< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معنى قاعدة لا ضرر
كان الكلام في بيان المقولة المعروفة (نفي الحكم بلسان نفي الموضوع) والتي استخدمها المحقق الخراساني في المقام بحيث فسر حديث لا ضرر ولا ضرار انما استعمل به النفي على سبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع وقلنا انه فسر في موردين :-
المورد الاول : في باب الحكومة يقولون نفي الحكم بلسان نفي الموضوع وذلك لان هذه المقولة تستعمل لأجل نفي اطلاق الحكم وليس من اجل نفي اصل الحكم والنكتة في ذلك ان الحكم من اللوازم الذاتية للموضوع ولا يمكن سلبه عن الحكم الا بنحو اعدمه وامثلة ذلك كثيرة منها (يا اشباه الرجال ولا رجل) باعتبار ان من لوازم الرجولة الشجاعة والوفاء والثبات فاذا نفينا هذه الاثار فإنما ننفي الرجولة ولكن ليس اصلها بل اثارها المترتبة عليها، وهذا القسم لا يختص بالنفي البسيط بل يشمل حتى النفي التركيبي خلافا للمحقق النائيني حيث خص هذا القسم بخصوص النفي التركيبي وقال لا جري في النفي البسيط، ولكن كلاهما تجري فيهما هذه المقولة الا انه في بعض الموارد هل هو من النفي التركيبي او من النفي البسيط فهذا مطلب اخر ونزاعه يأتي في محله .
المورد الثاني : يستعملون مقولة رفع الحكم بلسان رفع الموضوع في عالم التشريع والجعل والقانون ويفرضون ان الحكم وان كان عرضا فان له في عالم الجعل موضوع ومحمول وفي هذا العالم يستعملون ايضا رفع الحكم بلسان رفع الموضوع وهذه المقولة على اقسام ثلاثة :-
القسم الاول : ان نجعل للحكم وجودا اعتباري لان له في عالم التشريع والتقنين له موضوع ومحمول، وهذا القسم صحيح لكن لابد من ادراك العرف ان للحكم وجودا اعتباري وادراكهم منشأه اما بناء العقلاء او الشرائع السابقة فهناك في الشرائع السابقة موضوع نريد ان نفيه في الاسلام فيجعل له وجود اعتباري مثل (لا رهبانية في الاسلام) فلما كان للرهبانية وجود عند الديانة المسيحية فاراد الاسلام ان ينفي هذه الرهبانية المتداولة عندهم فنفى الحكم بلسان نفي الموضوع باعتبار وجوده الاعتباري، وهذا القسم صحيح لكنه يحتاج الى عناية فائقة فلا يمكن ان نتصور في كل مورد للحكم وجود اعتباري بسبب وجوده في لوح التشريع .
القسم الثاني : ان يكون للحكم وموضوعه وجود مقبول في الشريعة او عند العقلاء وباصطلاح السيد الصدر وجود استساغيٌ فلما كان له وجود مقبول ينفي هذا الوجود في تلك الشريعة فينفي ذلك الحكم بلسان نفي الموضوع ويختص هذا الوجود الاستساغي المقبول فيما اذا كان ذلك الموضوع الموجود في تلك الشائع وجود مباح او مستحب او واجب فاذا كان على النحو الاستساغي فالشريعة الاخرى تأتي وتنفي الحكم بلسان نفي الموضوع الاستساغي المقبول، وهذا القسم ممكن الا انه يحتاج الى قرينة تدل على ذلك ومجرد نفي حكم بلسان نفي الموضوع المقبول المستساغ ينفي الحكم فليس الامر كذلك لان للحكم مراتب متعددة فيمكن ان يكون نفي بعض المراتب وليس المراتب كلها فلذلك هو يحتاج الى قرينة تبين أي مراتب الحكم نريد نفيها بهذا اللسان، وهذا ممكن ثبوتا لكنه في مرحلة الاثبات يحتاج الى قرينة تعين المراتب المترتبة في ذلك الحكم وهذا لا يستعمل في كل مورد فقد استعملناه في لا رهبانية في الاسلام باعتبار انها كانت موجودة في المسيحية ولم نستعملها في الطلاق باعتبار عدم وجوده في المسيحية فلابد من الاقتصار على المورد الذي تقومه عليه القرينة .
القسم الثالث : ان يكون الحكم سببا توليديا في وجود الموضوع بحيث اذا نفينا الموضوع انما ننفي السبب ووجود الموضوع يكون لأجل الحكم، هذا القسم ايضا صحيح باعتبار ان الموضوع مسبب توليدي بالنسبة الى هذا الحكم فننفي الموضوع باعتبار نفي سببه وهذا ممكن، الا ان هذا القسم ايضا لم يكن عاما حتى نقول ان كل مورد ننفي الحكم بلسان نفي الموضوع فان الحكم يكون سببا توليديا في ثبوت الموضوع فهو يختص ببعض الموارد وتلك الموارد قام الدليل عليها حينئذ، وهذا ممكن لكن موارده خاصة ولا يمكن التعميم في كل الموارد .
هذه هي الاقسام الثلاثة التي يمكن ان نتصور فيها معنى نفي الحكم بلسان نفي الموضوع وهو ممكن وصحيح بخلاف النحو الاول الذي قلنا في باب الحكومة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ليس اصل الحكم انما اطلاق الحكم، وكل واحد من الاقسام الثلاثة فيه اشكال اما انه لا يمكن الا ان يكون شرط معين او العرف لا يساعد على ذلك او ان الحكم له مراتب فالوجود المقبول أي مرتبة من مراتب ذلك الحكم فلابد من وجود قرينة لتعين هذه المرتبة .
فهل يمكن تطبيق الاقسام الثلاثة على حديث لا ضرر ولا ضرار ام ان النحو الاول وهو في باب الحكومة ليس نفي الحكم بل نفي اطلاق الحكم لا ينطبق على حديث لا ضرر ولا ضرار باعتبار ان الضرر على قسمين تارة لا نفي بسيط ولا نفي تركيبي اما البسيط فان الضرر يترتب على موضوع فنقدره ان يكون موضوع ضرري حتى ينفي الحكم بلسان نفي الموضوع، لا ضرر ولا ضرار في الاسلام فاذا اردنا ان نطبق النحو الاول على الوضوء أي لا حكم ضرري في الاسلام ننفي الحكم الضرري فلابد ان يكون تقدير فالوضوء الضرري مرتفع فيرتفع حكمه فينفي نفس الضرر فيحتاج الى تقدير وعناية، واما النحو الثاني فان كل واحد من الاقسام فيه عناية وهي غير موجودة في حديث لا ضرر ولا ضرار .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo