< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تعارض الاصلين

الاصول تارة تكون من الاصول المحرزة أي يلغي الشك في موضوع الاصل الاخر واخرى يكون اصل سببي واصل مسببي فهذه تارة تكون محرزة والاخر غير محرز وعلى جميع هذه الاقسام فأما ان يكونا متنافيين بالذات او في مرحلة الجعل بالعرض كما اذا علم بكذب احدهما اجمالا او يكون التزاحم والتنافي في مقام الامتثال ، والكلام يقع في موارد ثلاثة :-

المورد الاول : ما اذا كانت الاصول متوافقة او متنافية بالذات فقد ذكر المحقق النائيني رحمه الله من ان احد الاصليين يكون حاكما على الاصل الثاني بشرطين احدهما محرز والاخر غير محرز والمحرز حاكما على غير المحرز ثانيها سببا والاخر مسببا فانه في ما اذا كان الاصليين هكذا يكون السببي حاكا على المسببي كما مثلنا بطهارة الماء اذا غسلنا به الثوب المتنجس فان استصحاب الطهارة في الماء سبب لطهارة الثوب فيقدم هذا الاصل على الاصل الجاري في الثوب باستصحاب الطهارة فيه ، وبهاذين الشرطين ذهب المحقق الى حكومة الاصلين المتعارضين المتوافقين او المتعارضين بالذات فيقدم احدهما ويكون حاكما على الاخر بان يكون اصل محرزا او يكون الاصل سببي والاخر مسببي .

والاشكال في ذلك ان في تقدم الاصل السببي على الاصل المسببي وجرت سيرة العلماء على ذلك والعرف يساعد عليه الا ان الاشكال عندهم في ملاك تقديم ذلك فان المحقق النائيني ذهب الى ان الملاك الحكومة باعتبار ان السببي يلغي الشك في الطرف الاخر وهذه الحكومة التي ادعاها المحقق انما يكون مبناه نفي الشك في الطرف الاخر ولكن هل ملاك الحكومة هو الغاء الشك فقد تقدم في المباحث السابقة ان الحكومة ليس ملاكها خصوص الغاء الشك في الطرف الاخر بل الحكومة اذا اردنا تحليلها بالنظر العرفي هي ملاك القرينة اذا اجرينا الاصل بالسبب يكون قرينة في رفع موضوع المسبب والنجاسة ترتفع فكيف نجري الاصل في نجاسة الثوب .

وذهب بعض الاصوليين الى ان الاصل الذي يجري في السبب ينقع موضوع المسبب الاخر وبتنقيحي نرفع اليد عن الاخر والاستصحاب يثبت احكما ظاهري وليست واقعية ، ثم ان المناط في تقديم الاصل السببي على المسببي هو الاظهرية والنصوصية باعتبار ان الاصل المسببي يثبت مطهرية الماء اما الاثار فتترتب عليه بعد ذلك اشكل عليه بعدة اشكالات وتقدم الكلام فيها

والاحسن في ذلك كله هو الرجوع الى العرف وانه يفتهم من النصوص شيئا لعله لا يفهمه العلماء فان رجعنا الى العرف والقينا اصل سببي واصل مسببي بينهم تعارض يقدم الاصل السببي على الاصل المسببي لانه يكون بمنزلة القرينة في التصرف في الاخر لانه يرفع موضوع الاخر بنظرهم في مرحلة الثبوت وفي مرحلة الاثبات ايضا يقدم الاصل السببي على المسببي ويرتب عليه احكامه ومن هنا نرجع الى فهم العرف وانه يرى ان المناط في المقام هو القرينية .

المورد الثاني : في الاصليين العرضيين المتنافيين فهل يتقدم الاستصحاب على اصالة البراءة وكيف يكون التقديم اختلف الاصوليون في تقديم احدهما على الاخر فذهب الشيخ النائيني الى ان احد الاصلين اذا كان محرزا والاخر غير محرز فيقدم المحرز على غير المحرز لانه يلغي الشك في الطرف الاخر وينفي موضوعه اما اذا كان كلاهما محرزين فيتعارضان ويتساقطان ولابد من الرجوع الى دليل اخر في المورد

والاشكال عليه ما ذكرناه فانه ليس في كل الموارد يكون الاصل ملغي للشك في الطرف الاخر فان الملاك في الحكومة هي القرينة فان كان مراد المحقق النائيني اصطلاح خاص به في معنى الحكومة فهو شيء يخصه اما اذا كان المراد من الحكومة تقديم احدهما على الاخر بملاك القرينية فان القرينية اعم من ان يلغي الشك في الطرف الاخر او لا يلغيه ولذلك اشكل على ان الحكومة التي يدعيها الاصوليون تختلف بحسب فهمهم ولهذا اختلفوا في حقيقتها وذكرنا انه مجرد اصطلاح لا يغير من الواقع شيء فان الواقع ان كل اصلين اذا كانا متعارضين وكان احدهما قرينة على التصرف في الاخر فان القرينة تقدم على ذي القرينة لان العرف حاكم على ذلك فليسمونه أيا كان .

وذهب المحقق العراقي رحمه الله بان التقديم انما يكون بملاك ان لسان دليل الاستصحاب هو الجري العملي على اليقين فان المستفاد من دليل الاستصحاب هو الامر بالجري العملي على طريق اليقين ونقض اثار اليقين بعبارة اخرى ان المستفاد من دليل الاستصحاب تنزيل الشك منزلة اليقين وهذا الدليل له اطلاق يشمل الطريق للجري الى الواقع ويشمل اليقين الموضوعي الذي هو غاية في الاصول الاخرى كل شيء لك حال حتى تعلم انه حرام كل شيء لك طاهر حتى تعلم انه قذر وكذلك رفع ما لا يعلمون انما يكون رفع اذا حصل علم فحينئذ دليل الاستصحاب لما نزل الشك منزلة اليقين وله اطلاق شامل لموارد البراءة حينئذ

واشكل عليه هل المستفاد من ادلة الاستصحاب هو الجري العملي على طبق اليقين وترتيب اثاره وجعل الشك بمنزلة اليقين فان هذا لا يمكن استفادته من هذا وتقدم الكلام فيه تفصيلا ولكن على فرض القبول وقلنا ان دليل الاستصحاب يدل على الجري العملي وتنزيل الشك منزلة اليقين لكن ليس له اطلاق ليشمل القطع الموضوعي فهو يحتاج الى قرينة وهي مفقودة فلا يكون حكومة على بقية الاصول .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo