< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/11/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تقدم الأمارات على الأصول ذكرنا أن تقدم الأمارات على الأصول يكون بوجهين إما بالورود أو الحكومة وكلاهما إما حقيقة أو ادعاء.وحاول السيد الصدر الجمع بينهما بوجه ثالث[1] ، ولا بد لتمام هذا الوجه من افتراض ثلاثة فروض : اولا : أن يراد من العلم في قولهم (ع) حتى تعلم .. هو الاعتبارات الخاصة التي اعتبرها الشارع واصطلح عليها ..فالشارع يرى القطع علما وخبر الثقة علما والأمارة علما ..الخ. ثم أشكل على ذلك بأنه لا دليل عليه بل لا يحتمل

ثانيا : افتراض أن جعل الحجية بمعنى جعل العلم فقد تكون الحجة من غير العلم ويجعل الشارع له الحجية. لكنه رفض ذلك بأن هذا مجرد اختلاف في التعبير فتارة يعبر عن العلم بالحجة وتارة يعبر عن الحجة بالعلم

ثالثا : افتراض فرق بين الأصول التي أخذ فيها العلم غاية كالاستصحاب والأصول التي لم يؤخذ العلم فيها غاية فالأصول العملية بينها اختلاف ولذا قيل إن الاستصحاب يشم منه رائحة الأمارية فهو أقرب إلى كونه من الأمارات فما هو السر في تقديم الأمارات على مثل هذه الأصول التي أخذ العلم غاية فيها ؟فنحن نعلم بتقدم الأمارات على البراءة كأصل من الأصول العملية لكن لماذا تتقدم الأمارات على الاستصحاب وقد أخذ العلم غاية فيه ؟ فلماذا لا يقدم الاستصحاب على الأمارات إذ هما مشتركان في العلم فيتواردان ويتعارضان فهذا يرد على ذاك وذاك يرد على هذا .وحاول السيد الصدر الجواب عن هذا بوجهين :الوجه الأول : أن كل ما هو حجة فيسميه الشارع علماالوجه الثاني : أنه أخذ الشك وعدم العلم في موضوع الأصول العملية بينما الأمارات لم يؤخذ الشك وعدم العلم في موضوعها فتأتي الأمارة وتثبت ما كان مشكوكا فتكون واردة على الأصول لذا تتقدم الأمارة على الأصول فترفع الأمارة موضوع الأصل . وأجاب على هذا الاشكال بوجهين :الأول : أن المدرك على حجية خبر الثقة وحجية الظهور هو السيرة والسيرة ثابتة في موارد الأصول فيجب أن لا ينتفي موضوع حجية خبر الثقة والظهور بالأصول العملية وإلا لانتفت السيرة بالأصول العملية .الثاني : ما قيل إن الأمارة ترفع موضوع الأصل لأن الأصل أخذ في موضوعه الشك بينما الأمارة لم يقيد موضوعها بالشك فالأمارة ترفع موضوع الأصل لذا تتقدم الأمارة على الأصل . وهذا أمتن الوجوه التي استدل بها على تقدم الأمارة على الأصل وقد استدلوا على هذا الوجه الثاني بدليلين : أحدهما ثبوتي وهو ممكن من حيث التصور والآخر اثباتي :والدليل الاثباتي : يقرب بتقريبينالأول : أن لسان الأصل أخذ فيه الشك وعدم العلم بينا لسان الأمارة أخذ فيها لسان جعل العلمية كمثل جعل خبر الثقة علما والبينة علما وأمثالها فحجية الأمارة بإطلاقها تشمل حتى الأصل الذي أخذ فيه العلم مثل الاستصحاب إلا أن حجية الأمارة لا تشمل القطع لأن حجية القطع ذاتي ولا يمكن جعلها لأن الذاتي لا يرفع ولا يجعل عن الذاتيات .

الثاني : أن دليل الأصل يقترن بقرينة متصلة تمنعه من افادة جعل العلمية حتى لا يحصل التهافت بين الموضوع والمحمول فإذا أخذ الشك في موضوع الأصل فإنه لا يتناسب مع ارادة إلغاء الشك وجعل العلمية .لكن يلاحظ عليه : أنه ليس كل الأصول أخذ في موضوعها الشك وعدم العلم بل أخذ عدم العلم أيضا في مورد الأمارة ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) بل نجد العكس كذلك حيث لم يؤخذ عدم العلم والشك في موضوع قاعدة اليد وسوق المسلمين فلا يمكن القول أن تقدم الأمارة على الأصل يرجع إلى أخذ الشك في الأصل وعدم أخذه في الأمارة.لكن يمكن الجواب بأن مجموع الأصول أخذ فيها الشك ومجموع الأمارات أخذ فيها العلم الاعتباري من الشارع وخروج بعض الحالات والنقض بوجود حالات من الأمارات أخذ فيها عدم العلم والشك أو النقض بوجود حالات من الأصول لم يؤخذ فيها الشك وعدم العلم كل ذلك لا ينقض القاعدة القائلة بأن الأصل لم أخذ في موضوعه الشك والأمارة أخذ فيها العلم الاعتباري الشرعي فإن الحالات التي خرجت يرجع فيها إلى الدليل المناسب ذكرنا أن تقدم الأمارات على الأصول يكون بوجهين إما بالورود أو الحكومة وكلاهما إما حقيقة أو ادعاء .


[1] بحوث في علم الاصول، السيد محمد باقر الصدر، ج3، ص345.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo