< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة لا ضرر
المقطع الثاني من كلام المحقق الاصفهاني وهو في باب المفاعلة هناك نسبتان طوليتان بخلاف باب التفاعل حيث ان فيه نسبتان عرضيتان، استشكل السيد الصدر على ذلك وقال انه لا طولية في باب التفاعل وانما هو يدل على وقوع مبدئ من شخص وانتهائه الى شخص اخر متضمنا معنى الشركة فيه فقولكم ضارب زيدا عمرا انما يدل صدور المبدئ من زيد وانتهائه الى عمر على ان يكون في الذهن ضربان احدهما صدر من زيد ابتدائا وانتهى الى عمر فهناك معنى الشركة قد تضمنه باب المفاعلة فليس هناك دلالة الهيئة على معنيين ولا انه سلخ للمعنى حتى يستشكل عليه بإشكالات ذكرها المحقق .
وهذا ما ذكره السيد الصدر رحمه الله الا ان هذا المعنى الذي ذكره قدس سره لم يخرج عما ذكرناه سابقا في توجيه كلام المشهور فقد قلنا ان باب المفاعلة ليس بالضرورة ان تكون هناك نسبتان وفعلان صادران من الطرفيين بل ان هناك نسبة واحدة صدرت من مبدئ وانتهت الى الاخر فما ذكره السيد الصدر ان رجع الى ما ذكرناه فهو صحيح ولا اشكال فيه لكنما ذكر ان هناك ضربان في الذهن ابتدئ من زيد وانتهى الى عمر اما هذان ليس فيهم ضربان اذ يحتاج الى نسبتين ايضا وقلنا ان باب المفاعلة ليس فيها الا نسبة واحدة وليست نسبتان .
ثانيا : قال ضَمنَ او طعم معنى الشركة وقد عرفتم في باب البلاغة والفصاحة ان التضمين معنى صحيح لكنه يكون في موارد خاصة اذا كانت هناك عناية زائدة وليس كل معنى يضمن ويطعم، فاذا امكننا ان نشرح المشاركة بالمعنى الذي ذكرناه لا نحتاج الى التطعيم حينئذ فان التطعيم الذي يدعيه السيد رحمه الله في المقام يحتاج الى عناية وبدونها لا يمكن تصحيح التضمين فلذلك يممكن تصحيح المشاركة بالمعنى الذي ذكرناه فلا نحتاج الى التطعيم
واما المقطع الاول الذي استشهد المحقق الاصفهاني عليه بآيات وروايات تدل على انه لم تكن هناك اثنينيه في باب المفاعلة، أستشكلَ ببعضها واشكاله غير تام على ضوء ما ذكرنا في المقطع الثاني والمقطع الثالث فحينئذ ما ذكره السيد الصدر غير صحيح الا انه قرب باب المفاعلة الى ما يرجع الى ما ذكرناه بوجه اخر
وقال ان باب المفاعلة يتكون من امور ثلاث : الاول هيئة الفعل الثلاثي وهي تدل على معنى، والثاني هيئة الفاعل أي الالف الزائدة التي دخلت على فعل انما تضمنت معنى اخر بان يكون هناك مادة منتسبة الى فاعل وهذه المادة يدل عليها هيئة فعل، والثالث مجموع الامرين المادة الصرفة وهيئة فاعلَ أي ان هناك مادة الثلاثي وهيئة فاعلَ التي تدل على التحصيص، وهذه انما تدل على انه هناك فعل صدر من فاعل وهذا الفعل قد توجه الى شخص اخر وهو المفعول به حينئذ هذا المفعول به صدر منه مثل ما صدر من الفاعل فصارت هنا هيئة فاعلَ لان الهيئة تدل على ان المعنى صادر من اثنين،ولكن الكلام على هذا انه اذا رجع الى ما ذكرناه من انه مبدئ صدر من فاعل وانتهى الى طرف اخر ولم تكن ضرورة ان يكون مبدئ من الطرف الاخر أي ليست من الضرورة ان تكون في باب المفاعلة هناك نسبتان بل دور الطرف الاخر دور المنفعل ودور الاول الفاعل، فان كان كلام السيد الصدر يرجع الى ما ذكرناه من ان هناك مادة وهيئة صدرت هذه المادة وانتسبت الى فاعل وانتهت الى الطرف الاخر ولم تكن نسبة من الطرف الاخر، ويمكن ان يكون الطرف الاخر دوره دور المنفعل فهو صحيح ويرجع الى ما ذكرناه والا يعود الى ما ذكره من وجود اثنينيه في باب التفاعل وقلنا ان فكرة الاثنينيه راسخة عند العلماء ولذلك يؤولون هذه التأويلات، فما ذكره السيد اخيرا يمكن ارجاعه الى ما ذكرناه فلا نزاع في البين هذا كله في بنية كلمة ضرار
الجهة الثانية : في معنى الضرار فقد ذكر للضرار معاني متعددة اهماها اربعة :-
المعنى الاول : ان يكون مصدر مثل ضرر جيء به تأكيدا واهتماما لنفي الضرر، اورد عليه بان استعمال الضرار كمصدر اخر مرة ثانية يكون تكرارا صرفا والتكرار الصرف من دون عناية لا وجه له، وقالوا ان التأكيد مخالف لاحاديث المقام فلفظ مضار الذي استعمل في بعض الاحاديث ينفي التأكيد، ويمكن الجواب عنه بان الامر ليس كذلك بل ان تكراره لشدة العناية بنفي الضرر ويكرر الكلام مرتين للتأكيد على نفي الضرر هي عناية صحيحة .
المعنى الثاني : ان يكون المراد منه الضرر المتكرر الصادر من الطرفيين (لا ضرار) أي ان الضرر يكون صادر من شخص ويصدر من شخص اخر مقابله وهذا ما يدل عليه باب المفاعلة، واجيب عن هذا اولا : بما ذكرناه من ان هيئة المفاعلة لا تدل على الاثنينيه انما تدل على صدور مبدئ من فاعل وانتهائه الى طرف اخر سواء صدر من الطرف الاخر شيء او لم يصدر منه، ثانيا : ان المقام لا يستلزم ان يكون هناك ضرر صادر من الطرف الاخر فان اخبار المقام واردة في قضية سمرة ابن جندب اما الانصاري فلم يصدر منه ضرر حتى يقابل بلا ضرار فلم تكن مقابلة ضرر بضرر، نعم تخيل سمرة بانه ان لم يدخل لنخلته يكون ضرر عليه ولكن النبي صلى الله عليه واله حكم حسب نظره وليس حسب نظر سمرة، ولكن مكن الجواب عن ذلك بالمعروف المشهور ان المورد لا يخصص الحكم لان النبي صلى الله عليه واله اراد اعطاء قاعدة كلية سواء كان الضرر فردي او بين اشخاص فنأخذ بتلك القاعدة الكلية التي تدل على نفي الضرر الفردي والضرر الذي يحصل من الطرفيين ومن الجمع وهذا صحيح باعتبار كم من قاعدة كلية وردت في مورد خاص ولم يقولو ان ذلك المورد خصص القاعدة .
المعنى الثالث : قالوا ان الضرار بمعنى الضرر الشديد ولكن يجاب عن ذلك ان قول (لا ضرر) ينفي الضرر الشديد وغيره، ويجاب عن هذا بمثل ما اجبنا عنه في المعنى الاول بان عناية الاهتمام بنفي الضرر يوجب صحة التكرار وليس من التكرار الصرف .
المعنى الرابع : ان يكون المراد من الضرار تعمد الضرر وهو الذي ركز عليه المحقق النائيني رحمه الله وتبعه اخرون ويستشهد على هذا المعنى بعدة نصوص من القران الكريم كقوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ)[1] فلا ريب ولا اشكال في ان المسجد الذي يتعمد فيه على تفريق المسلمين فهو ضرار، وقوله تعالى (وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ)[2] أي متعمدين ضرهن، وقوله تعالى (لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)[3] والمادة في هذه الموارد الثلاث تدل على تعمد الاضرار ولم يكن مجرد ضرر صرف، واستشهد على دعواه من السنة برواية هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم، وأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى ان البعير برئ فبلغ ثمنه دنانير، قال : فقال : لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فإن قال اُريد الرأس والجلد فليس له ذلك، هذا الضرار، وقد اُعطي حقه إذا أعطى الخمس)[4] فان اصرار الشريك على اخذ الرأس والجلد يكون اضرار منه والامام يقول اذا اعطي الخمس فقد اعطي حقه، وغيرها من الاحاديث التي تدل على ان الضرار معناه تعمد الضرر .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo