< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
قلنا ان الشيخ الانصاري (رحمه الله) نقل عن الفاضل التوني (قدس سره) شرطان في جريان البراءة
الاول : ان لا يثبت من البراءة حكما في موضوع اخر، ولوضوح هذا الشرط لم يذكره بعض الاصوليين
الثاني : ان لا يستلزم من اعمال البراءة الضرر على النفس او الغير ممن هو محترما شرعا، والبحث في هذا الشرط
اولا : ان هذا الشرط لا يختص بالبراءة بل يجري في كل اصل من الاصول العملية فان الاصول العملية اذا كان في مورد من موردها قاعدة من القواعد الشرعية او العقلائية لا مجرى لها –أي للأصول- اذا كانت الشبهة مما تجري فيها البراءة وتجري فيها قاعدة لا ضرر التي هي من القواعد الشرعية العقلائية كما سيأتي بيانها، فان هذه القاعدة حاكمة على الاصول مطلقا فان الشبهة اذا كانت من مورد جريان القاعدة، فالقواعد الشرعية والقواعد العقلية مقدمة سواء قلنا تقديمها على نحو الحكومة او غير الحكومة فان هذه القواعد مقدمة على الاصول ومنها اصل البراءة .
ثانيا : ما ذكره السيد الخوئي (رحمه الله) من ان حديث الرفع الذي يدل على البراءة قد سيق مساق الامتنان فاذا استلزمت البراءة الضرر على النفس او على الغير انما تخالف الامتنان
لكن يلاحظ على ما ذكره السيد قدس سره من ان دليل البراءة لا ينحصر بحديث الرفع حتى نقول انه سيق مساق الامتنان بل الرفع دليله اما البراءة العقلية او روايات ومن تلك الروايات الحديث المعروف وهو كل شيء حلال حتى تعلم انه حرام فانه ايضا من الاحاديث التي تدل على البراءة .
وذكر السيد الصدر رحمه الله في رده على ذلك بان الميزان في الامتنان الذي يدل عليه حديث الرفع هو الامتنان لا على الشخص الذي رفع عنه التكليف بل الامتنان على كل الناس فلا يقتصر على مورد واحد حتى نقول انه خلاف الامتنان فحينئذ هذا الحديث في المورد لا يشمله .
هذا الرد غير صحيح اذ ان المتفاهم من حديث الرفع اذا استلزم الامتنان على شخص يستلزم منه الضرر على غيره والعرف يقولون ان هذا خلاف الامتنان فلا يشمله حديث الرفع فالحكم واضح ورد الفاضل التوني واضح انما الخلاف في الصياغة المنهجية ان هذا الشرط لا يختص بالبراءة بل يجري في كل اصل عملي فان الاصول العملية محكومة بالقواعد والأمارات فاذا كانت امارة في البين فلا تجري البراءة ولا تجري سائر الاصول
ثم ان الشيخ الانصاري رحمه الله ذكر هنا قاعدة لا ضرر ومن اتى من بعده سار بسيرته ايضا وذكر قاعدة لا ضرر في هذا الموضوع مع ان موضوعه الفقه لكن ذكروه في المقام ونحن نتبع سيرتهم فنذكر القاعدة ايضا في المقام
والكلام في هذه القاعدة انها من المسلمات عند المسلمين والروايات بين الفريقين وردت فيها متظافرة والروايات اما واردة في بيان الكبرى لا ضرر ولا ضرار واما واردة في تبيان مصاديق هذه الكبرى فلا ريب ولا اشكال في مسلميت هذه القاعدة ويمكن تصنيف تلك الروايات على طوائف :-
الطائفة الاولى : في قضية سمرة ابن جندب ابن هلال هذا الرجل صحابي لكن يكفي في وهنه وتضعيفه انه قتل خلقا كثيرا وانه لم يحفظ كرامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في قضيته هذه وانه اخذ من معاوية اربع مئة الف درهم كما نقله ابن ابي الحديد عن شيخه ابي جعفر حتى يقول ان الآية (ومن يشري نفسه ابتغاء مرضات لله) نزلت في ابن ملجم (لعنة الله عليه) فيكفي في وهن هذا الرجل هذه الامور فهو ساقط من جميع الجهات، والروايات في هذه الطائفة مفصلة ولكنما نذكر جملة منها :
اولا : ما نقله الصدوق في الفقيه عن ابيه عن محمد ابن موسى ابن المتوكل عن على ابن الحسين السعد ابادي عن احمد ابن محمد ابن خالد البرقي عن ابيه عن الحسن ابن زياد الصيقل عن ابي عبيد الحذاء قال : قال ابو جعفر عليه السلام كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل، قال: فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه واله فشكاه، فقال: يا رسول الله إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه واله فدعاه فقال: يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول: يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله: يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال: لا، قال: لك ثلاثة؟ قال: لا، قال: ما أراك يا سمرة إلا مضارا، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه)[1] وهذه الرواية لم يذكر فيها لا ضرر ولا ضرار لكنما تطبيق للقاعدة
ثانيا : ما في الكافي والتهذيب عن عبد الله ابن بكير وزرارة وقد ورد فيها (اذهب فقلعها وارمي بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار )[2] فيستفاد من هذه الرواية ان تلك تطبيق لهذه
ثالثا : ما في الكافي عن ابن مسكان عن زرارة وقد ورد فيها ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لسمرة (انك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن)[3] سيأتي الكلام انشاء الله انه في رواية ورد على مؤمن كما في هذه الرواية وفي اخرى كلمة مسلم وفي غيرها لم يرد لا كلمة مؤمن ولا مسلم وسيأتي بيانه، هذه هي الطائفة وهذه القضية مروية عند الفريقين وهي مفصلة لكن ذكرنا موضع الحاجة منها
الطائفة الثانية : الروايات التي نقلت اقضية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في هذه الروايات قضى رسول الله في الشفعة وقضى في فضل الماء وفضل الكلاء وهي منقولة عن الفريقين والروايات المنقولة عندنا هي
اولا : في فضل الماء وقد ورد في رواية عقبة ابن خالد عن الصادق عليه السلام (وقضى رسول الله صلى الله عليه واله بين اهل البادية ان لا يمنعوا فضل ماء ليمنعوا به فضل كلاء قال لا ضرر ولا ضرار)[4] من المعلوم ان اهل البادية يعيشون على الماء والكلى فلا يمنعهم احد من الماء لكي يعطون كلائهم فلا ضرر ولا ضرار
ثانيا : ايضا عن عقبة بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآلة ) بالشفعة بين الشركاء في الارضين والمساكن، وقال : لا ضرر ولا ضرار)[5] هاتان قضيتان من اقضية رسول الله ص مرويتان في طرقتنا كلتا القضيتين يرويهما عقبة ابن خالد عن الصادق ع احدها في فضل الماء والكلاء والقضية الثانية في الشفعة وهاتان القضيتان مرويتان ايضا عند العامة فقد روى احمد ابن حنبل عن عبادة ابن صامت في جملة اقضية رسول الله ص نفس القضائيين
الطائفة الثالثة : المراسيل وقد وردت فيها كبريات منها مرسلة الصدوق (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) مرسلة الشيخ في كتاب الشفعة (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ) ايضا مرسلة الشيخ في كتاب البيع (لا ضرر ولا ضرار) وروى هذه الكبرى ابن الاثير من العامة في نهايته والعلامة في تذكرته والاحسائي في عوالي الالي .
فهل هذا امتنان على المسلمين يختص بهم ام ان القاعدة قاعدة عقلائية لا تختص بالإسلام فما فائدة هذا القيد سيأتي البيان انشاء الله .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo