< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :- الاستصحاب
الامر الرابع : لا ريب ولا اشكال في ان الاستصحاب فيه اليقين والشك بل هما من اركانه وهذان ثابتان في قاعدة المقتضي والمانع والاستصحاب القهقرائي فانها كلها تشترك في وجود اليقين والشك وهي متشابهة من هذه الناحية،وقد يتخيل بان الدليل الذي دل على حرمة نقض اليقين بالشك يشمل هذه القواعد كلها لوجود اليقين والشك في كل واحد منها ولكن الامر ليس كذلك فلابد من بيان الفرق الموضوعي بين هذه القواعد لنرى هل ان هذه الادلة تشمل كل واحدة من هذا ام انها تختص بخصوص الاستصحاب .
قال السيد الوالد رحمه الله ان اليقين والشك ان المتعلق فيهما اما ان يتعدد ام لم يكن متعددا وعلى الثاني اما ان يسري الشك الى اليقين او لا فالأول قاعدة المقتضي والمانع والثاني قاعدة اليقين وهو الشك الساري والثالث هو الاستصحاب .
اما الاستصحاب فان اليقين والشك وان كانا موجودين فيه الا ان اليقين تعلق بالحدوث والشك يكون في البقاء ولكن في المتعلق واحد وسيأتي اقامة الادلة على حجية مثل هذا الاستصحاب والاحكام التي يترتب عليها .
واما قاعدة اليقين فان هناك يقين وشك ومتعلق اليقين نفس متعلق الشك الا ان زمان اليقين غير زمان الشك وان زمان اليقين متقدم على الشك كما لو علم بعدالة زيد في يوم الجمعة وشك يوم الاثنين ان زيد عادل يوم الجمعة ام لا فان الشك وان كان زمانه متأخر الا انه تعلق بنفس متعلق اليقين الذي زمانه قبله هذا هو الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب ويسري هذا الشك في يوم الاثنين الى المتيقن في يوم الجمعة وعبر عنه بالشك الساري .
واما قاعدة المقتضي والمانع فان اليقين قد تعلق بأثر ومقتضي للأثر والشك تعلق بمانع هل يوجد مانع يوجب عدم تأثير المقتضي المتيقن ام لم يكن هناك مانع كما لو دل دليل على ان الماء القليل ينفعل بملاقاة النجس الا اذا كان كرا فانه لا ينفعل فلو كان هناك ماء مشكوك في كريته ولاقى نجسا هل ان هذه القاعدة تجري في المقام فذهب بعض المحققين الى ان الكرية هي المقتضي للاعتصام والاصل عدمه فحكم بنجاسة هذا الماء وان كانت المسألة مورد خلاف بين الماء .
اما الاستصحاب القهقرائي وهو عكس الاستصحاب العادي فانه يقين لاحق وشك سابق يتيقن بان اللفظ مستعمل وموضوع لمعنى يتبادر منه في الحال ولكن شك هل اللفظ وضع لهذا المعنى في عصر صدور النص فيستصحب الى زمان الشك فسمي قهقرائي، فاذا قلنا بان ادلة الاستصحاب وهو انه لا تنقض اليقين بالشك لا يفرق فيه بين زمان اليقين سابقا او كان لاحقا فنفس الدليل الذي دل على حجية الاستصحاب يشمله لعدم اعتبار ان يكون اليقين سابقا فان قوامه اليقين بالحدوث والشك بالبقاء فتارة يكون عادي يقين سابق وشك لاحق وتارة ينعكس فنفس الدليل الذي دل على حجية الاستصحاب يشمل الاستصحاب القهقرائي، واما اذا قلنا ان هذا القسم خارجا عن المفهوم وهو غير متبادر فنرجعه الى اصالة الثبات اصل بحد نفسه لا حاجة ان نرجع فيه الى ادلة حجية الاستصحاب فهو اصل عقلائي ثابت في اللغات ففي كل لغة يستعملون هذه الالفاظ فيشك في ان هذه الالفاظ التي وضعت للمعاني هل هي بنفسها كانت موضوعة في زمن الصدور للروايات والنصوص فنستصحب باصالة الثبات ونثبت على ان هذه المعاني ثابتة في ذلك العصر ايضا .
اذا عرفتم الفرق بين هذه القواعد الثلاثة الا انه قد يلتبس في بعض الموارد في ان هذا يندرج تحت الاستصحاب او تحت قاعدة اليقين او تحت قاعدة المقتضي والمانع جملة من الموارد نذكر بعض منها كما لو علم بالمقتضي ولكن شك في المانع فجريان الاصل في استصحاب عدم المانع او استصحاب عدم المانع او اصالة المانع فيندرج تحت الاستصحاب ونثبت به الحكم فما الفرق بينه وبين قاعدة المقتضي والمانع فان المقتضي موجود ومعلوم ونشك في استصحاب عدم المانع فيؤثر المقتضي اثره ويلتبس الامر، الا انه يمكن التفرقة بينهما من ناحية الملاك فان ملاك حجية الاستصحاب هو قابلية اليقين للبقاء الا اذا اتى شيء يزيل اليقين فلذلك ملاك الاستصحاب يرجع الى قابلية اليقين للبقاء، واما ملاك قاعدة المقتضي والمانع لو قلنا بحجيته فان الملاك منها وجود المقتضي .
ومنها ان الاستصحاب كما عرف سابقا وسيأتي تفصيله تعلق اليقين بشيء متيقن الحدوث وشك في البقاء ولكن هذا التعريف ليس من مقومات الاستصحاب للزومه خروج ملة من المقومات ولذلك عبروا عننه الشك في شيء بعد الفرغ عن ثبوته وتظهر الثمرة فيما اذا حدث الان شيء وشككنا في حدوثه الان ام قبل ساعة واذا حدث قبل ساعة هل يحتمل بقائه او لا فنستصحب لانه شيء فرغ ثبوته وشك في بقائه فنرجع للاستصحاب، بينما اذا رجعنا الى تعريف القوم يقين بحدوث شيء وشك في بقائه فلا يشمل هذا المثال بناء على هذا الذي ذكرناه بانه ركن من اركان الاستصحاب الشك في شيء بعد الفراغ من ثبوته، فان قلنا بمقالة المشهور لا يشمل المقام وان قلنا بهذه المقالة وقلنا ان الاستصحاب هو الشك في شيء بعد الفراغ عن ثبوته فيشمل المورد ولا اشكال فيه .
اما الحكم فلا ريب ولا اشكال في حجية الاستصحاب للأدلة التي سيتم ذكرها واما قاعدة المقتضي والمانع وقاعدة اليقين فنشك في شمول تلك الاخبار لهاتين القاعدتين هل ان الاخبار التي وردة لا تنقض اليقين بالشك تشمل قاعدة اليقين وقاعدة المقتضي والمانع وتثبت حجية كل منهما فنشك بالشمول فلا يمكن التمس بهذه الاخبار اذ ان التمس بها لأثبات حجية كل واحد منها تمسك بالدليل في الموضوع المشتبه ليس كل يقين يدخل في هذه الاخبار بل اليقين والشك الذي تتوفر فيه الشروط وهي مختصة بالاستصحاب فنشك بشمول هذه الاخبار لقاعدة اليقين والشك الساري وقاعدة المقتضي والمانع ويكفي الشك في الشمول في عدم جواز التمسك في تلك الادلة لان التمسك بالدليل في المضوع المشتبه .
واما الاستصحاب القهقرائي فان قلنا ان الاستصحاب الذي يشمله الدليل هو ان يكون متعلق اليقين نفس متعلق الشك وان اليقين تعلق بحدوث ذلك والشك تعلق بالبقاء مطلقا سواء كان زمان اليقين سابق ام لم يكن كذلك فيشمل الاستصحاب القهقرائي، وان قلنا ان حجية الاستصحاب لا تشمل مثل هذا اذ هي بعيدة عن الاذهان انما تشمل المنصرف الى الاذهان يقين في الحدوث وشك بالبقاء والاستصحاب القهقرائي بعكسه فيكون بعيد عن الاذهان فلا تشمله الاخبار ولا تشمله ادلة الاستصحاب ولكن يمكن اثباته باصالة الثبات التي هي من الاصول المعتبرة العقلائية التي تجري في اللغات ونثبت بها المعاني اذ لو لم يكن هذا الاصل جاري في كل مفردة من مفردات اللغة لأصبحت لا يمكن الاعتماد عليها .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo