< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معنى قاعدة لا ضرر
ذكرنا الفرق بين الضرر الذي يحصل من التشريع والضرر التكويني فان الضرر التكويني خارج عن قدرة الشارع بما هو شارع وقلنا ان هذا الاتجاه الرابع هو امتن الوجوه لسلامته من الاشكالات التي ذكرناه على الوجوه السابقة وهو الصحيح الا انه يواجه امرين :-
الامر الاول : ان الاوامر والاحكام الصادرة من الشارع بما هو حاكم صدرت لأجل حفظ نظام المجتمع فان الشارع يحكم بما هو حاكم ومتولي للأمور وهذه الامور التي صدرت بها احكام مولوية واحكام سلطوية لا بما انه شارع بل بما هو حاكم ومتولي للأمور وامثلة ذلك كثيرة كالضرائب التي تفرضها البلديات وغيرها، ولكن هذه الاحكام التي صدرت من الحاكم الشرعي لتنظيم المجتمع هل نتخطى بها الزمان التي صدرت منه ونقول انها جارية في جميع الازمنة والامصار ام انه تختص بوقت الحاكم الذي حكم بذلك البلد فحديث لا ضرر هل يشمل مثل ذلك وتسمى كما ذكره السيد الصدر رحمه الله بمنطقة الفراغ المأخوذ من العامة
الامر الثاني : ان الحديث بناءً على هذا الاتجاه يقول لا تشريع للحكم الذي يسبب ضررا كما لم يكن حكما في البين ان الضرر يحدث من عدم الحكم مثل الزوجة التي طرئ على زوجها العنن وهي لم تقدر ان تصبر وان الطلاق بيد من اخذ بالساق ولا يوجد دليل على ان الشارع يأمر بالطلاق ولا يوجد سلطة لحاكم ان يأمر الزوج بطلاق زوجته فان الطلاق باختياره وبما ان الزوجة تتضرر من عدم حكم الشارع على هذا الزوج بالطلاق او عدم تدخل الحاكم الشرعي ويأمره بالطلاق فهل حديث لا ضرر يشمل هذا المورد لانه لم يكن هنا حكم ام يختص ما اذا كان هناك حكم واستلزم من الحكم ضرر، ومثل هذا المرآة التي غاب عنها زوجها فترفع امرها الى الحاكم الشرعي ويمهلها اربع سنوات فلو تضررت هذه المرآة في هذه السنوات الاربعة من عدم المقاربة فهل للحاكم الشرعي ان يتدخل بالأمر ويطلقها قبل مضي الاربع سنوات ام ان الامر ليس كذلك وهذا ايضا يسمى منطقة الفراغ عند العامة فهل نتخطى تلك الاوامر والاحكام السلطوية التي صدرت من النبي صلى الله عليه واله بوقته لأجل تنظيم المجتمع ونقول بالتنظيم في كل الاعصار والامصار ويطبقها كل متولي للحكم، فهذا موردان يواجهان هذا الاتجاه
الا انه حاول بعض الفقهاء المعاصرين دفع هذا الامر وذكر بان المراد من حديث لا ضرر هو عدم التشريع كما ذكره الشيخ الانصاري رحمه الله لكن لا تشريع تكليفي في البين بل لا تشريع سلطاني حاكمي مولوي، ففرق بين ان يكون هناك تشريع صدر من الشارع الاقدس بما انه نبي ورسول لم يشرع حكما يستلزم منه الضرر وفرق بين ان يكون هناك حكم سلطاني صادر من المولى لأجل انه حاكم ومتولي امور المسلمين اذ ان للنبي صلى الله عليه واله وسلم مناصب متعددة منها منصب التشريع وهو منصب الرسالة والنبوة فهو يشرع الاحكام ومنها منصب التبليغ فيما اذا صدر تشريع وكانت شبهة بين الناس او جهل بينهم فيأتون الى النبي ويبين لهم ويرفع الجهل والشبهة فيه، ومنها منصب الحاكمية كونه متولي لأمور المسلمين وكونه سلطانا تصدر منه احكام سلطانية لتنظيم امور المجتمع ويدل على هذا قوله تبارك وتعالى (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)[1] فهذه الآية تشير الى هذه المناصب القضاء والسلطان والولاية والحاكمية فلابد من ان كل حكم شرعي يصدر من النبي صلى الله عليه واله وسلم فيه امر او نهى عنه ملاحظة كون هذا الحكم الشرعي هل هو صادر منه بما انه مشرع او بما انه مبلغ او بما انه حاكم وسلطان فلابد من ملاحظة ذلك .
ثم نأتي لحديث لا ضرر فان النفي الموجود هنا هو من القسم الثالث وهو حكم صادر عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من اجل تنظيم المجتمع ان هذا الامر لم يكن خافيا لا على الانصاري ولا على سمرة، ثانيا ان النزاع لم يكن جهل في التطبيق فتنازعا حتى يترافعا الى القضاء فيقضي النبي بينهم فانه لم يكن هناك خصومة وجهل بالموضوع من ان هذا حلال او ليس بحلال بل ان الحكم صدر لأجل ان احدهم قاهر والاخر مقهور احدهم متمرد والاخر متمرد عليه فالحكم الذي صدر من الرسول بقلع الشجرة ورميها الى وجه سمرة انما هو حكم صدر لأجل كونه حاكما ومتولي لأمور المسلمين وليس انه حكم تشريع يرجع الى منصب الرسالة والنبوة انما هو حكم هنا صدر منه لكونه سلطان ولتنظيم امور المسلمين ففي هذا الحديث اتجاهان اتجاه في حكم جزئي وهو ان يقلع الشجرة لان صاحبها متمر فيجب ايقاف المتمردين ويكون المجتمع سالما منهم ثم ذكر خطة كلية يسير عليها كل من يتولى امور المسلمين لا ضرر ولا ضرار في الاسلام، وبذلك يمكن ان نجيب عن الامر الاول ونجيب عن الامر الثاني ايضا، فان الامر الثاني ان الحكم هنا يدخل تحت حيطة الحاكم حينئذ الحاكم الشرعي يرى ان هذه المرآة اذا صبرت تقع في ضرر عظيم كذلك في الفرض الاول الذي ذكرنها من ان الزوج طرئ عليه عنن والزوجة شابة تقع في ضرر فيدخل الحاكم الشرعي لتنظيم امر المسلمين ويأمر الزوج بطلاق زوجته او يطلق الزوجة ولكن هل هذا الذي أستوجهه صحيح وهل يحل المشكلة بذلك او لا ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo