< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التعارض

واما التعارض المستوعب وهو ما اذا كان بين الدليلين تباين بحيث اذا تقدم احدهما لا يبقى مجال للعمل بالدليل الاخر وهذا النوع من التعارض يقع الكلام فيه هل يمكن ان نرفع التعارض من بين الدليلين وما حكمه اذا تحقق والكلام يقع تارة في تنقيح الموضوع واخرى في الحكم

اما الاول : وهو تنقيح الموضوع فقيل انه يمكن ان يرفع التعارض ولا تصل النوبة الى اسقاط احد الدليلين بالرجوع الى القاعدة المعروفة الجمع مهما امكن اولى من الطرح واختلفوا في هذه القاعدة اختلاف كبية حتى ان البعض لم يسمها قاعدة وانما عبر عنها بالقضية والكلام يقع في هذه القضية او القاعدة من جهات :-

الجهة الاولى : في الدليل على هذه القضية استدل بالأجماع وهو قائم على ان الجمع بين الدليلين اولى من الطرح مهما امكن الى ذلك من سبيل هذا الاجماع صحيح ؟ اشكل عليه انه ليس من الاجماع التعبدي انما هو منقول مع ان قدماء الاصحاب لم يتطرقوا الى هذا الموضوع مع انه من الامور الابتلائية عندهم فالإجماع غير مقبول وهو غير تعبدي ولو فرض تمامية الاجماع فيتم في موارد الجمع المقبول كما بالنسبة الى المطلق والمقيد وبين العام والخاص الذي تقدم انه من الجمع المقبول فنقول ان مورد الاجماع هذا النحو من الجمع وليس الجميع وهذه الامور من مسلمات المحاورة ولا تحتاج الى اقامة دليل واجماع فهي يستدل بها ولا يستدل عليها

الدليل الثاني : قالوا ان في الطرح يكون طرح لدلالة اصلية وفي الجمع يكون طرح لبعض الدلالة أي الدلالة الفرعية فهي اما تضمنيه او الالتزامية والجمع اولى من الطرح مهما امكن بطرح جمع احدهما بطرح مدلول كل من الدليلين دون الدلالة بالكلية

ولكن يرد عليه اولا ان الطرح والاخذ بالمدلول تابع للأغراض العقلائية فان كان غرض يؤخذ بالدلالة الالتزامية او التضمنية وتطرح الاصلية واما ان لم يكن غرض عقلائي تطرح الدلالة مطلقا وهذه المقولة عين المدعى ونحتاج الى دليل لأثباتها ، وايضا قالوا الاصل في كل دليل الاخذ به الا ما يدل على سقوطه وفي المقام الجمع بين الدليلين اولى من الطرح فالأصل ان نأخذ بكل واحد منهما ولو جزء الدليل ولكن اورد عليه انه لا اصل لهذا الاصل وكليته لا اعتبار لها .

الجهة الثانية : ما المراد من قاعدة الجمع بين الدليلين اولى من الطرح فقد قيل في تفسير ذلك وجوه

الاول : ما ذكرناه الاخذ من جزء الدليل الاول وجزء من الدليل الاخر ونجمع بينهما وهذا المعنى هو المنصرف من قضية الجمع اولى من الطرح الانسباق الذهني الى هذا المعنى ومثال ذلك ما ورد ثمن العذرة سحت ولا بئس ببيع العذرة فهذه روايتان بينهما تعارض ويمكن رفع بالتصرف في الدلالة التضمنية في كل واحد منهما بان يراد من بيع العذرة لا بئس ببيعها المراد مأكول اللحم واما ثمن العذرة سحت يراد به ثمن عذرة غير مأكول اللحم فيجمع بينهما بهذا الجمع وهو الظاهر المنصرف ، ولكن يورد هذا التفسير بان دليله غير تام فان ادلتهم هي الاجماع والاصل الذي اعتمدوا عليه وهذه الادلة لا حجية لها فالأخذ بجزء الدليل مع شمول دليل الحجية لكل من الجزئيين اليس هذا ترجيح بلا مرجح لا اعتبار لهذا التفسير

الوجه الثاني : نجمع بينهما بالجمع العرفي وهو المراد من قضية الجمع اولى من الطرح والجمع تارة يكون بحسب الموضوع واخرى يكون بحسب الحكم فأما ان نجمع بينهما بالتصرف في موضوع كل واحد من الدليلين او نجمع بينهما بالتصرف في حكم الموضوع

اما تصرف الموضوع فكما في المثال المتقدم ثمن العذرة سحت ولا بأس ببيع العذرة ففي هذين الروايتين دلالتان احدهما تدل على قضية مهملة مستفادة من اسم الجنس ودلالة اخرى نستفيدها اطلاق الحكم في كل واحد منهما ولا ريب بان الدلالة الاطلاقية تستفاد من مقدمات الحكمة فلا ريب ولا اشكال عند تعارض الدلالة الوضعية مع الدلالة الاطلاقية تقدم الدلالة الوضعية على الاطلاقية فلابد من رفع اليد من كل هذين الاطلاقين من الروايتين المتقدمين فنرفع اليد عن اطلاق بيع العذرة ونرفع اليد عن اطلاق ثمن العذرة سحت ونتصرف بسبب الدلالة الوضعية في الاطلاق فنقول احدهما يراد منه خصوص عذرة مأكول اللحم ومن الثاني يراد به عذرة غير مأكول اللحم والنتيجة نقول لا بئس ببيع العذرة اذا كانت عذرة مأكول اللحم .

واما التصرف في الحكم كما اذا ورد دليل امر بوجوب شيء وورد دليل اخر يدل على الاباحة بالمعنى الاخص فيقع التعارض بينهما ولا اشكال في ان التعارض وقع من ناحية ان كل واحد له دلالة ظهور ودلالة نصية فالأمر بوجوب شيء يدل نصا على الالزام وظاهرا في الطلب والثاني انما يدل بظهوره على عدم الالزام وظهوره في الاباحة بالمعنى الاخص فنرفع اليد عن نص كل واحد منهما بظهور الاخر فنقول ان الامر في المقام يدل على الاستحباب وهو الجمع العرفي بينهما وهل هو صحيح بحيث نطبق القاعدة عليه ونقول الجمع مهما امكن اولى من الطرح فقد تقدم الكلام في التعارض الغير مستقر وفيه ان الجمع العرف يحتاج الى قرينة في البين والا لا يقبل فنجمع بينهما ونقول انه جمع عرفي .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo