< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
الوجه الثاني : ما ذكره المحقق النائيني (رحمه الله) حيث انه فرض وجود واجبين استقلاليين احدهما تعلق بأصل الصلاة والاخر تعلق بالميزة او الخصوصية فاذا اتى بأحدهما يكون مطيعا وعصى بالنسبة الى الاخر ويعاقب عليه، ففي حال الجهل صحيح يبقى كل واحد منهما على انه واجب استقلالي الا انه في حال العلم ينقلب هذا الواجب الاستقلالي الى الواجب الضمني فهو عالم بوجوب القصر في السفر وفي الاخفاتيه يجب عليه الاخفات وفي الجهرية يجب عليه الجهر، ولا ضير في هذا لإمكان اخذ العلم بالحكم في معلوم اخر -تقدم في بحث القطع- لكن اعترض عليه بعدة اعتراضات :-
الاعتراض الاول : ما ذكره المحقق العراقي من ان اخذ عدم العلم بشيء رافع لمعلوم اخر فاذا علم بالقصر يرتفع معلوم وجوب التمام وهو محال لانهما واجبان استقلاليان
رد هذا الاشكال بان عدم العلم بالجعل يؤخذ في فعلية المجعول لا في موضوعه ولا في معلومه وهذا صحيح ولا بأس به .
الاعتراض الثاني : ان التكليف الذي لا يقبل التنجيز والوصول لغوٌ محض ففي صورة الجهل لم يكن عالما بوجوب القصر فلم يكن فعليا بالنسبة اليه لأنه لم يكن واصلا له، وفي صورة العلم اكتفى بالصلاة تامة
اجيب عن هذا الاشكال بان عدم الوصول وعدم العلم لم يكونا مساوقين للتأمين والبراءة بل هما من تبعات عدم التفحص فلذلك لم يصل اليه وقبل التفحص لا مجرى للأصول كما تقدم وما ذكره كافي للتنجز فكيف تقول انه غير قابل للتنجز .
الاعتراض الثالث : حتى وان كان التكليف قابل للتنجز ولكنه غير قابل للمحركية فان التكليف لابد ان يكون قابل لها لكي لا يكون لغواً، والظاهر من الجهل في كلمات الاعلام وفتاواهم هو الجهل المركب أي الاعتقاد بوجوب التمام في السفر او ما يقوم مقام الجهل المركب كالغفلة ولا يشمل الشك والتردد الذي يمكن فيه الاحتياط والتوقف فحينئذ اذا كان المراد من الجهل في المقام هو الجهل المركب التكليف الثاني لم يكن قابل للمحركية اذ هو في حال الجهل لم يكن محرك انما المحرك هو وجوب التمام الذي اعتقد به وفي حال العلم يكون التكليف ساقط ولم يكن فيه فائدة
اجيب عنه ان التكليف بأصل الصلاة وذاتها وهو يعلم بها لكنه يعتقد جازما ان الصلاة تامة في حال السفر -أي جهل مركب- فيكفي في المحركيه لان العلم بأصل التكليف كافي في كل مكان .
الوجه الثالث : ان المقام من باب تعدد المطلوب فاذا اطاع من ناحية مطلوب لوجود المقتضي وفقد المانع فانه اتى بهذا المطلوب لكنه عاصي بالنسبة الى ترك المطلوب الاخر فهنا تحققت اطاعة بالنسبة الى مطلوب وتحقق عصيان ثم عقاب على المطلوب الاخر حيث تركه، ولكن هذا الوجه ايضا ثبوتا صحيح لكنه لا دليل عليه اثباتا بل ظواهر الادلة في الصلاة خلافه فان الادلة التي وردت الينا ان هذه صلاة تجب فيها القصر وصلاة الاخفات فيها واجب الاخفات وليس عندنا مطلوبان بل هو مطلوب واحد تعلق بأصل الصلاة التي لها اجزاء وشروط وقيود .
الوجه الرابع : ان المقام خارج عن الكلام اصلا فما اتى به المكلف وهو التمام في موضوع القصر جهلا انما هو لم يكن مأمور به انما هو شيء اوجب سقوط التكليف عنه لورود نص خاص فلا امر ولا مأمور به انما هو شيء اوجب سقوط التكليف عن المكلف
لكن هذا ايضا مثل سابقيه لأنه فرضية وليس دليل عليه بل ظاهر الادلة الواردة في المقام ان هناك امر ومأمور به وامتثلا اما ان هذا شيء اوجب سقوط التكليف ولم يكن مأمور به خلاف ظواهر الادلة
الوجه الخامس : ما ذكره الشيخ الكبير كاشف الغطاء (رحمه الله) حيث انه قال يمكن تصحيح الصلاة من باب الترتب وثبوت العقاب من ناحية ترك واجب اخر كما في سائر موارد الترتب، وفسر الترتب تارة بان هناك امران فعليان تعلق احدهما بأصل الصلاة والاخر بالخصوصية وفي كل واحد منهما ملاك لكن ملاك احدهما اقوى من الاخر، هذا هو التفسير الحقيقي للترتب
وهناك تفسير اخر مسامحي ان هناك التزامان التزام بأصل الصلاة والتزام بالخصوصية الجامع الذي احد فرديه هو الفرد الذي اتى به حال الجهل والالتزام الاخر تعلق بالفرد الخاص فاذا ترك احد الفردين واتى بالفرد الاخر مشروط بترك هذا يكون من باب الترتب، وهذا الذي تركه رجوحه يرجع الى ما ذكره المحقق الخراساني من انه جامع تعلق به الزام زمن فرد اخر او يرجع الى الوجه الاخر الذي ذكرناه من ان هناك مطلوبان مطلوب اصل الصلاة ومطلوب الخصوصية، فأما رجوحه يرجع الى ما ذكره المحقق الخراساني او يرجع الى الوجه الثاني، وكيف ما كان الرد عليه كما تقدم سابقا موضوعه هو وجود امران فعليان تامان من حيث الملاك فيقع التزاحم بينهما وهذا هو فموضوع الترتب، اما المقام هو ليس الا امر واحد وهو الامر بالصلاة وليس عندنا امر اخر فلذلك موضعا خارج عن بحث الترتب وهذا هو احسن جواب يذكر في المقام .
لكن ما ذكروه في بحث الترتب من شروط واعتراضات عليه ذكروها في المقام فأرادوا تطبيق تلك الكبرى على المقام فاعترض عليه بعدة اعتراضات :-
الاعتراض الاول : ما ذكره المحقق النائيني (رحمه الله) من ان الترتب انما يكون في الضدين الذين لهما ثالث ليمكن المخالفة اما اذا كان هناك ضدان لا ثالث لهما فلابد من اتيان احدهما فلا مخالفة في البين فلا يجري الترتب فان المقام من هذا القبيل فالصلاة اما تامة او قصر وهي اما جهرية او اخفات ولا ثالث في البين فلذلك هو خارج عن موضوع الترتب
لكن اشكل على المحقق النائيني من ان الصلاة هنا واحدة فالصلاة الجهرية فيها القراءة الجهرية وفيها القراءة الاخفاتيه وممكن تركهما فتكون مخالفة فقولك ضدين لا ثالث لهما ليس تام بل لهما ثالث وهي الصلاة من دون قراءة فتحصل مخالفة لهما
وهناك اشكال اخر ايضا ذكروه في محله من ان الترتب يجري في الواجب الاستقلالي لا في الواجبات الضمنية فالصلاة جهرا او اخفاتا واجبات ضمنية وليست استقلالية وقد تقدم الكلام فيها .
الاعتراض الثاني : ما ذكره المحقق النائيني ايضا من ان الترتب متوقف على عصيان الامر بالاهم فهناك امر بالمهم وامر بالاهم والمفروض ان في هذا الامر لا عصيان ففي حال الجهل لم يكن فعليا بالنسبة اليه واما في حال العلم فلا اثر له فحينئذ امر لا يتحقق فيه عصيان لا فائدة في مثل هذا الامر
رد عليه وهو ان من قال ان الترتب متوقف على العصيان انما هو متوقف على الترك وهو تارة يحصل من ناحية العصيان واخرى من ناحية اخرى ولكن هذا الجواب لا يرفع روح اشكال المحقق النائيني وهو ان التكليف الذي لم يصل الى الانسان لا يمكن ان يصل الى أي انسان فهذا لغو حينئذ ولا يرفع مثل هذا الاشكال .
الاعتراض الثالث : ما ذكره المحقق الاصفهاني رحمه الله من ان الاحتمالات في المقام ثلاثة اما ان يأتي بالتمام مشروطا بطول الوقت واما ان يأتي بالتمام في اول الوقت لا طول الوقت واما ان يكون الامر بالتمام مشروطا بإتيان التمام بحيث يفوت ملاك القصر
الاحتمال الاول : ان يكون الامر بالتمام في التمام طول الوقت وهذا يستلزم منه عدم جواز اتيان القصر لو علم به وهو خلاف فتوى الفقهاء فان المكلف اذا اتى بالتمام جهلا ثم علم بعد ذلك ان الصلاة قصر جاز له ان يأتي بالقصر فلو قلت ان هذا في تمام القصر فمعناه انه لا يجوز له ان يأتي بالقصر بعد العلم وهو خلاف
الاحتمال الثاني : ان يكون مشروطا في اول الوقت فمعناه في غير اول الوقت كلاهما واجبين بالنسبة اليه وهو خلاف ظواهر الادلة لان الدليل في المسافر يجب عليه القصر وليس القصر والتمام كليهما
الاحتمال الثالث : ان يكون الامر بالتمام مشروطا بإتيان التمام بحيث يفوت ملاك القصر وهو محال لأنه يستلزم تحصيل الحاصل فالترتب غير تام
والحق ما ذكرناه من ان الترتب لا يجري في المقام فان الترتب الذي يكون صحيح مشروط ان يكون هناك امران فعليان تامان من حيث الملاك وهذا الشرط مفقود في المقام حيث لم يكن الا امر واحد فالصحيح في الجواب عن جميع تلك فرضيات انها كلها مبنية على ان يكون هناك عصيان وعقوبة والادلة الواردة في المقام لا نستفيد منها ان في البين عصيان حتى تكون عقوبة فان الشارع الاقدس قال ان قرئت عليه اية التقصير فيجب عليه الاعادة والا فلا اعادة عليه، وعلى فرض العقوبة فهي على ترك الاهتمام بالتكاليف والاعتناء بها وعدم الاهمال في المستقبل .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo