< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التخصيص

قلنا ان التخصيص شائع في المحاورات وهو عبارة عن رفع اليد عن الاطلاق الثابت بالوضع وادوات العموم وهو يفيد لوجود دال على التخصيص وايضا يفيد خروج بعض الافراد عن حكم العام وان لم يكن بنظر تقيد العام وان ترتب على ذلك أي لم يكن في التخصيص والخاص حيثي النظر الى تقيد العام لكي نقول هناك استعمال للمجاز فلا يكون هناك حيثية النظر لتقيد العام وان ترتب عليه ذلك قهرا ، وما قلناه في التقيد يجري في التخصيص وقلنا ان المعنى العرفي واضح ولا اشكال فيه الا ان هناك خفاء في بعض موارد التخصيص فلذلك يقع الكلام في ضمن امور :-

الامر الاول : التخصيص المتصل ولا اشكال انه يقدم الخاص على العام لكونه قرينة على تعين مراد المتكلم وتحديد مرامه وقد ذكرنا ان العرف اعطى الحق لكل متكلم ان يجعل في كلامه ما يكون قرينة على تعين مرامه وبناءا على هذا لا فرق بين ان يكون التخصيص متصلا او منفصل الا ان هناك نوع من الخفاء في التخصيص المتصل ولذا قسموا التخصيص المتصل الى ثلاثة اقسام :-

القسم الاول : ان يكون الخاص مدخولا لأدوات العموم كما اذا قال اكرم كل عالم عادل، فان الخاص مدخول لأداة العام ايضا وهذا النوع من الوصف انه لا تنافي بين الخاص والعام بل ان المتكلم اعد كلامه قبل ورود اداة العموم عليه وجعل العام والخاص بمنزلة جملة واحدة وجعلهما مدخولان لأداة العموم .

القسم الثاني : ما اذا تعقب العام بالاستثناء كما اذا قال اكرم كل عالم الا الشعراء، ففي هذه الصورة دخلت اداة العموم ثم تعقبته جملة تدل على الاقتطاع من ذلك العموم بالاستثناء ففي هذا القسم ذكرنا ان الخاص قرينة والعام ذي القرينة والاستثناء في المقام قرينة على انه خرج تحت العام بعض الافراد عن حكمه الا ان هذه القرينية واضحة بالمعنى العرفي وان جملة الاستثناء قرينة على عدم ارادة العموم من لفظ كل عالم انما اريد منها خروج بعض الافراد عن حكمه ولكن ذهب بعض الاصوليين في المقام من ان جملة اكرم كل عالم الا الشعراء انما تدل على ثلاثة دلالات :-

الدلالة الاولى : دلالة الجملة المستثنى منه على العموم اكرم كل عالم

الدلالة الثانية : دلالة المستثنى على اقتطاع جزء عن ذلك العام الا الشعراء

الدلالة الثالثة : هي السياق الذي استفيد من تعقب المستثنى منه بالمستثنى استفيد على انه تخصيص على ذلك العام وهي دلالة سياقية ادت الى ظهور معنى جديد لهذه الجملة وقد استقر بالذهن على انه تخصيص، ولكن هذا يحتاج الى امعان النظر فيه ان المحاورات مبنية على التواضع العرفي فان العرف يرى ان المستثنى قرينة على التصرف في المستثنى منه ولا يفرق بين ان تكون الدلالة سياقية او غير سياقية لان الاستثناء بمنزلة القرينة وهي تدل على التصرف بذي القرينة بما لا يوجب سقوط ذي القرينة عن ظهوره فالعام يبقى على عمومه في الباقي ولم يكن خارج عن عمومه ويكون استعماله مجازي في الباقي

القسم الثالث : ما اذا كان هناك جملة مستقلة كما اذا قال لا يجب اكرام كل عالم ثم قال اكرم الفقيه فجملة لا يجب اكرام كل عالم جملة مستقلة وثم جملة اخرى اكرم الفقيه فاذا نسبناها الى الجملة الاولى تكون النسبة بينهما العام والخاص، وهنا وقع الكلام في ان الجملة الثانية التي تدل على التخصيص ما هو الوجه في جعلها مخصصه للجملة الاولى؟ فان المسألة لما بنيناها في التخصيص على القرينة وذي القرينة فان التخصيص قرينة لا يفرق بين ان تكون القرينة متصلة بالجملة على نحو الوصف او تكون متصلة على نحو الاستثناء او تكون على نحو الجملة المستقلة لكن متصلة بالجملة الاولى فلا يفرق بين الاقسام الثلاثة الا ان الاصوليين استشكلوا على هذا القسم من ناحيتين هل ان هذه الجملة الثانية تتقدم على الاولى وتخصصها وما وجه ذلك ، ثم اذا وجدنا الوجه الفني لذلك هل ان العام يبقى على عمومه في الباقي ام يسقط عن العموم فهنا سؤالان في المقام ولهم في ذلك عدة محاولات ذكرناها في بحث العام والخاص

المحاولة الاولى : ما ذهب اليه جمع من تقديم الجملة الثانية من باب تخصيص الاظهرية على الظاهر والاقوائية من باب الاقوى دلالة وبما ان الخاص اقوى دلالة من العام واظهر منه فيتقدم الخاص على العام فنخصص العموم ونخرج هذا الحكم من العام ولكن اشكل عليه من ناحيتين

الاولى : انه ليس دائما ان تكون جملة الخاص اقوى واظهر دلالة من العام اذ ربما ينعكس الامر فيكون العام اقوى دلالة من الخاص فهل يتقدم الخاص على العام مع ان العام اقوى من الخاص واظهر ففي المثال المتقدم لا يجب اكرام كل عالم فهنا اداة عموم وفي الجملة الثانية اكرم الفقية وقد ذكرنا انهم قالوا ان دلالة الامر على الوجوب تدل بالإطلاق وثبوت مقدمات الحكمة ولا ريب ان العام دلالته وضعية ودلالة الثاني اطلاقيه وغير صحيح ان نقدم الدلالة الاطلاقيه التي هي اضعف على الدلالة الوضعية التي هي اقوى ففي المثال لابد ان نحمل هذا على الاستحباب ولو لم نقل بالاستحباب لاستلزم تقديم الاضعف

الثانية : وعلى فرض التنزل وقبلنا ذلك فنقدم الخاص على العام ولو كان اضعف الا انه لا يحل المشكلة الثانية وهي هل ان العام يبقى على عمومه في الباقي ام انه انثلم عمومه فاستعماله في الباقي يكون مجازا ولكن ذهب بعض الاصوليين في المقام الى تعدد الدلالات وهو ما ذهب اليه الشيخ الانصاري رحمه الله وفسر كلامه بتفسيرات والمراد من تعدد الدلالات ان العام يدل على العموم وداخل تحته كل فرد ضمنا فلاحظ المتكلم افراد هذا العموم كل فرد ضمنا فاذا خرج بعض الافراد بالتخصيص لا يضر ان يكون بقية الافراد داخلة ضمنا تحت ذلك العام فيكون العام استعماله في الباقي بالدلالة الضمنية ، وفسر كلام الشيخ رحمه قالوا ان مراده الدلالة التصديقية الاستعمالية فان المتكلم لما يتكلم يريد اخطار هذا المعنى في ذهن السامع وقد استعمل هذا اللفظ في ذلك المعنى والذي يخطر في ذهن السامع ان العام استغراقي فلو اخرج بعض الافراد عن الدلالة الاستعمالية بالتخصيص فمعناه استعمل اللفظ في غير ما وضع له فيكون استعمال مجازي .

ثم حاول المحقق الخراساني ومن تبعه تباين ان المراد من كلام الشيخ الانصاري الدلالة التصديقية الجدية وليست الاستعمالية أي ان المتكلم لما تكلم بلفظ عام كل فرد هو مقصود من افراد هذا العام بالجدية فلو اخرج بعض الافراد عن حكم هذا العام بالتخصيص تبقى الدلالات الجدية بالنسبة للباقي فلا يكون استعمال في غير ما وضع له، لكن اعترض على هذا التوجيه بانه صحيح في العام الاستغراقي الشامل للأفراد اما العام المجموعي فليست فيه دلالة تصديقية متعددة بتعدد الافراد انما هي دلالة تصديقية واحدة فاذا وجهنا كلام الشيخ الانصاري بما قالوه المحقق الخراساني فيستلزم خروج العموم المجموعي اذ ليست فيه دلالة تصديقية متعددة انما لو دلالة واحدة وهي المجموع بما هو مجموع

ولكن الجواب عن ذلك اننا لو خرجنا عن المحاورة العرفية والمواضعات العرفية في المحاورات وبنينا الدقة في ذلك فيكون كلام المحقق الانصاري صحيح ولكن لو نظرنا العرف في المقام فانهم يرون قرينة تدل على التصرف في مراد المتكلم من جملة اخرى فلا فرق عندهم بين ان يكون ذي القرينة عام استغراقي او يكون العام مجموعي خرج بعض الافراد عنه العرف هو المتقدم في المقام لان المحاورات مبنيه عليه وليست على الدقيات العقلية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo