< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : عموم العام أو استصحاب حكم المخصص
إذا لم تدل القرآن الداخلية والخارجية على كون العام دالا على الاستمرار أو التفريد، فهل هناك دليل يمكن الاعتماد عليه ؟
قد يقال : أن الأصل والقاعدة أن يدل العام على الاستمرار لا على التفريد ؛ لأن التفريد لوحظ فيه مؤونة زائدة لأنه ملاحظة كل فرد مستقلا ؛ لكن لا ثمرة من الاعتماد على هذا الأصل أيضا.
وأما إذا دلت قرينة على التفريد في العام وجاء مخصص سواء كان المخصص أفراديا أو استمراريا فيمكن التمسك بالعام في غير مورد التخصيص كما بينا في ما سبق، استصحاب الصحة
ذكر الشيخ الأنصاري هذا بعنوان التنبيه العاشر.
فهل تستصحب الصحة عند الشك في المانع أو الشك في القاطع ؟ وهو بحث صغروي، مثله مثل الكلام في العدم الأزلي، فبعد ثبوت أركان الاستصحاب لا بد أن يجري الاستصحاب في الصحة والعدم الأزلي، ولكن الخلاف بين الأعلام في تمامية الأركان فيهما وعدم تمامية الأركان لذا كان هذا البحث بحثا صغرويا.
ولا بد من ذكر تمهيد للمسألة . فما معنى الصحة هنا؟
ذكروا للصحة معان خمسة:
الأول : الصحة الفعلية، ولا تتحقق هذه الصحة إلا بعد الانتهاء من العمل أي بعد اتيانه بالعمل خال من الموانع والقواطع.
الثاني : الصحة التأهيلية التعليقية، بمعنى كون العمل المركب مستعدا وقابلا إمكانا لأن يكون صحيحا في نظر المكلف معلقا على ما إذا اجتمعت فيه الشرائط والأجزاء وكان خاليا من الموانع والقواطع. فالصحة بمعنى الهيئة الاعتبارية
الثالث : الصحة بمعنى الهيئة التأهيلية، بمعنى أن يكون المركب كل جزء فيه يسبقه جزء يكون الجزء السابق متأهلا لأن يلحقه جزء لاحق فيتحقق الترتيب والموالاة بين الأجزاء.
الرابع : الصحة بمعنى التماميه، والتماميه من المفاهيم الاضافية لا الحقيقية فهي بحسب ما تنسب إليه فتارة تنسب التماميه من حيث الأثر بمعنى أن هذا العمل له أثر، وتارة من حيث عدم الحاجة إلى اعادته فيقال هذا العمل تاما أي مجز، فالصحة بمعنى الاكتفاء به في مقام الامتثال، الفرق بين القاطع والمانع
المانع هو الموجب لرفع الأثر، وتأثير الأجزاء السابقة في العمل، كما يمنع الماء البارد حرارة الماء السخن إذا صب فيه مثلا.
وأما القاطع فهو ما يمنع من تأثير الأجزاء بقيد عدم طروء المانع، فإذا قيد كل جزء بعدم طروء المانع عليه فإن عرض عليه مانع سمي هذا المانع قاطعا . والقاطع ذلك المانع الذي يكون أثناء العمل.
فإذا شك المكلف أثناء العمل بطرو مانع أو قاطع أثناء العمل فهل يستصحب الصحة بأحد المعاني المذكورة للصحة؟
والجواب :
أما الصحة بالمعنى الأول فلا يمكن اجراء الاستصحاب فيها أثناء العمل لأنه مقطوع بعدم تحققها أثناء العمل ؛ إذ هي بمعنى تمامية الأثر والصحة الفعلية تكون بعد الانتهاء من العمل تاما.
فهي مقطوعة الارتفاع أثناء العمل.
وأما الصحة بالمعنى الثاني أي الإمكان والاستعداد لأن تكون الأجزاء صحيحة فإن شك أثناء العمل فالأجزاء اللاحقة غير معلوم أنه سيأتي بها صحيحة فلا يمكن اجراء الاستصحاب فيها فهو لم يأت بها حتى يجري فيها الاستصحاب فهي مقطوعة الارتفاع أثناء شكه، وأما الأجزاء السابقة فهي قد أتى بها.
وأما الصحة بالمعنى الثالث وهي الهيئة الاعتبارية فهي ليست موضوعا لحكم شرعي ولا هو حكم شرعي حتى يستصحب.
وأما الصحة بالمعنى الرابع وهو الاكتفاء بالصحة وعدم وجوب الاعادة، فالاستصحاب بهذا المعنى صحيح لكنه لا أثر له ؛ لأنه إن كان بعد الفراغ من العمل فهنا لدينا قاعدة الفراغ وهي تجري هنا، وإن كان أثناء العمل فلدينا قاعدة التجاوز وهي تجري هنا.
فلا حاجة للرجوع للاستصحاب كأصل عملي مع وجود الدليل اللفظي.
ربما يقال : إن معنى الاستصحاب أي الوجوب فإذا شك في الأجزاء اللاحقة يستصحب الوجوب . لكن عرفنا سابقا أن الوجوب إن كان بمعنى الوجوب الغيري المقدمي أي كون الأجزاء مقدمة لبعضها ليتحقق الوجوب النفسي وهو الصلاة مثلا، فهذا الوجوب الغيري عقلي وليس شرعيا حتى يستصحب فإنه إنما يستصحب الحكم الشرعي أو ما كان موضوعا لحكم شرعي.
هذا ومع شكه في ترك جزء مقدمي غيري فكيف يستصحبه وقد يكون تركه؟
وإن كان يراد من الوجوب الوجوب النفسي الانبساطي على الأجزاء فإنه مقطوع الارتفاع أيضا بترك ذلك الجزء فيرتفع الوجوب بترك جزء من الأجزاء فكيف يستصحب الوجوب النفسي ؟
وإن كان المقصود منه استصحاب الوجب الكلي المردد بين الوجوب الغيري والوجوب النفسي فإنه مقطوع الارتفاع أيضا لأنه مع ارتفاع الغيري لا بقاء نفسيا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo