< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مرجحات باب التزاحم

ذكرنا ان القدرة الشرعية لها معاني وقد اخترنا ما هو المناسب الى الفهم العرفي وهي تلك القدرة الخاصة التي اخذها الشارع الاقدس في سبيل تهيأت اسباب العمل لإتيانه ومباشرة المكلف له ومقابل القدرة العقلية التي هي التمكن من اتيان الفعل مقابل العجز، فما ذكره بعض الاصوليين لا سيما السيد الصدر قده في معاني القدرة من ان للقدرة معاني ثلاثة احدها مقابل العجز التكويني الاضطراري ثانيها مقابل العجز مطلقا ثالثها القدرة المساوقة لعدم التمكن التكويني وعدم التمكن المولوي، وهذه فروض عقلية الا ان الاحتمال الاخير هو الانسب للعرف .

ثم ذكروا تارة يبحث في مورد الشك من ناحية الاصول وما تقتضية تلك الاصول واخرى يبحث من ناحية القواعد وما يقتضية الاطلاق اذ ان هذه القدرة الخاصة قيد زائد في الدليل وان لم تكن في لسان الدليل ان كل حكم وخطاب شرعي يشترط تشترط فيه القدرة العقلية مقابل العجز التكويني .

وقلنا ان صور الشك تارة يشك في كلا الخطابين اخذ فيهما القدرة الشرعية او لا، وتارة يعلم احدهما اخذ القدرة الشرعية واخرى اخذ القدرة العقلية، وتارة عكس الصورة الثانية، وهذه صور الشك التي ذكرناها بالنسبة الى الاصول العملية والمجرى فيها اصالة البراءة اذ القدرة الشرعية قيد زائد يحتاج الى ثبات واثبات ان شككنا في ثبوت هذه القدرة نرجع الى البراءة وان ذهب بعضهم الى سعة التكليف وعدمه فان هذا وجه اخر والا فمقتضى البراءة هو عدم وجود القيد ان شككنا به اذ يحتاج الى مؤونة وبيان زائد نعم ان ارجعناه الى سعة التكليف فلا بأس .

اما بالنسبة الى القواعد واطلاقات الادلة فقد ذكرنا ان في هذه الصورة الثلاثة بناءً على ان المراد من القدرة الشرعية هي القدرة الخاصة التي يأخذها الشارع الاقدس في سبيل تهيأت العمل ومباشرة المكلف لهذا العمل فهذه القدرة الخاصة تحتاج الى بيان من الشارع الاقدس فان شككنا في مثل وجود هذا البيان فالمرجع اطلاق الخطاب، ففي جميع هذه الصور ان شككنا ان هذه القدرة عقلية ام شرعية في كلا الخطابين او في احدهما فان المرجع في هذا اطلاق دليل ذلك الخطاب اذ ان القدرة بالمعنى العرفي الذي اخترناه هي القدرة الخاصة وهي تحتاج الى مؤونة وبيان زائد من قبل الشارع فاذا شككنا فالمرجع الاطلاق كما هو شأن جميع القيود المشكوكة في التكاليف .

الا ان بعض الاصوليين احب ان يفصل الكلام في المقام وخلاصة ما يريد ما يذكره هو على جميع الصورة الثلاثة قال ان هناك حالات ثلاثة :

الحالة الاولى : ما اذا كان المراد من القدرة المعنى الثالث في القول الثاني وهو ما اذا كانت القدرة مساوقة لعجز التكويني او المولوي فقد ذكرنا هناك لابد ان يكون قيد لبي في حال عدم اشتغاله بالضد الاخر فان هذا القيد ان كان المكلف لم يشتغل بالضد الواجب الاخر فهو قادر على التكليف فلابد من اتيانه واما اذا اشتغل بالضد الاخر فهو عجز مولوي بسبب هذا القيد اللبي فيتعين ان يكون قدرة عقلية فمن اشتغل بالضد الواجب فهو غير قادر على اتيان التكليف شرعا اذ ان هذا عجز مولوي، وبناءً على ذ التفسير الذي ذكروه للقدرة فان القيد اللبي الذي ذكروه يحتاج الى بيان فان شككنا في وجود مثل هذا القيد اللبي فالمرجع الى اطلاق دليل الخطاب فيكون الطرف الاخر فعلي ومتنجز عليه فيجب امتثاله كما لو عارض الحج نذر او عهد ونحوهما فيمكن تقديم الحج ولو كان النذر والعهد قبل الاستطاعة والوجه الفني يرجع الى هذا الامر .

الحالة الثانية : لو اخذ في كلا الخطابين القدرة الشرعية او لم يؤخذ في شيء منهما ففي هذه الصورة لا يوجد عندنا اطلاق لنتمسك فيه فحكموا بالتخيير ولا يمكن الرجوع الى اطلاق القواعد فلابد ان نرجع الى الاصول العملية ففي هذه الحالة لو لم يكن في الخطابين شيء من القدرة الشرعية او كان في كلا الخطابين قد اخذ فيهما القدرة الشرعية، وقد ذكرنا ان الاصول العملية تقتضي البراءة اذ يرجع الشك الى سعة التكليف وعدم السعة والمرجع في مثل ذلك البراءة او نرجع الى ما ذكرناه من ان القدرة الشرعية قدرة خاصة تحتاج الى بيان ومؤونة زائد فالمرجع البراءة .

الحالة الثالثة : ما اذا كان احدهما اخذت فيه القدرة الشرعية ولم يؤخذ في الثانية القدرة الشرعية ففي مثل هذه الحالة قالوا ما اخذ فيه القدرة الشرعية واعطوا قاعدة كلما اخذ في دليل الخطاب القدرة انما تكون قدرة شرعية فاذا كانت كذلك تزاحمت مع دليل اخر لم تؤخذ في لسانه دليلها القدرة فتتزاحم وهنا حكمان فعلى الثاني يقدم الخطاب الاخر على الذي اخذت فيه القدرة واستدل عليه بوجهين :

الوجه الاول : اطلاق المدلول الالتزامي فان الخطاب له مدلول مطابقي وهو الدلالة على الحكم والتكليف ومدلول التزامي وهو الدلالة على وجود ملاك في البين فالمدلول المطابقي يدل على ان كل تكليف يتنجز على المكلف اذا لم يكن عاجزا ولكن المدلول الالتزامي لم يقيد بمثل هذا القيد فيبقى اطلاق الملاك فعند التزاحم بين القدرتين نرجع الى القدرة العقلية لوجود الملاك فيه

اشكل عليه بان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية ذاتا وحجيةً فاذا سقطت الدلالة المطابقية او قيد حينئذ تسقط الدلالة الالتزامية فلا دليل على وجود الملاك حتى مع العجز في الالتزامية ؟

ولكن هذا الاشكال ممنوع صغرى وكبرى فصحيح ان الدلالة الالتزامية متلازمة مع الدلالة المطابقية في الوجود فاذا سقطت الدلالة المطابقية ذاتا تسقط الدلالة الالتزامية ولكن ليست دائما تابعة للدلالة المطابقية في الحجية دائما فليس الامر كذلك فكبرى وصغرى غير تام

الوجه الثاني : ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله ان للخطاب محمولان احدهما يدل على الحكم والتكليف في البين والاخر الملاك فاذا سقط احد المحمولين في الحكم يبقى المحمول الثاني على حاله فالتكليف باقي ويدل على انها قدرة عقلية فعلية الحكم ويجب عليه امتثاله ففي صورة التكليف بالقدرة الشرعية يسقط الخطاب لسقوط الملاك وفي صورة القدرة العقلية الحكم فعلي ومنجز لوجود الملاك وان سقط الخطاب .

الا ان هذا خلاف الفهم العرفي فان لما يلقى عليه مادة للخطاب فلا يفهم الا الحكم اما ان هذه المادة لها محمولان محمول يدل على التكليف والحكم وملاك اخر يدل على الملاك فبعيد عن الفهم العرفي الا ان الملازمة موجودة فقد ذكرنا ان الحكم الشرعي تابع لملاك ومصالح واقعية فاذا سقط الحكم في مورد لأجل عذر من الاعذار فما هو الدليل على سقوط الملاك ؟ الا ما ذكرناه من ان هناك تابعية للدلالة الالتزامية الى الدلالة المطابقية وقلنا انها ممنوعة صغرى وكبرى فما قاله النائيني بحسب الدقة يمكن القول بالصحة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo