< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/02/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ والتجاوز هما قاعدة واحدة ؟

تقدم الكلام في الروايات الدالة على القاعدتين ولم يرد فيها لفظ الجزء لكي نتمسك به ونقول له عموم يشمل المحل الشرعي والمحل العادي انما الوارد في الروايات الخروج والمضي والتجاوز وهذا يختص بالمحل الشرعي ولا يشمل العادي فلا يمكن الرجوع الى ذلك بل ان الشارع الاقدس طبق هذه الكبرى في موارد خاصة في الصلاة مما يستفاد ان هذا التطبيق نفس الكبرى المنطبقة عليها

فقد يقال هنا وان لم يحتج الى الاضمار والتقدير لكن لابد من التقدير هنا بكلمة (محل) بالدلالة الاقتضائية صونا للكلام من اللغوية كما في قوله تعالى (واسأل القرية)[1] فان دلالة الاقتضاء تحتاج الى تقدير كلمة (اهل) لكي يكون صون للكلام عن اللغوية والكلام مثل هذا فلابد من تقدير كلمة محل بدلالة الاقتضاء

ويجاب عنه اولا لا نحتاج الى التقدير في المقام لما عرفتم ان كل عمل مركب تدريجي فيه ترتيب شرعي فلكل جزء فيه محل شرعي لا يجوز تقديمه ولا تأخيره فكما يصدق المضي على الجزء الذي خرج عن محله يصدق على كل العمل ولهذا قلنا ان الفراغ والتجاوز يرجعان الى قاعدة واحدة وهو المضي وعلى فرض التنزل وقلنا ان دلالة الاقتضاء تقتضي ان نضمر هنا كلمة (محل) ونقول المضي عن محل الجزء والتجاوز عن محل الجزء وان قلنا صحيح لكن المحل في المقام مختص بالمحل الشرعي لان صحيح زرارة التي ورد فيها رجل شك في الاذان بعد ما دخل في الاقامة قال يمضي الخ ثم قال يا زرارة اذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فليس شكك بشيء والمستفاد من هذه الكبرى تطبيق الاجزاء التي ليس لها محل شرعي فلو اقتضى الامر ان نقدر كلمة المحل فنقول المراد من المحل هو المحل الشرعي لتطبيق هذه الكبرى في هذه الصغريات ولم يطبقها سلام الله عليه في غير هذه الموارد .

كما انهم قالوا لو الحقنا المحل العادي بالمحل الشرعي يستلزم تأسيس فقه جديد فان كان لكل شخص عادة معينة وهذه العادة اذا خرج من محلها وشك بإتيان ذلك العمل يرجع الى قاعدة التجاوز هذا يستلزم فقه جديد ، ولكن هذه المقولة قد يستدل فيها في كثير من الموارد ولكن ليس لها ضابطة كلية فان كل شخص يرى ان هذا فقه جديد فان دل عليها الدليل نقبلها والا فلا نقبلها الا ان هنا وجهان يمكن التمسك بهما لألحاق المحل العادي بالمحل الشرعي :-

الوجه الاول : الامتنانية والتسهيل في الشريعة المقدسة وقاعدة الفراغ من القواعد الامتنانية بمقتضى الامتنان نلحق المحل العادي بالمحل الشرعي لا سيما اذا كان المحل العادي مما ندب اليه الشارع كما في مثال الوضوء فان الشارع ندب الى البقاء على الوضوء

الوجه الثاني : التنزيل فهنا وان كانت الروايات وردة في المحل الشرعي حيث طبق الامام تلك القاعدة الكلية على الصغريات في صحيحة زرارة ثم قال الكبرى اذا خرجت من شيء ودخلت في شيء فشكك ليس بشيء فمعناه ان هذا في الاجزاء الا انه يمكن ان نعمم هذا المحل الشرعي وننزل المحل العادي منزلة المحل الشرعي اذا كان المحل العادي مما ندب اليه الشارع وهذا التنزيل اقرب الى الاذهان مما ذكره المحقق النائيني من ان التنزيل يختص بالمحل الشرعي وهذا التنزيل فيختص بخصوص المحل الشرعي ولا يشمل غيره.

ولكن قلنا سابقا ان المضي والتجاوز والخروج كل واحد له اطلاقان الاول هو الخروج عن نفس الشيء والثاني الخروج والمضي عن الشيء باعتبار محله الشرعي الذي عينه الشارع الاقدس واطلاق التجاوز على القسمين اطلاق حقيقي ولا يحتاج الى ارتكاب مجاز ولا اضمار ولا تقدير ولكن التنزيل الذي ذكرناه ان المحل العادي ننزله منزلة المحل الشرعي بعموم الامتنانية والتسهيل وهذا الذي ذكرناه يمكن القول به لكن ذهاب المشهور الى اختصاص المحل بالمحل الشرعي وتنزيل العادي منزلة الشرعي يحتاج الى قرينة والاحتياط هو الاختصار على المحل الشرعي ولا يشمل العادي .

المبحث السادس : هو اعتبار الدخول في الغير بمقتضى الحديث الشريف (كلما خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء) ما هو المراد بالدخول بالغير ، فلا ريب ولا اشكال عدم اعتبار الدخول في الغير في قاعدة الفراغ وهي ان المكلف اذا كان باني على اتمام العمل والخروج منه كافي في اجراء قاعدة الفراغ ولم يقل احد من الفقهاء بانه يعتبر في جريان قاعدة الفراغ الدخول في علم اخر انما الكلام في قاعدة التجاوز التي قلنا بجريانها اثناء العمل وهو مراد الحديث الشريف .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo