريد الاستفادة من جلودها أو أمور أخرى تحلّها الحياة فيمن تذكيتها ، أما ما لا تحله الحياة فهي ذكية حتى في الميتة ، أما ما تحله الحياة إذا أريد الاستفادة منه فتذكى ، فتذبح وليست تنجر ، والعامة عندهم سائغ في التذكية الذبح أو النحر في البقر والدواب وهلم جرا ، بينما في مذهب أهل البيت عليهم السلام خصوص الجمل ينحر أما الباقي فكلّة يذبح فيذكّى، فالمهم أنَّ الرواية تقول ( وإنما علاجنا جلود الميتة والبغال والحمير الأهلية لا يجوز في اعمالنا غيرها ) ، ولا يجوز يعني لا يجوز قانوناً وتشريعاً وإنما لا يحصل لدينا ولا يوجد لدينا ( لا يجوز في أعمالنا غيرها ) يعني لا يمرّ علينا مثلاً أو أنه ليس بحاصلٍ أو غير موجودٍ مثل اجتاز هذا المكان ، فهي بهذا المعنى ( لا يجوز في اعمالنا غيرها فيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسّها بأيدينا وثيابنا ونحن نصلي في ثيابنا ونحن محتاجون لجوابك إلى جوابك في هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا ، فكتب:- اجعل ثوباً للصلاة ، وكتب إليه جعلت فداك ) ، فإذاً الامام عليه السلام لم يمنعه من البيع والشراء بل فقط في كيفية الاستعمال ، لأنَّ هذه منافع محللة لجلد الميتة كأن تجعلها غِمداً للسيف فهذا لا إشكال ، فهو لا ينجّس ولا يساور ، فإذاً جلود الميتة مع أنها من الميتة فهي في المنافع المحللة غير حرام ماليتها ولا استعمالها ولا بيها فعموم ما ورد في الميتة يخصص بل لا أنه يخصّص بل يفسّر بهذه الفروع بأنَّ المراد به المنافع المحرمة ، ( فكتب عليه السلام:- اجعل ثوباً للصلاة ، وكتب إليه:- جعلت فداك وقوائم السيوف التي تسمّى السفن نتخذها ، جلود السمك فهل يجوز لي العمل بها ولسنا نأكل لحومها ) ، فهذا السمك ميتة ذكية فإنَّ كل ما لا نفس له ميتته ذكية أي ليست نجسة ولكن يمنع الصلاة فيها ، كل ميتة يمنع الصلاة فيها وإن كانت طاهرة - مما تحلّه الحياة طبعاً - ، ( فكتب عليه السلام:- لا بأس ) ، فإذاً هذا الباب انتهينا منه.

ونفس هذا الباب فيه قرينة كما مرّ بنا على أنه إذاً التحريم ليس تحريماً مطلقاً.

ويوجد باب آخر وهو الباب السابع مما يكتسب:-

وروايات هذا الباب لم يفت بها صاحب الوسائل وإنما هو متوقف فقال ( باب حكم الذكي المختلط بالميت والنجس ) ، كلحم مذكى ولحم غير مذكى فاختلطا فهل يجوز بيعه على من يستحل الميتة الكافر أو المخالف الذي لا توجد عنده هذه الشرائط في التذكية فهل يجوز البيع عليه أو لا ظ جملة من الشروط المقررة عندنا في التذكية هم لا يشترطونها فهل يجوز بيعها عليهم أو لا أو أهل الكتاب أو غيرهم ؟ ، فلاحظوا مورد البحث هنا هو بيعها لأجل الأكل والأكل محرّم في نفسه ، فالكلام ليس في بيع الميتة لأجل الأكل وإنما بيع الميتة لأجل الأكل المنفعة محرمة والمالية محرّمة والبيع أيضاً باطل وهذا ليس محلاً للكلام ، إنما محل الكلام في بيع الميتة لمنافع محللة مالية لمنافع محللة هل يصح أو لا ؟ ، هنا هذه الروايات إذاً في غير ما نحن فيه ولكن إذا تمت فهي تدل على ما نحن فيه لأنه إذا كان حرام عند المؤمن وحلال عند الطرف الآخر ويجوز بيعها عليه ففي المنافع المحللة تكون الحلية من باب أولى فمن هذا الباب استشهد الشيخ الأنصاري بهذه الروايات.

الرواية الأولى في هذا الباب:- صحيحة الحلبي قال:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :- إذا اختلط الذكي والميتة باعه ممن يستحل الميتة وأكل ثمنه ).

وطبعاً هذا البحث متوقف على بحث آخر لا بأس أن نشير إليه إجمالاً:- وهو أنه هل الكفّار مكلفون بالفروع أو لا ؟ ، وهذه قاعدة مهمة ، ويترتب عليها طبعاً قاعدة أخرى وهي أنه إذا كانوا مكلفون بالفروع فلا يصح أن أعين الكافر على الإثم وإن الكافر عاصٍ ، لأنَّ الشارع يبغض هذه الأفعال منه لأنها معصية ، فهذه قاعدة مهمة تجري في أبواب عديدة ، يعني هذه القاعدة تمهّد الطريق لقواعد فقهية أخرى ، هل الكفار مكلفون أو لا ؟ ، طبعاً هذا يجر مثلا الفتاة الباكر لا يجوز الزواج منها إلا بإذن أبيها هذا يشمل الكافر أو لا سواء كان ذمّياً أو غير ذمّي أو مسالم فهل يشملها أو لا يشملها ؟ ، جملة من الأحكام الوضعية ، فعلى كلٍّ توجد بحوث من هذا القبيل.

وتوجد قاعدة أخرى قريبة الأفق من هذه القاعدة ، وهي أنه هل المخالفون الذين هم على مذاهب أخرى ولا يأتمون بأئمة أهل البيت عليهم السلام بل يأتمون بأئمة آخرين من المخالفين فهل هم أيضاً مكلفون بأحكام منهج الايمان ؟ ، يعني شبيه البحث الذي في الكافر لكن هذا في المسلم وإن كان القول هنا بتكليفهم أكثر ، وما هي الثمرة ؟ الثمرة إذا كان هو عنده حلال وأنا عندي حرام ، فمثلاً نقص شرائط التذكية عند المؤمن حرام فهل يجوز أن يعينه ؟ ، مثلاً الآن يسألون سؤالاً فهو يعمل في مطعمٍ للمخالفين وهم يستوردون اللحوم من النصارى لأنهم يستحلونها فهل يجوز له أن يقدم لهم هذا الطعام ، أو كان هو صاحب مطعم فهل يجوز له أن يقدم لهم هذا الطعام أو لا يسوغ ذلك فإنهم يستحلونه ؟ ، فهل هناك قاعدة الزموهم بما الزموا به أنفسهم أو أنَّ هذه القاعدة لا تجري ، إذا كانوا هم مكلفون بالأحكام فهذا ميتة ولا يجوز أكل الميتة ولا الاعانة على أكل الميتة فإنها معصية.

فالمقصود من هذا القبيل البحث موجود ، يعني يمهّد لهذا المطلب وإن كان ليس هو مورد بحثنا ولكن إجمالاً هكذا ، هاتان روايتان صحيتان في هذا الباب للحلبي دالتان على جواز بيع الميتة إذا اختلط لأجل الأكل على من يستحلها سواء كان مخالفا أو كافراً.

الرواية الثانية في هذا الباب:- وهي عن الحلبي نفسه:- ( إنه سئل عن رجل كان له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله ويغزل الميتة ثم عن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع به ؟ قال:- يبيعه من يستحل الميتة ويأكل ثمنه فإنه لا بأس ) وهذه الروايات كما هي مروية عن الحلبي عن الصادق مروية عن علي بن جعفر عن الكاظم ، فإذاً هي لها عدّة طرق وليس هما روايتين ، وبعضهم قال هما روايتان والحال أنهما ليستا روايتين لأن علي بن جعفر يرويهما عن أخيه الكاظم وتلك يرويها الحلبي عن الصادق ، فهي عدة روايات ، فهل يعمل بها ؟


[1] مع أنها ميتة لا يؤكل لحمه من السمك، غير محلل الأكل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo