< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/08/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:أحكام الجماعة
الطائفة الثالثة: من الروايات الواردة في قراءة المأموم خلف امام الجماعة وهذه الطائفة إما أن تكون ناهية عن القراءة مطلقا أو ناهية عن القراءة في الإخفاتية أو ناهية عن القراءة في الجهرية
صحيح زرارة ومحمد بن مسلم قالا: قال أبو جعفر (عليه السلام) كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بُعث على غير الفطرة[1]وهذا اللحن وان كان الفهم الأولي فيها الزامي الاّ أنه ورد استعمال الفطرة في الندبيات أيضا
وان اُريد هنا من الفطرة الدرجة اللزومية من الفطرة فيكون تاويل هذه الرواية ان من خالف الامام المعصوم (عليه السلام) او انه قرأ في الصلاة التي يكون الامام فيها هو نفس المعصوم (عليه السلام) فان من خالف المعصوم (عليه السلام) فانه يُبعث على غير الفطرة
أما اذا اُريد من الامام الجماعة هو غير المعصوم (عليه السلام) فيكون معنى الرواية ان هذا الشخص بقرائته خلف الامام فانه لم يستكمل كماليات الفطرة، وهذا البحث في الاصطلاح والحقيقة الشرعية بان الفطرة في الاصطلاح كم نمط وقسم
فقد قال سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) إنما بعثت لاُتمم مكارم الأخلاق، بينما مايرتبط بالنبي ابراهيم (على نبينا وآله وعليه السلام) دائما التعبر بالفطرة فالفطرة تستعمل في الوحي بمعاني متعددة وان اطلاق الفطرة على التشريعات الابراهيمية باعتبار ان أصل الفطرة هي الفطرة الأولية الخالصة بخلاف شريعة سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله) فإنها للوصول الى أوج وأعلى مراتب الكمال
فهذه الصحيحة الشريفة والحديث الشريف لايقاوم القرائن التي مرّت بنا لأن الفطرة تستعمل على مراتب فهناك فطرة أولية وهناك فطرة ندبية، وان هذ اللسان دالّ على أصل المشروعية وإنما المحذور شدة أو خفة فهو بسبب المنافاة مع المتابعة والاقتداء بامام الجماعة
مصحح علي بن جعفرعن أخيه (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل يصلي خلف إمام يقتدي به في الظهر والعصر يقرأ ؟ قال: لا ولكن يسبح ويحمد ربه ويصلي على نبيه (صلى الله عليه وآله) [2]وهذا هو الراجح في الأذكار في قراءة المأموم فالنهي في مقابل الترخيص يحمل على الكراهة
صحيح زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إذا كنت ت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك [3] أي اُسكت، ون التسبيح في النفس هو أدنى درجات الانصات وان الانصات لاينافيه حديث النفس، وكانما بُيّن هنا ان المحذور في قراءة المأموم هي الوظيفة الطارئة على المأموم فهي التي تمانعه عن القراءة وليس ان لإصل القراءة غير مشروعة
فتحصّل من هذه الطوائف الثلاث مشروعية قراءة المأموم على كراهة ودرجات من الكراهة، فاذا أراد المأموم ان يرتكب ماهو عبادة راجحة بدون حزازة ولاغضاضة فيأتي بالأذكار الاخرى من التسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآل محمد (اللهم صل على محمد وآل محمد) وبدرجة اخفاتية نازلة جدا فهذا هو الراجح
وأما في الأولتين من الجهرية، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع[4] هنا بنى السيد اليزدي في خصوص سماع قول الامام بنى على عدم مشروعية القراءة، لكن الكلام الكلام فحتى مع السماع فان المشروعية موجودة لكنه على كراهة شديدة
ثم انه ماهو المحصل في وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون[5] فماهو المراد من فاستمعوا له وأنصتوا وماهو المفاد الاصلي للآية المباركة ؟ ان الروايات الواردة في شرح الآية هي الروايات التي مرت بنا في البابين 31 و 32 من أبواب صلاة الجماعة
ان أحد الأقوال في المسألة وقد ذهب اليه السيد اليزدي هو حرمة القراءة في الصلاة الجهرية فيجب الاستماع والإنصات الى امام الجماعة، وقد ذهب جماعة الى ان الاستماع والإنصات واجب في خطبتي صلاة الجمعة حيث قال بان الاية دالى على الووب في خصوص خطبتي صلاة الجمعة فان الخطبة مشتملة على السورة فيكون هذا الحكم فاستمعوا له وأنصتوا شاملا لكل الخطبة، وذهب جماعة من متأخري الأعصار الى ان فاستمعوا له وأنصتوا كله مستحب
لكن الصحيح المتحصل من الروايات ان القراءة الجهرية من المأموم غير مشروعة وهذا أمر مسلّم فيجب على المأموم السكوت في القراءة الجهرية أو الاخفاتية ورأء امام واجد للشرائط، فإن معنى الإنصات في اللغة يعني السكوت وهو فعل اللسان والاستماع وهو التدبر للحديث كما ورد في مجمع البحرين
وان من أسباب نزول هذه الآية الشريفة ان شاب من الأنصار صلى جماعة في ضمن المأمومين مع النبي (صلى الله عليه وآله) فأخذ يقرأ مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصوت جاهر فبعد انتهاء الصلاة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أثقل لسان فنزلت الآية الشريفة
والمحصل ان المقدار المستفاد من الفاظ الآية الشريفة أو من بيانات الروايات لألفاظ الآية الشريفة هو ان ترك القراءة وترك الإجهار وترك إسماع الامام وحتى ترك إسماع المأموم هو أمر لازم وهذا لايعني ان أصل القراءة غير مشروعة ولو في النفس أو انه يسمع نفسه فقط فهذا أمرٌ مشروع وجائز
وعليه فان قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون بهذا اللحاظ وهذا هو المحصل من مفاد الآية الشريفة وهو السكوت الجارحي وليس السكوت الجانحي فالمراد به عدم مشاركة الامام
وحكي إجماع الطائفة على ندبية الانصات في هذه المسألة الاّ ابن حمزة حيث أوجب الإنصات وذهب الى اللزوم، وجاء في لسان العرب في الاستعمالات ان الانصات هو السكوت وقيل ان الإنصات هو الإصغاء الى الكلام أي السماع، وفي المقنعة في صلاة الجمعة وجوب الانصات عند قراءة الامام
وقال البعض ان لعلكم ترحمون مناسب للندب ولكنه اُشكل عليه ان لعلكم ترحمون في مقابل ان تعذبون أو قل هي حكمة الحكم

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo