< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الاستصحاب
كان الكلام في التفصيل الثاني بين الاحكام الشرعية الكلية والاحكام الشرعية الجزئية والموضوعات فذهب جماعة منهم الفاضل النراقي الى عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الشرعية الكلية بينما يجري في الاحكام الشرعية الجزئية والموضوعات وقد ذكرنا ما المراد من الحكم الشرعي الكلي اذ قلنا بان منشأ الشك تارة يكون من حيث الجعل والانشاء والشك فيه من حيث وجوده وعدمه حينئذ هذا استصحاب عدم النسخ فلو علم بالجعل وعلم بالحكم ثم شك في انه هل ارتفع هذا الحكم او لا فاستصحاب الجعل يجري وهو اصالة عدم النسخ المتفق عند الجميع
وتارة يكون الشك في المجعول من حيث ان له سعة او ليس له سعة وهذا له منشئان الاول ان يكون من ناحية الموضوع الخارجي يعلم بحرمة وطئ الحائض قبل الغسل الا انه يشك هل انقطع عنها الدم او لا، وهو الشك في الموضوع الخارجي، وتارة يكون الشك في المجعول من حيث السعة والضيق وهذا تارة يكون الحكم الشرعي مفردا أي موضوعات متعددة كما في وطئ الحائض اذ ان كل انات الوطيء يكون موضوع مستقل وحكم مستقل فيكون مفردا، وتارة لا يكون كذلك بل ان الحكم لا ينظر الى افراده بل ينظر اليه كحكم كلي وهذا هو المراد منه الشك في الحكم الكلي فنشك في ان الماء الذي تنجس ثم ذهبت النجاسة من عند نفسها هل يبقى على النجاسة او لابد من مطهر فاستصحاب الحكم الكلي وهو النجاسة صحيح وهو مورد البحث
ذكرنا ان الفاضل النراقي وغيره ذهبوا الى عدم جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي اذا كان الشك في الاحكم الشرعي الكلي وقالوا انه دائما معارض باستصحاب عدم الجعل، اختلفوا في بيان المراد من هذه المقولة من انه معارض دائما باستصحاب عدم الجعل وتحقيق الكلام فيه لابد من بيان امر وهو ان استصحاب عدم الجعل انما يكون صحيحا ويترتب عليه الاثر اذا توفرت فيه شروط ثلاثة :-
الشرط الاول : ان يكون مما يترتب عليه اثر عملي وبالمباشرة فلو لم يترتب عليه الاثر العملي فالاستصحاب لغو ولو ترتب عليه الاثر العملي لكن بواسطة امر يكون من الاصل العملي وسوف يأتي ان الاصل المثبت لا حجية له
الشرط الثاني : ان عدم الجعل مما يمكن ان يتعبد به شرعا فانه لو لم يمكن ان يتعبد به شرعا كان الاستصحاب لغوا ايضا اذ ليس الاستصحاب يجري في حكم لم يترتب عليه اثر شرعا ولا موضوع يترتب عليه اثر شرعي .
الشرط الثالث : ان يكون الجعل تابع للمجعول له سعة وضيق كما ان المجعول له سعتا وضيقا فلو لم يكن كذلك بل كان المجعول ذو سعة وضيق ولم يكن الجعل كذلك فلا استصحاب ايضا، فهذه الشروط الثلاثة لابد من توفرها في استصحاب عدم الجعل حتى نقول ان هذا الاستصحاب صحيح شرعا ويعارض استصحاب الحكم الثابت في هذا المورد .
والكلام يقع في جهات ثلاثة :-
الجهة الاولى : ذهب الفاضل النراقي الى ان استصحاب عدم الجعل مما يترتب عليه اثر شرعي فيكون الاستصحاب صحيحا وسيأتي تفصيل ذلك ان الاستصحاب انما يعتبر شرعا اذا ترتب عليه اثر عملي والمفروض في المقام ان يترتب عليه اثر عملي وهو نفي الحكم في هذا المورد، لكن خالف المحقق النائيني قده وقال ان الاستصحاب أي ان استصحاب عدم الجعل لم يترتب عليه اثر عملي فلا يجري هذا الاستصحاب والسر في ذلك ان الحكم لزوم الاطاعة والتنجيز وان الاثار العقلية التي تترتب على الاحكام من لزوم الطاعة والتنجيز انما يترتب على المجعول الفعلي الذي له اثر دون مجرد الجعل فاستصحاب عدم الجعل انما يكون بدون اثر عملي اذ ان الاثر مترتب على المجعول .
اما اذا اردنا ان نرتب الاثر من ناحية المجعول على الجعل فهوم اثر عقلي مترتب على المجعول ونريد ان نجعله على الجعل ونثبته للجعل وهو يكون بواسطة وهي انما توجب الاصل المثبت فالاستصحاب في المقام اما ان لا يجري ابدا باعتبار ان الجعل ليس هو مما يترتب عليه اثر عقلي من التنجيز ولزوم الاطاعة، واذا ترتبت الاطاعة والتنجيز انما يترتب على المجعول الفعلي وترتيبهما على نفس الجعل يكون بواسطة المجعول فهو من الاصل المثبت، فالحاصل ان استصحاب عدم الجعل بناء على رأي المحقق النائيني لا يجري ابدا لان لزوم الطاعة والتنجيز يترتبان على نفس الجعل وهو انما يكون بواسطة المجعول فيكون من الاصل المثبت وكلا الامرين غير صحيح لا الاستصحاب فيه اثر واذا ترتب الاثر بواسطة المجعول على الجعل يكون من الاصل المثبت .
اشكل عليه المحقق العراقي رحمه الله بوجهين :-
الوجه الاول : سيأتي ان الاصل المثبت انما يكون مثبتا ولا اعتبار به اذا كان هناك اثار عقلية مترتبة على المستصحب بوجوده الواقعي وتلك الاثار نريد ان نرتبها على هذا بواسطة المجعول فيكون من الاصل المثبت اذا كانت مترتبة على المستصحب بوجودها الاعم من الواقعي والظاهري فلا اشكال به ظاهرا، ونظير هذا ما تقدم في القسم الاول من استصحاب عدم النسخ فان هناك الكل متفقون من ان مرجع استصحاب عدم النسخ الى استصحاب الجعل فانه لو قلت ان استصحاب الجعل غير صحيح ولم يترتب عليه اثر فيكون مخالف للكل لان ليس كل استصحاب جعل ترتب عليه اثار واقعية بل المناط اعم من الظاهري والواقعي .
الوجه الثاني : ان هنا اتحاد بين الجعل والمجعول وانما الاختلاف بالاعتبار كالوجود والايجاد ليس لهما وجودان مستقلان بل ان الايجاد نفس الوجود والوجود هو نفس الايجاد فلا تعدد بينهما انما اختلاف اعتباري كالتصور والمتصور فليس للتصور عالم ووجود خاص والمتصور وجود خاص حتى نفرق بينهما ل هما وجود واحد اختلافهما بالاعتبار، والمحقق النائيني قده في بحث الاصول يؤكد على ان هناك اختلاف بين الجعل والمجعول بينما المحقق العراقي وغيره يذهبون الى عدم الاختلاف بين الجعل والمجعول وليس لكل واحد منهما وجود مستقل حتى ترتب عليه اثار انما الاختلاف من حيث الاعتبار فلما نستصحب عدم الجعل كأنما استصحبنا عدم المجعول وكذا العكس واختار هذا الرأي السيد الخوئي قده في بحث الواجب المشروط وهو الواجب بالاعتبار على تقدير بمعنى ان الانشاء والاعتبار ثابت وفي مرحلة الاثبات انما يكون على تقدير وفي المقام ايضا اختار هذا الرأي .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo