< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : خاتمة الاستصحاب

جرى الكلام في خاتمة الاستصحاب الحديث عن بعض القواعد التي تتقدم على الاستصحاب سواء كان التقدم بنحو الحكومة أو الورود أو التخصيص.

وقبل الحديث عن هذه القواعد لا بد من الحديث عن تنبيهات

الأول : التمييز بين ثلاثة عناوين متداولة وهي : القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية وقد يعبران عن شيء واحد والمسألة الأصولية.

أما المسألة الأصولية فهي كبرى قياس استنباط الحكم الشرعي بحيث لو انضمت إليها صغراها لا نتجت حكما كليا فرعيا إلهيا .

توضيح ذلك : إذا قلنا : الظاهر حجة أو الظهور حجة فهذه كبرى ، وإذا قلنا : الغنيمة في قوله تعالى ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خمسه[1] ظاهر في كل ما يحوزه الإنسان بالحرب أو غيرها فهذه صغرى القياس وإذا ضممنا كبرى القياس إلى هذه الصغرى فنقول كل ظاهر حجة والغنيمة ظاهرة في كل ما يحوزه الإنسان بحرب أو غيرها فالنتيجة هي أن في ما يكسبه الإنسان بعمله خمس وهو حكم كلي فرعي إلهي .

وأما القاعدة الفقهية فهي نتيجة ذلك القياس .

والفرق الآخر بين القاعدة الفقهية والمسألة الأصولية أن المسألة الأصولية من وظيفة المجتهد ولا تلقى إلى العامي أما القاعدة الفقهية فتلقى إلى العامي ليطبقها على الصغريات والمجتهد والعامي كلاهما يطبقان القاعدة الفقهية . ففي قاعدة حرمة الضرر يمكن للفقيه والعامي تطبيقها على صغرياتها.

نعم قد يشتبه على العامي موضوع القاعدة كتشخيص موضوع الضرر فيرجع العامي للمجتهد. وقد يشتبه عليه مثلا موضوع أن الصبي هل يؤخذ باقراره أو بوصيته بعد أن عرف العامي قاعدة أن اقرار العقلاء على أنفسهم جائز واقرار العقلاء على أموالهم وقاعدة نفوذ الوصية للمالكين فقد يشتبه على العامي انطباق هذه القواعد على الصبي فيرجع للمجتهد في تشخيص الموضوع الذي يحكم بأن الصبي يملك فوصيته واقراره وبيعه كان في ملكه وهذا من باب الخبروية للمجتهد لا من باب حجية خبر العدل الواحد كما ذكره بعضهم .

وأما القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية فالقاعدة هي الحكم الكلي الفرعي التي ينطبق على موارد متعددة في الفقه كقاعدة لا ضرر التي لها موارد عديدة في العبادات والمعاملات فلا تقتصر على باب دون باب وكقاعدة الصحة وقد تقتصر على بعض الأبواب كقاعدة الفراغ والتجاوز الخاصة ببعض أبواب العبادات بينما المسألة الفقهية لها مورد خاص وإن كانت هي أيضا حكم كلي كعدم جواز الصلاة في اللباس المصنوع من الذهب فهو حكم كلي ينطبق على كل ثوب من الذهب لكن موردها الثوب من الذهب بينما القاعدة الفقهية مواردها متعددة .

التنبيه الثاني : لا ريب في تقدم الأمارات على الأصول مطلقا سواء بنحو الورود أو الحكومة أو التخصيص وسواء كانت الأمارات موضوعية أو حكمية وكذلك تقدم الأصول الموضوعية على الأصول الحكمية . وهذا التقدم كان بسبب اختلاف الرتبة بين الأمارات والأصول بل بين بعض الأصول نفسها فلا يمكن المصير إلى اللاحق مع وجود السابق رتبة وهذا من بناء العرف والارتكاز العقلائي المحاوري ومن هنا استشكلنا على كلام ابن أبي الحديد في شرح النهج عندما قال : الحمد الذي قدم المفضول على الفاضل. وهذا الاستدلال بالعرف المحاوري أولى من الاستدلال بدليل اعتبار اطلاق الأمارة بحيث يشمل موارد الأصول وقصور دليل اطلاق الأصول بحيث يشمل الأمارة فالشمول مشكوك بل معدوم. إذا ما من مورد من موارد الأمارات وإلا ويجري فيه أصل من الأصول فلو قدم دليل الأصل لأصبح تشريع الأمارة بلا فائدة ولغو لأنه لا يبقى لها مورد فيبطل تشريعها . وتقدم دليل الأصل على الأمارة يعني استلزام الدور لأن التقدم يعني اعتبار الأصل مع الأمارة معا واعتبار الأصل مع الأمارة متوقف على تخصيص دليل الأمارة بدليل الأصل وهذا التخصيص متوقف على اعتبار الأصل مع الأمارة إذ لولاه لكان من التخصيص بلا مخصص . لكن هذا تبعيد للمسافة كما ذكر السيد الوالد[2] مع وجود الدليل العرفي الارتكازي المحاوري البديهي.


[2] تهذيب الاصول، السيد عبد الاعلى السبزواري، ج2، ص291.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo