< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التعارض

كان الكلام في سيرة العقلاء في الخبرين المتعارضين وسيرتهم قامت بانه حكم بالتخيير في الحجتين المتعارضتين وهذه السيرة قائمة على دعائم ثلاثة :-

الاولى : لا حجية فعلية في مورد المتعارضين ولا حجية لأحدهما بالخصوص وانما يكون حجية اقتضائية ولابد من ايصالها الى مرتبة الفعلية اذا كان هناك مرجح في البين وان لم يكن مرجح فالحكم هو التخيير وقلنا ان هذا الامر فطري لا يحتاج الى مؤونة زائدة وعلمنا بكذب احدهما يستلزم بقاء هذه الاحتمالات الثلاثة وبناء على الطريقية والكشف عن الواقع وليس في البين الا واقع واحد غير معلوم اما بناء على السببية فقد قلنا انها تارة تكون سببية باطلة كما يذهب له الاشاعرة والمعتزلة او سببية صحيحة كما يذهب اليه بعض الاصوليين من انه مصلحة سلوكية في مخالفة الامارة للواقع على كلا الوجهين في السببية فلا حجية فعلية في البين ولا حجية لأحدهما بالخصوص وانما تكون حجية اقتضائية والسر في ذلك لان في السببية فلا يوجد قائل بوجود مصلحتين سلوكيتين في الخبرين المتعارضين ولو قلنا بذلك لكان من باب التزاحم وليس من باب التعارض واما السببية الباطلة فلا حجية في البين لانه بطلان فلا فرق بان نقول ان الامارات وضعت على نحو الطريقية او على نحو السببية سواء كانت صحيحة او باطلة .

الثانية : ان العقلاء قالوا ان هناك حجية اقتضائية وهم يهتمون بإيصالها الى الحجة الفعلية وذلك بالتماس المرجحات مهما امكنهم اليه وليس له ضابطة انما تختلف من حيث الموارد ومن حيث الاشخاص .

الثالثة : بعد التحيير المطلق فلا وجود للمرجح ولا سبيل على ان نجعل الحجية الاقتضائية حجية فعلية بل هم بفطرتهم يحكمون بالتخيير وهو تخير عقلائي وربما يكون عقلي كما في موارد دوران الامر بين المحذورين .

كل تلك الامور من الوضوح بمكان لا يحتاج الى اقامة البرهان لان بعضها فطرية ارتكازية وقلنا انه لا فرق بين جميع موارد التعارض سواء كانا خبرين متعارضين او بينات متعارضة في الموضوعات او اقوال اللغوين في لفظ معين او اقوال المفسرين في تفسير اية ففي جميع هذه الموارد اذا تحقق التعارض بعلمنا بكذب احدهما وكان يترتب عليه اثر عملي فلابد ان نسير على هذه الدعائم الثلاثة التي هي مورد سيرة العقلاء في موارد التعارض وتوضيح هذا الامر يحتاج الى بيان امور :-

الامر الاول : اختلف علماء الاسلام في كيفية نصب الطرق الشرعية والامارات والادلة الشرعية هل هي منصوبة على نحو الطريقية والكشف عن الواقع ام انها منصوبة على نحو السببية والسببية لها انحاء يأتي بيانها وذكرنا في مبحث الحجج ان هناك نظريتان مهمتان احدهما نظرية الطريقية المحضة وثانيا نظرية السببية وهي تشعبت على انحاء ثلاثة اما النظرية الاولى فان الامارات والطرق والادلة الشرعية هي منصوبة على نحو الطريقية الى الواقع والكشف عنها بمعنى ان الواقع محفوظ وواحد ولا ريب ولا اشكال في ان هذا الوقاع يجب علينا امتثاله ان صادف الطريق الى الواقع واما ان خالف الواقع فالحكم عليه بمصلحة التسهيل وهذه النظرية هي المتفق عليها عن الامامية والظاهر من ادلة الطرق والامارات انها منصوبة وقد جعلت على نحو الطريقية المحضة والكشف عن الواقع

واما نظرية السببية فان الشارع قد جعل الامارات والطرق لتنفيذ الواقع فان صادفت الواقع فهو المتنجز عليه وان لم يصادف الواقع هناك مصلحة يوجدها التكليف في مورد العمل وعلى طبق هذا العمل ينشأ حكم عليه وقد اختلف الذي ذهبوا الى السببية في تصويرها وانحائها ثلاثة :-

الاول : نظرية المعتزلة بمعنى ان الشارع الاقدس جعل الطرق والامارات فان صادفت الوقاع فلا اشكال في ان الوقاع هو المتنجز عليه وان خالفت الواقع فان الامارة توجد مصلة فيها جديدة وهذه المصلحة تجد حكم جديد على طبقها وبناء على هذه النظرية يرجع الى العناوين الثانوية كما في الاضطرار تحدث مصلحة ويكون الحكم عليها ، ولكن هذا النحو من السببية باطل لانه يستلزم تغير الاحكام حسب تغير الواقع وقد اتفق الأمامية على ان الحكم الواقعي واحد لا يتغير ولا يتبدل كما في رواية (حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة) والفرق بين هذه الطريقة وبين نظرية الطريقية المحضة فان الطريقية صادفت الواقع ام لم تصادف فالحكم ثابت اما اذا حدثت مصلحة جديدة فمعناه ان هذه المصلحة توجب حكم جديد في البين ففي هذه الصورة هل حكم المتعارضين يختلف بالنسبة الى هاتين النظريتين ام ان الحكم واحد والظاهر ان الحكم واحد سواء قلنا بالنظرية المحضة او قلنا بنظرية المعتزلة بان الخبرين المتعارضين اذا قلنا بكذب احدهما فهناك حجة فعلية مفقودة لأحدهم وحجة اقتضائية لابد من ايصالها الى الحكم والتأثير فلا فرق بين الرأيين في حكم المتعارضين الا ان يقال بناء على الطريقية المحضة ان ملاك حجية الامارة لأجل كشفها عن الواقع وكونها طريق له فاذا سقط الملاك نرجع الى الحجة الاقتضائية ولابد من ايصالها الى مرحلة التأثير اما في مورد السببية فان ملاكها وجود المصلحة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo