< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التعارض

ذكرنا في التمهيد بعض المصطلحات التي تستعمل في كتاب التعارض والتراجيح كالجمع العرفي ومقابله الجمع التبرعي وهناك قاعدة ذكروها في هذا الباب وهو الجمع مهما امكن اولى من الطرح

والجمع التبرعي هو مالم يقم على الجمع بين الدليلين أي قرينه تدل على التصرف بين المتعارضين وذكرنا انهم لا يعتبرون مثل هذا الجمع بل يعتبرونه لغو وباطل .

اما الجمع العرفي هو ما اذا كان بين الادلة تعارض ويمكن التصرف في احدهما او كلاهما بحيث اذا عرض مثل هذا الدليل على المتصرف لحكموا بعدم تعارض الدليلين ومثل هذا التصرف لابد له من قرينة لانه بدونها لا يكون جمع عرفي، والقرينة اما الاظهرية والظاهرية او التخصيص والتخصص والحكومة والورود وهي ما تقدم سابقا وسيأتي ان هذا الجمع مورد خلاف في الدخول في التعريف .

ويقع هذا البحث في ضمن ابواب وكل باب له فصول

الباب الاول : التعارض وفيه فصول:-

الفصل الاول : معنى التعارض فان معناه اللغوي وهو من باب العرض بفتح العين وسكون الراء أي ما يعترض شيء مقابل شيئا ومنه اردت السفر فعرض علي مانع أي اعترضني ومنه الاعتراض على الكلام أي يمنعه من الكلام ومنه الاستعمالات العرفية، وله معنى اخر جعل شيء مقابل شيء اخر سواء كان الشيئان متماثلان فتكون للمباراة مثل ما يقال عارض شعر المتنبي أي جعله مثله او كانا متضادين متناقضين وهو البحث الذي نبحثه في المقام

يستفاد من هذا ان اللفظ اللفاظ مشتركة ولكن الصحيح ان مادة عرض دالة على جعل شيء مقابل شيء الخر سواء كان بملاك المنع او بملاك التقابل والتضاد او بملاك المباراة فكثير من الالفاظ المشتركة اذا راجعناها فهي مجعولة لشيء معين ولدعاوي معينه صار مشترك الى معاني متعددة وهو السر في المشترك والمقام من هذا القبيل، ولا اشكال في ان التعارض من التفاعل فلابد ان يكون بين اثنين

اما المعنى الاصطلاحي فذكروا له تعاريف متعددة منها تعريف المشهور وهو ما ذكره الشيخ الانصاري رحمه الله قال ان التعارض تنافي مدلول الدليلين على وجه التناقض او التضاد

واما تعريف المتأخرين تبعا للمحقق الخراساني قال ان تنافي الدليلين بحسب مقام الدلالة والاثبات على وجه التناقض او التضاد

فكلاهما مشتركان على ان التنافي لابد ان يكون على وجه التناقض والتضاد واختلفوا مع تعريف المشهور انه جعل التنافي بين الدلالتين ومقام الاثبات لا بين المدلولين وذلك لإخراج موارد الجمع العرفي عن تعريف المشهور ولذلك اعترضوا عليه انه يشمل موارد الجمع العرفي فأرادوا اخراج الجمع العرفي بهذه الطريقة

ولكن المحقق النائيني انتصر لتعريف المشهور واورد على استاذه بإيرادات كثيرة واوضح السيد الخوئي كلام استاذه بتفصيل مذكور في تقريراته، وان موارد الجمع العرفي الذي يعتبره العرف جمع وتصرف في الدليلين بحيث يرفع التعارض بينهما لابد ان يكون قرينة اما ان تكون الاظهرية والظاهرية او التخصيص والتخصص او الحكومة والورود وسيأتي في ان قرينة الورود هل ترفع التعارض او لا

ثم اتى السيد الصدر رحمه الله واستشكل وقال ان عمدة النزاع بين تعريف المشهور وبين تعريف المحقق الخراساني وما اورده المحقق النائيني يرجع الى ثلاثة نقاط :-

الاولى : انهم يتفقون على اخراج موارد الجمع العرفي عن تعريف المشهور ولكن كل واحد بحسب سبيله

الثانية : ان المحقق الخراساني لا يرى التنافي بين المدلولين وبين الدلالتين لما سيأتي هل ان الدلالة والمدلول شيئان مختلفان و شيء واحد

الثالثة : قالوا هل ان موارد الجمع العرفي هو تنافي بين المدلولين او تنافي بين الدلالتين فان كان بين المدلولين يشمله تعريف الشيخ الانصاري وان كان التنافي بين الدلالتين فلا يشمله

التعريف الثالث ما ذكره السيد الصدر رحمه الله وهو مبني على الاختلاف بين مرحلة الجعل ومرحلة المجعول فقال ان التعارض هو تنافي مدلول الدليلين في مرحلة المجعول لا في مرحلة الجعل

وهذا تفصيل لا طائل تحته اذ ان تعريف المشهور يكفي فانه اشتمل على كلمة الدليل والمدلول والتنافي، ولا ريب في ان المراد من الدليل هو ما يمكن التوصل به علمي او ظني معتبر بصحيح النظر فيه الى مطلوب خبري كوجوب الصلاة وحرمة الغناء، ولكن لما يأتي الاصوليون في مقام العمل يقولون ما يمكن الاعتماد عليه يسمى دليلا في معرفة الاحكام الشرعية وموضوعاتها ، ولا فرق في هذا الدليل الذي يكون بالنسبة الى معرفة الاحكام الشرعية وموضوعاتها بان يكون دليل فقاهتي او اجتهادي

ولا ريب في ان الدليل تارة له نسبة الى الجاعل وتارة له نسبة الى ما يتضمن هذا الدليل ويسمى مدلول فالدليل واسطة بين الجاعل والمجعول وقد عرفت الدلالة هي ما يحصل به العلم كما ذكره المحقق الطوسي في شرح التجريد، فحينئذ نزاع هل ان الدلالة والمدلول متلازمان ما يطرأ على المدلول يطرأ على الدلالة او انه لا تلازم بينهما وسيأتي التفصيل

ثم نأتي لكلمة التنافي ولابد ان يكون على وجه التناقض والتضاد والا لا يشمله التعريف اذ ان كل دليل مع دليل اخر اذا كان بينهم نوع من التصرف يسمى تنافي بينهما ، ولا فرق بين ان يكون التنافي بين دليلين ذاتي كما لو ان الدليل يدل على وجوب شيء والثاني يدل على نفي الوجوب فهذا تنافي ذاتي، وتارة يكون التنافي حكمي بينهم كما في موارد نفس الدليل الواحد اذا عرض في مورد ومع مورد اخر يكون بينهم تنافي يحصل من الدليل الواحد كما ذكرنا في قاعدة لا ضرر في ما لو اراد حفر بالوعة في بيته والجار يتضرر منها وان لم يحفرها هو يتضرر تشمل كلا الموردين .

فهل التعريف يشمل موارد الجمع العرفي او لا وذكرنا ان كلمة الادلة في تعريف الخراساني مستدرك اذ المراد من الدليلين ما يشمل المتعدد سواء كان اثنين او اكثر فلذلك تعريف المشهور من هذه الجهة اوجه من تعريف المحقق الخراساني .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo