< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة الكلام في الفرق بين القاعدة الفقهية والمسألة الأصولية

ذكرنا في الدرس الماضي تنبيهين :

الأول : المائز بين القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية والمسألة الأصولية .

الثاني : في تقدم الأمارات على الأصول مطلقا استنادا للمحاورة العرفية والارتكاز العقلائي .

بل الأصول تتقدم بعضها على بعض لاختلاف الرتب بينها فالاستصحاب متقدم على سائر الأصول لأنه برزخ بين الأمارات المحضة والأصول المحضة وهذا مورد اتفاق الأصوليين بينما بقية الأصول ليست كذلك . والأمارات تتقدم على الاستصحاب كونه أصلا ومن جهة نوعية الأمارة فيه يتقدم على سائر الأصول لأن فيه رائحة وشائبة الأمارة وهذا مما استفدناه من الروايات الواردة في الاستصحاب .

التنبيه الثالث : أن تقدم الأمارات على الأصول بأحد أمور خمسة : التخصيص أو الورود أو الحكومة أو التخصص أو الجمع العرفي فتقدم أمارة على أمارة أو أصل على أصل أو أمارة على أصل لا بد أن يكون بأحد هذه الأمور الخمسة أما التخصيص : فهو خروج فرد من أفراد العام تعبدا والمقصود بالتعبد أنه لو لا التخصيص لكان هذا الفرد داخلا تحت العام . ومثاله : أكرم العلماء ولا تكرم زيدا العالم، فهنا زيد عالم حقيقة ولكنه خرج من العام بالتخصيص فخروجه تعبدي . فالتخصيص رفع أحد الدليلين لحكم الآخر تعبدا.

وأما التخصص : فهو رفع أحد الدليلين لموضوع الآخر حقيقة.

ويختلف التخصص عن التخصيص أن الرفع في التخصيص كان في الحكم وأما الرفع في التخصص فهو في الموضوع كما أن الرفع في التخصيص تعبدي أما الرفع في التخصص فهو حقيقي ومثاله : أكرم العلماء فخروج الفرد الجاهل من موضوع العلماء خروج حقيقي تكويني ذاتي .

وأما الورود : فهو رفع أحد الدليلين لموضوع الدليل الآخر حقيقة لكن بالتعبد الشرعي إذ الشارع هو الذي رفع هذا الموضوع . ويتفق الوررود مع التخصص في رفع الموضوع إلا أن رفع الموضوع في التخصص حقيقي تكويني ذاتي بينما الرفع في الورود حقيقي بالتعبد الشرعي .

ومثال الورود : وروود الدليل الاجتهادي ليرفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فموضوعها هو عدم البيان ومحمولها قبح العقاب فإذا جاء الدليل الاجتهادي الالزامي بالأمر أو النهي فهذا بيان فقد رفع موضوع القاعدة بالبيان .

والحكومة هي : نظر أحد الدليلين إلى الآخر نظر تفسير وشرح فالمفسر يسمى بالدليل الحاكم والمفسر بفتح السين يسمى بالدليل المحكوم فهو تفسير دليل لدليل آخر ، لا تعارض بينهما ، وليس الأمر كذلك في التخصيص والتخصص والورورد فإن الدليلين في هذه الثلاثة .

وأما الجمع العرفي فهو الجمع بين الدليلين بمقتضى الطبع السليم اللذين يتعارضان بدوا وليست للجمع العرفي ضابطة كلية بل تختلف الضابطة اختلافا فاحشا بحسب الموارد.

•القواعد التي تتقدم على الاستصحاب

قاعدة الفراغ والتجاوز والكلام في أمور :

الأول : هل هذه القاعدة مسألة أصولية أو قاعدة فقهية وهل هي أمارة أو ليست أمارة ؟

والصحيح أنها ليست مسألة أصولية لأنها تفقد الشرطين اللذين ذكرناهما في المسألة الأصولية من كونها تقع كبرى قياس الاستنباط كالظهور مثلا بل هي حكم إلهي كلي فرعي فإذا ضمننا الظهور للخبر الذي يقول إذا شككت في شيء بعد الفراغ منه فامضه خرجنا بقاعدة كلية تصحح كل عمل بعد الفراغ منه إذن هي قاعدة فقهية وليست أصولية . والشرط الآخر الذي ذكرناه مائزا للقاعدة الفقهية أنها لا تختص بالحاكم الشرعي والمجتهد والأمر كذلك في قاعدة الفراغ والتجاوز فإنها تلقى إلى العامي والمجتهد .

ولكن الكلام هل هي أمارة أو أصل ؟ ذهب جمع أنها أمارة تتقدم على الأصول تتقدم على الاستصحاب لأن استصحاب عدم الاتيان بالشيء يجري في كل مورد فتأتي الأمارة فتكون حاكمة على أصل عدم الاتيان لما عرفتم من أن أمارية كل أمارة تتقوم بأمرين :

الأول : كاشفيتها وطريقيتها ولو كان كشفا ناقصا. لأن الكشف التام التكويني في القطع فقط.

الثاني : أن الشارع يتمم هذا الكشف . وكلاهما متوفران في قاعدة الفراغ والتجاوز فقد جعلها الشارع طريقا إلى العمل التام إذا شك في تماميته.

لكن هناك من ذهب إلى أن القاعدة الفراغ والتجاوز ليست من الأمارات بل هما من صغريات أصالة عدم السهو والغفلة باعتبار أن الإنسان أثناء العمل يجمع فكره ويتعرف على خصوصيات العمل الذي يقوم به سواء كان مؤمنا أو غير مؤمن ولذا ورد " لا عمل إلا بنية "[1] أي أن الإنسان أيا كان يستحضر ويستجمع فكره عند أداء أي عمل . ولأجل دخولهما تحت أصالة عدم الغفلة والنسيان جعلوهما قاعدة واحدة . وأشكل على هذا بإشكالات سيأتي الجواب عنها إن شاء الله تعالى .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo