< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تتمة الكلام : هل هما قاعدتان أو قاعدة واحدة ؟
حيث كان مجرى قاعدة الفراغ بعد العمل وكان مجرى قاعدة التجاوز أثناء العمل اعتبرهما بعض الأعلام قاعدتين لا قاعدة واحدة.
وكذلك شمول قاعدة الفراغ لكل أبواب الفقه عبادات ومعاملات وعدم شمول قاعدة التجاوز لكل الأبواب لخروج الطهارات الثلاث لذا كانتا قاعدتين لا قاعدة واحدة.
واستدل على كونهما قاعدتين كما مضى بأمور ثلاثة :
الأول : تعدد اللحاظ حيث تعبدنا الشارع في قاعدة الفراغ بمفاد كان الناقصة أي أن الشيء موجود ولكن تعبدنا الشارع بصحته.
أما في قاعدة التجاوز فقد تعبدنا بمفاد كان التامة أي أن الشيء غير موجود ولكن الشارع تعبدنا بوجوده.
وقد ذهب الشيخ الأنصاري إلى إمكانية جمعهما في كلية واحدة وهي : العمل الصحيح موجود بحيث يرجع القيد بالصحة للموضوع وأما المحمول فهو مطلق الوجود فلا يكون مفاد كان الناقصة الذي تعني وجود العمل لكن الشك يكون في صحته بل الصحة قيد في الموضوع كما يرى الشيخ الأنصاري فكأنك تقول هذا العمل الصحيح قد وجد . وقد مضى اشكالات الشيخ النائيني الثلاثة على الشيخ الأنصاري :
الأول : من أن هذا خلاف ظاهر النص.
الثاني : وجود كلي وطبيعي العمل الصحيح لا يكفي لصحة العمل إذ المطلوب صحة العمل الخارجي لا صحة طبيعي العمل.
الثالث : وأن لحاظ قاعدة الفراغ النظر إلى كلية الشيء ولحاظ قاعدة التجاوز النظر إلى جزئية الشيء ولا يمكن أن يجتمع اللحاظان إلا بالقول بوضع اللفظ لمعنيين.
لكن الجواب عن هذه الايرادات الثلاثة واضح :
فما ذكره من الايراد الأول - وإن اعتبره بعضهم متينا - وهو أن ظاهر النصوص في القاعدتين مختلفان ففي قاعدة التجاوز ظاهرها فرض العدم أي عدم وجود العمل بينما ظاهر نصوص الفراغ وجود الشيء مع الشك في صحته لكن يمكن أن نقول أن التجاوز والمضي قد ورد في نصوص كلا القاعدتين ( فامضه كما هو ) و ( إذا تجاوزت عن شيء ) فالمضي والتجاوز وردا في كلا القاعدتين فالمضي قد يكون من جزء إلى جزء وقد يكون بعد تمام العمل إلى غيره وكذلك التجاوز قد يكون من جزء إلى جزء وقد يكون من العمل إلى غيره فيوجد جامع بين القاعدتين هو (المضي والتجاوز)
وأشكل الشيخ النائيني أيضا على هذا بأن قاعدة الفراغ يمكن إرجاعها للتجاوز فمن فرغ من عمل وشك في صحته كان هو في الواقع يشك في الإتيان بجزء العمل أو شرط العمل . فلا صحة للقول بأن قاعدة الفراغ يفرض فيها وجود العمل مع الشك في صحته وقاعدة التجاوز يفرض فيها الشك في أصل العمل وأنه هل أتى به أو لم يأت به فإن قاعدة الفراغ ترجع للتجاوز كما ذكرنا فليس معنى الفراغ إلا الشك في شرطية أو جزئية العمل.
لكن كلامه هذا واضح الدفع إذ معنى هذا أن لا يكون لقاعدة الفراغ معنى أبدا بل كله تجاوز وإنكار لقاعدة الفراغ بالكلية هذا أولا.
وثانيا يستلزم الاستخدام وهو عودة الضمير على معنى آخر غير معنى الكلمة والاستخدام خلاف الأصل وخلاف المتعارف من المحاورات فقوله عليه السلام : " كلما شككت فيه مما قد مضى، فامضه كما هو " فإذا قلنا إن المراد من (شككت فيه) هو الكل والمراد من ( فامضه) هو الجزء كان هذا من الاستخدام وليس هذا صحيحا.
أما الايراد الثاني من الشيخ النائيني على الشيخ الأنصاري وهو مفاد القاعدتين هو أن طبيعي وكلي العمل الصحيح قد وجد ونحن نريد أن نثبت العمل الخارجي فإن مراد الشيخ الأنصاري أن طبيعي الصحة قد انطبق على العمل الذي أتى به المكلف بحكم التعبد الشرعي لا أن طبيعي العمل الصحيح يكفي لتصحيح العمل الخارجي فلم يكن مراده تصحيح العمل الخارجي سواء في العبادات أو المعاملات بكون طبيعي العمل الصحيح قد وجد وأنه لكون القاعدتين من الأمارات يصح العمل الخارجي بمثبتات الأمارات ويكون مبرئا للذمة كلا بل مقصوده أن الشارع حكم بانطباق كلي وطبيعي الصحة على العمل الخارجي .
وأما الايراد الثالث : وهو أن لحاظ الجزء ولحاظ الكل لا يجتمعان لاستحالة استعمال اللفظ في معنيين فغير صحيح لأن عالم اللحاظ وسيع خصوصا في الأمور التدريجية بل المستحيلات الخارجية تجتمع في عالم اللحاظ فكيف لا يجتمع الجزء مع الكل في عالم اللحاظ ؟ فالمتكلم الذي يخرج ألفاظه تدريجيا يكون قد نظر إلى مجموع كلامه ثم ينظر إلى أجزائه ويخرجها متدرجة غير غافل عن مجموع كلامه كمركب . وإذا تنزلنا فنقول إن الممتنع هو لحاظ الجزء بحده أو لحاظ الكل بحده أما إذا اعتبرناهما شيئا واحدا فغير ممتنع

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo