< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تعارض الأصلين
الأصلان المتعارضان إما متوافقان أو متنافيان . والتنافي تارة يكون بحسب مرحلة الجعل بالذات وتارة يكون بحسب مرحلة الجعل بالعرض فقط دون الذات وتارة ثالثة بحسب مرحلة الامتثال والتزاحم كما في التزاحم بين وجوب الصلاة ووجوب ازالة النجاسة من المسجد مع عدم القدرة على الجمع بينهما إذا استصحبنا وجوبهما.
ذهبت مدرسة النائيني في قسمين من هذه الأقسام : قسم الأصلين المتوافقين والأصلين المتنافيين بالذات إلى أنه يكون أحد الأصلين حاكما على الآخر بشرطين :
١) أن يكون أحدهما محرزا فيقدم الأصل المحرز على غير المحرز بالحكومة كأصل استصحاب الطهارة الحاكم على الأصل الآخر غير المحرز.
٢) أن يكون أحدهما سببا والآخر مسببا والأصل السببي يتقدم على الأصل المسببي بالحكومة كاستصحاب الأصل السببي وهو طهارة الماء الذي هو سبب للحكم بطهارة الماء فيتقدم على الأصل المسببي كاستصحاب الحكم بنجاسة الثوب الذي غسل بالماء المستصحب طهارته عند الشك في طهارته فيتقدم السببي على المسببي ويلغي الشك .
وأشكل عليه بوجوه :
الوجه الأول : أن تقدم المحرز على غير المحرز بالحكومة غير صحيح إذ الحكومة مبناها على أن الحجة عدم العلم بالخلاف كما في رواية مسعدة بن صدقة وفي الأصلين المتوافقين لا يوجد عدم العلم بالخلاف ومطلق العلم غير كاف.
وذكرنا أيضا أن الحكومة ملاكها القرينية العرفية في تصرف أحد الدليلين في الآخر وأما الأصلان المتوافقان فلا يتصرف أحدهما في الآخر إذن لا حكومة في البين هنا وتسمية أحدهما بالمحرز والآخر بغير المحرز غير نافع إذا لم يكن ثمة تصرف في أحدهما في الآخر كأصل الطهارة واستصحاب الطهارة فإن مؤداهما واحد فلا حكومة بينهما.
كما أنه لا يوجد في الروايات التعبير بالأصل المحرز وغير المحرز بل نجد الروايات تشير إلى تمسك الإمام (ع) بالأصل المسببي في قبال الأصل السببي.
ويمكن الجواب عن هذا : بأن تمسك الإمام بالأصل المسببي أقرب لذهن السامع وألصق بفكره وأوضح كما صحيحتي زرارة التي ذكر فيها النوم والنجاسة " عن زرارة قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب فقد وجب الوضوء قلت فان حرك إلى جنبه شئ ولم يعلم به قال لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك امر بين والا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين ابدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر" وإلا فإن الأصل السببي هو المحكم في المقام.
الوجه الثاني : قالوا إذا جرى الأصل السببي وقدم على الأصل المسببي لم يكن مورد لقاعدة الطهارة إلا في خالة تواردهما وهي حالات نادرة وهذا خلاف تشريع هذه القاعدة.
الوجه الثالث : إن قاعدة أصل الحل والبراءة تثبتان الحكم الظاهري بمقتضى الامتنان ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) وإذا قلنا إن الأصل السببي يتقدم أيضا على الأصل المسببي لا يبقى مورد لجريان هاتين القاعدتين الامتنانيتين إلا في حالة تواردهما وهي حالات نادرة فيكون تشريعها لغوا.
ويمكن الجواب : لا مانع من ذلك حتى لو كانت الموارد نادرة إذا تم مبنى الحكومة في الأصلين المتوافقين ولكن مبنى الحكومة غير تام لما ذكرناه سابقا.
نعم تقدم الأصل السببي على المسببي تام بين الفقهاء لكن الاختلاف بينهما في وجه تقديم السببي على المسببي وما هو ملاك التقديم ؟
فقال المحقق النائيني أن السببي يلغي الشك في المسببي وأوردنا عليه بأنه بين الأصل السببي والمسببي لا يوجد إلغاء لموضوع الشك في لسان الدليل وإنما يوجد ذلك في لسان الدليل المحرز ولذا قلنا بتقدم الدليل المحرز على غير المحرز كما في استصحاب الطهارة على قاعدة الطهارة حيث ينفي استصحاب الطهارة موضوع قاعدة الطهارة وهو الشك في الطهارة فيتقدم دليل استصحاب الطهارة لأنه أصل محرز لا لكونه أصل سببي فالأصل المحرز يتقدم على الطرف الآخر سواء كان سببا أو مسببا.
وقال بعضهم إنما يقدم الأصل السببي لأن كبرى مطهرية الماء أي كون الماء مطهرا محرزة بالوجدان وبأصل الطهارة إذ كون الماء مطهرا مكون من جزئين : كونه ماء وهذا محرز بالوجدان وكونه مطهرا وهذا محرز بأصل الطهارة لذا يتقدم الأصل السببي على الأصل المسببي
فيلغي الشك في استصحاب النجاسة.
لكن يشكل عليه بأنه إذا قلنا بأن الأصل يثبت موضوع كبرى المطهرية فمعنى ذلك أن الأصل أثبت حكما واقعيا والأصل لا يثبت الحكم الواقعي بل يثبت الحكم الظاهري . والصحيح أننا أثبتنا بالأصل طهارة خصوص هذا الماء المشكوك لا كبرى المطهرية

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo