< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ والتجاوز هما قاعدة واحدة ؟

المبحث السادس : هو اعتبار الدخول في الغير بمقتضى الحديث الشريف (كلما خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء) [1] ما هو المراد بالدخول بالغير ، فلا ريب ولا اشكال عدم اعتبار الدخول في الغير في قاعدة الفراغ وهي ان المكلف اذا كان باني على اتمام العمل والخروج منه كافي في اجراء قاعدة الفراغ ولم يقل احد من الفقهاء بانه يعتبر في جريان قاعدة الفراغ الدخول في عمل اخر انما الكلام في قاعدة التجاوز التي قلنا بجريانها اثناء العمل وهو مراد الحديث الشريف

استدل السيد الوالد رحمه الله بظهور التسالم على ذلك وان عدم اعتبار الدخول في الغير مقتضى الاصل وهو مقتضى الاطلاق ايضا فان بعض الاخبار الواردة في المقام لها من الاطلاق ما يشمل قبل الدخول في العمل وتفصيل الكلام في هذا تارة يقع من حيث المقتضي أي ان القاعدة تجري وان لم يدخل في الغير لعموم بعض الروايات وتارة نبحث من حيث الوجود المانع

اما الاولى : فقد استدل بروايتين في المقام تدلان على عدم اعتبار الدخول في الغير منها قوله عليه السلام (كلما شككت في شيء مما مضى فأمضه كما هو) [2] وعموم هذا ما اذا داخل في الغير او لم يكن داخل ومنها رواية اخرى (كلما مضى من صلاتك وطهورك فتذكرته تذكرا فأمضه ولا اعادة عليك) ايضا له من العموم ما يشمل سواء كان دخول في الغير او لا ومنها وراية ابن ابي يعفور فهذه الروايات ما لهما من الاطلاق والعموم ما يشمل الدخول في الغير او لا مجرد تحقق قاعدة الفراغ ، الا انه استشكل على التمسك بهذا الاطلاق والعموم من جهات :-

الجهة الاولى : ان هذه الاطلاقات والعموم لها قدر متيقن في البين وهو الدخول في الغير والفرض النادر مالم يكن له دخول في البين فلذلك نأخذ بالقدر المتيقن ونترك النادر ، لكن يرد عليه اننا ذكرنا مرارا ان القدر المتيقن لا يوجب تقيد الاطلاق اذا كان له اطلاق الا ان هذا المطلب اذا تم في الاطلاق لكن في العموم لم يقل احد بان القدر المتيقن يخصص العموم فالروايات بعضها في اطلاق وبعضها فيه عموم فهذا الاشكال غير وارد .

الجهة الثانية : ان هناك غالب وفرد نادر والفرد الغالب هو الذي يدخل في الغير والنادر لم يكن له دخول في الغير والغالب هو الذي يؤخذ في الكلام فهذه الروايات تنصرف الى الغالب وهو الدخول في الغير واما النادر لا يؤخذ به وبذلك نقيد الاطلاق والعموم ، لكن ذكرنا سابقا ان الفرد الغالب لا يوجب تخصيص ابدا ولا تقيد ولذلك ان العلماء يتمسكون بالإطلاق والعموم في جميع الموارد ولو كان هناك فرد غالب .

الجهة الثالثة : ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله ان الماهية على قسمين فتطلق تارة على الافراد على حد سواء من دون تفاوت في البين كلفظ الماء فهو يطلق على جميع المياه سواء ماء النهر او ماء البحر او البئر وفي هذه الصورة نتمسك بالإطلاق وهناك قسم اخر هي ماهية تشكيكيه تطلق على بعض الافراد ولم تطلق على البعض الاخر كلفظ الحيوان فان منصرفة هذا المعنى ولم يكن تقيد في اللغة لانه شامل للإنسان او غيره اما بحسب العرف فان كلمة الحيوان تطلق على غير الانسان ولذلك اذا اطلاق على فرد من الانسان فانه يستنكر والمقام من هذا القبيل هناك فرد وهو الدخول في الغير وطرف اخر عدم الدخول في الغير فان الفراغ من الصلاة ماهية لها فردان فرد الدخول في الغير وفرد عدم الدخول في الغير ولكن هذه الماهية تشكيكه يصدق الفراغ عند العرف على الدخول في الغير واما الفرد الذي لم يطلق عليه فلا يشمله الاطلاق وهذا ما ذكره النائيني

الا ان الاشكال في هذا واضح فما ذكره رحمه الله في الماهيات في غير عالم الالفاظ اما في عالم الألفاظ نرجع الى الظهور والاظهرية فلو كان لفظ ظاهر في فرد واظهر في فرد اخر حينئذ يتمسكون في العموم وان كان ظاهر واظهر لان له من العموم ما يشمل الاظهر والظاهر ومن هنا قالوا نتمسك بلفظ الدابة في لفظ الآية الشريفة ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ[3] فتمسكوا بلفظ الدابة حيث انه يشمل الانسان وغيره ولذلك ورد في تفسيرها انه الامام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ان كان في الخارج ان الدابة تطلق على الحيوان ذات الاربعة هذا في الاستعمال الخارجي وهو ليس له ضابطة في الظهور والاظهر فانه يختلف الاستعمال بحسب الاعصار والامصار ففي زمان لعه يختص لفظ بشيء لا يختص به في زمان اخر فنتمسك بالعموم في كليهما ولا نخصصه في الظهور والاظهرية .

واما المانع فهناك روايات ثلاثة تدل على التقيد وتخصيص العموم والروايات هي معتبرة اسماعيل ابن جابر (كلما شككت في شيء مما جاوزته ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء) اذا كان في موثقة ابن ابي يعفور له من الاطلاق نقيده بهذه المعتبرة ومنها ذيل معتبرة ابن ابي يعفور (اذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء انما الشك اذا كنت في شيء لم تجزه) فنقيد بهذه الرواية اطلاق وعموم ما تقدم ومنها قوله عليه السلام في الصحيح (اذا قمت من الوضوء وفرغت عنه وقد دخلت في حالة اخرى من صلاة او غيرها فشكك في بعض ما اوجب الله عليك لا شيء عليك) فحينئذ اعتبر الدخول في الغير في جريان قاعدة الفراغ وهذه الروايات صريحة في اعتبار الدخول في الغير فان تم اطلاقها او العموم فيها فلابد من تقيد والتخصيص ولكن هل هذه الروايات توجب التخصيص والتقيد يأتي الكلام فيها .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo