< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :- قاعدة لا ضرر
كان الكلام في ما ذكره المحقق النائيني قده في الصورة الاولى من ان المالك انما يتصرف في ملكه لدفع ضرر عن نفسه وان استلزم هذا التصرف الضرر بالجار فقد ذكرنا ان الشيخ الانصاري رحمه الله ذهب الى قاعدة السلطنة فيجوز له التصرف في ملكه وان استلزم الضرر على الجار بل ان هذا داخل في عدم وجوب تحمل الضرر لدفعه عن الغير .
واشكل عليه المحقق النائيني قده ان قاعدة السلطنة لا تجري في المقام لانها تجري في الضرر المترتب على ذلك الحكم اما الناشئ من قاعدة لا ضرر فان القاعدة لا تشمله، وذهب بعض الاعلام ان ظاهر كلام المحقق النائيني على هذا الذي نستفيده غير تام باعتبار ان الضرر يتعدد بتعدد الافراد فان القاعدة تشمل كلا الفردين فانها ترجع الى تعدد الافراد وتنحل قاعدة لا ضرر الى تلك الاحكام الضررية الكثيرة كما قلنا ذلك في حجية الخبر الواحد الشامل للخبر بالواسطة فانها تنحل بعدد افراد الاخبار فتشمل الخبر بلا واسطة كما تشمل الخبر بواسطة فظاهر كلامه غير تام، وكذلك قال في توجيه المحقق النائيني لعله يريد ان قاعدة لا ضرر اذا اعملت في ذلك المورد وتمسكنا بها في هذه الصورة فلا يجوز للمالك ان يتصرف بملكه لانه يستلزم الضرر على الجار فقاعدة لا ضرر ان عملنا بها في المورد فمعناه نفي السلطنة .
والسر في ذلك يرجع الى اطلاق القاعدة بحيث يشمل الضرر الذي كان يتوجه للجار من تصرف المالك والضرر الذي يأتي من منع المالك في التصرف في ملكه فكلاهما ضرر فاطلاق القاعدة لما شمل كلا الضررين استلزم من وجوده العدم وهذا ما ذكر في المنطق قضايا يأتي من وجودها العدم مستحيل فكل امر اذا استلزم من وجوده العدم فيكون ممتنع مثل (كل خبري كاذب) فان كان يشمل هذا الخبر فيستلزم من وجوده العدم فان الذي نذكره في كل قضية سلبية لا تشمل نفسها لانها ان شملت نفسها يستلزم من وجودها العدم .
ولكن يرد على هذا التوجيه ايضا ان ذلك مبني على كون موضوع دليل لا ضرر هو الضرر المتحقق خارجا كما في قولهم كل خبر كاذب فلو كان المراد منه كل خبر متحقق خارجا كاذب فمعناه ان هذا الخبر الذي ينقله الان يشمله فيستلزم من وجوده العدم، كذلك لو قلنا ان دليل لا ضرر يشمل كل ضرر متحقق خارجا فمعناه يشمل الضرر الذي يحصل للجار وحرمة التصرف عليه يستلزم الضرر على نفسه فنرجع الى القاعدة فيستلزم من نفس القاعدة نفيها، اما اذا كان الضرر المارد هو الضرر التقديري لا الضرر الخارجي فلا اشكال فمعناه ان كل حكم اذا استلزم ونشئ منه أي ضرر فتشمله قاعدة لا ضرر على تقدير انه اذا استلزم الضرر فما ذكروه من توجيه كلام الشيخ النائيني غير تام .
والحق في المقام هو الرجوع الى قاعدة السلطنة لانها تقتضي جواز تصرف المالك بملكه ولو استلزم الضرر للجار ولكن ذكرنا سابقا انه لابد من ملاحظة نسبة الضرر المتحقق للجار من تصرف المالك والضرر الذي لو منع المالك من التصرف به فلو كان الفرق فاحشا ولا يتحمل عادة عن العرف فعندئذ يقدم ضرر الجار ويمنع تصرف المالك في ملكه لقاعدة لا ضرر، ولا يقتصر الضرر فقط على الضرر المادي بل يشمل الضرر النفسي والعرضي وتمسك بعض الاعلام لأثبات الرجوع الى قاعدة السلطنة بوجهين :-
الوجه الاول : ان الاباحة والترخيص ليست مما يجري قاعدة لا ضرر فيهما اذ اثبات الترخيص لا يكون ضررا ورفع الترخيص لا يثبت الحرمة ايضا حتى يكون ضررا فقاعدة لا ضرر لا تثبت الترخيص ولا الاباحة ورفعهما لا تثبت الحرمة، ولكن الذي ذهب اليه انه يرجع الى ما ذكرناه سابقا في احد البحوث من ان قاعدة لا ضرر قالوا تختص بالأحكام الالزامية ولا تجري في الترخيصية وهذا الوجه مبني على ذلك فان قلنا ان قاعدة لا ضرر تختص بالأحكام الالزامية ولا تجري في الترخيصية فكلامه متين وهو دليل الذي ذكرناه سابقا واما اذا قلنا ان اطلاق دليل نفي لا ضرر يشمل الاحكام الترخيصية والالزامية فأطلاقه يشمل التكليفية كما يشمل الترخيص .
الوجه الثاني : قال ان قاعدة السلطنة لا عموم لها لتشمل المورد فيما اذا استلزم منه الضرر على الغير فلابد ان نرجع الى حرمة الاضرار، ولكن هذا الوجه ايضا تبعيد للمسافة فان قاعدة السلطنة لها من العموم ما يشمل المورد لأننا لا يوجد عندنا دليل انها تجري في مورد استلزام الضرر على الغير بل لها من العموم ما يشمل ذلك لكن هناك قاعدة حرمة الاضرار بالغير وهي ثابتة في المقام فيمكن الرجوع لقاعدة السلطنة في جواز اثبات التصرف بملكه ونرجع الى قاعدة لا ضرر في اثبات التدارك والضمان بالنسبة لهذا الشخص اذا استلزم من تصرفه الضرر بالنسبة للغير فلابد من تدارك ذلك الضرر سواء كان مالي او غيره وهذا خلاصة ما يذكر في هذه الصورة وهي في ما اذا استلزم التصرف في ملكه الضرر بالنسبة الى الغير .
الصورة الثانية : ما اذا كان التصرف في الملك لجلب منفعة للمالك فلو منع لأجل الاضرار بالغير فمعناه ان هذا المنع يفسد عليه ملكه، الا ان الكلام الذي ذكرناه في الصورة الاولى عينه يجري في هذه الصورة فان قاعدة السلطنة لها من العموم ما يشمل ذلك المورد الا انه اذا استلزم الضرر على الجار فلابد من تداركه، الا ان هذا مبني على ان سلب المنفعة من شخص يعد ضررا فلو منع المالك لأجل الاضرار بالغير وقلنا ان قاعدة لا ضرر تجري فيمنع المالك من التصرف فينتفي عنده النفع فهل عدم النفع ضرر او ليس بضرر ؟ تقدم في اوائل البحث انه ليس كل مورد فيه عدم النفع ضرر .
الصورة الثالثة : فيما اذا كان التصرف ليس فيه نفع للمالك انما فقط اضرار بالغير فلا ريب ولا اشكال في حرمة ذلك التصرف لانه تصرف منطبق عليه حرمة الاضرار في الغير .
الصورة الرابعة : لا ضرر بالنسبة للمالك في منعه ولا نفع له بتصرفه ولكن في تصرفه ضرر بالنسبة للجار فيحرم هذا التصرف ايضا لانه يوجب الاضرار بالغير فقاعدة لا ضرر تجري .
ومن جميع ما ذكرناه في قاعدة لا ضرر يتبين انه لا اشكال في قاعدة لا ضرر سندا ومتنا ودلالة وان احتمل فيها احتمالات لكنها بعيدة عن سياق الحديث وان هذه القاعدة من القواعد العامة التي تجري في جميع ابواب الفقه وانها متقدمة على جميع الاحكام الثابتة بأصل الشرع تقدم حكومة او تقدم تخصيص او تقدم تخصص بلا فرق بين الانواع المذكورة فان القاعدة تتقدم على جميع الاحكام اضافة الى ان هذه القاعدة قد تتخصص في بعض الموارد كما انها تتقدم عليها بعض القواعد الاخرى كقاعدة السلطنة وقاعدة لا حرج قد تقدم تفصيل ذلك وبهذا ينتهي الكلام في قاعدة لا ضرر والحمد لله رب العالمين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo