< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخلل واحكامه
الروية الثانية : الواردة في كتاب عوالي اللئالي عن امير المؤمنين عليه السلام (الميسور لا يسقط بالمعسور)[1] وهذه الروية ايضا استشكل عليها بان المقصود من الميسور الكلي وليس الكل ونحن بحثنا في الكل والجزء لا الكلي والفرد فانه العقل يحكم اذا لم يتمكن من فرد لا يسقط بالنسبة للأخرين مثلا اذا قال المولى اكرم العلماء فانه لو لم يتمكن من اكرام عالم لا يسقط عن البقية فالكلام في الكل المركب الارتباطي، كما ان الروية الثالثة ايضا مروية بنفس العوالي عن امير المؤمنين عليه السلام (ما لا يدرك كله لا يترك كله)[2] المراد ب (ما) هو الكلي ايضا لا الكل والجزء فحينئذ اشكالهم على التمسك بحديث الميسور لا يسقط بالمعسور اذ الظاهر منه هو الكلي لا الكل فيخرج عن موضوع الكلام
الجواب : ان لهذا الحديث تعميم يشمل الكلي والكل ولا وجه للتخصيص الا مع قرينة وهي مفقودة، وتوضيح الجواب ينبغي له ذكر المحتملات في الحديث وهي ثلاثة
الاحتمال الاول : ان يكون المراد من النفي النهي كما في قوله تعالى (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[3] فعلى بعض التفاسير المراد منه النهي وليس النفي وكما في الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الانشاء فالمراد منها انشاء لا اخبار فيكون المراد من النفي النهي
الاحتمال الثاني : ان يكون المراد النفي التشريعي أي لم نخرجه عن ظاهره لكنه نفي تشريعي أي جعل الحكم وليس المراد الاخبار كما عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ليس بين الرجل وولده ربا [4]، فان المقصود اباحة الربا بين الوالد والولد لا الاخبار بعدم وقوعه
الاحتمال الثالث : ان يكون المراد منه نهي تشريعي كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ولا تنقض اليقين أبدا بالشك[5] فان هنا نهي عن ذلك، وهذه هي المحتملات الموجودة في حديث الميسور فأما ان يكون المراد من (لا) نهي بلسان النفي او يكون المراد منه النفي التشريعي او ان يكون المراد منه النهي التشريعي ايضا، وبناءً على هذه الاحتمالات فقد اختلفوا على كيفية الاستدلال بهذا الحديث واعترضوا على الاستدلال به وهي جملة من الاعتراضات
الاشكال الاول : ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره على الاحتمال الاول فانه نهي بلسان نفي فان الميسور لا يسقط بالمعسور ولكن يتعارض مع الميسور الشامل للمستحبات فان هنا النهي لزوم والميسور يشمل المستحب وهو يجوز تركه فيقع التعارض بين النهي وبين الميسور ولا مرجح في البين فيصير من المجمل ولا يمكن التمسك به لعدم وجود قرينة نرفع بها الاجمال فالحديث لا يدل على شيء
الجواب : ان هذا الاشكال مبني على التفسير الاول وهو استعمال النفي في النهي وهذا الاستعمال مردود فان ظاهر اداة السلب التي تدخل على الفعل المضارع النفي لا النهي الا اذا كانت قرينة في البين ولا توجد هذه القرينة على سلب النفي ونجعله نهيا، وثانيا على فرض استعمال النفي في النهي فانه على خلاف مادة (لا يسقط) لا تصلح ان يكون النفي نهيا لان الميسور والسقوط بيد الشارع وليس بيد المكلف الا اذا قرأنا الحديث بصيغة المجهول (الميسور لا يُسقط المعسور) لكن هذه القراءة خلاف المشهور فان الفقهاء لا يقرءون بهذه الصيغة لكن يوجد في رواية العوالي في بعض النسخ (لا يترك الميسور بالمعسور) فيكون خارج عن كلامنا، ثالثا لو فرض انه نهي فما المانع من ان يشمل الكلي والكل باعتبار انه اوجب سقوط المعسور واذا سقط فلا يوجب سقوط الميسور، مضافا الى ما ذكره المحقق الخراساني من ان هذا الحديث يدل على ان الميسور لا يسقط بالمعسور فاذا سقط جزء من اجزاء المركب لعجز فيكون ذلك الميسور ساقط بسبب العجز عن ذلك الجزء المعسور ومن جهة دليل المستحب من انه يجوز تركه فهو من جهة اخرى فلا منافات في البين فيكون الحديث تام بهذه الوجوه التي ذكرنا
الاشكال الثاني : قالوا ان الميسور يشمل خصوص الكلي ولا يشمل الكل والجزء نظير قولهم اكرم العلماء فان لم يتمكن من اكرام عالم فلا يسقط اكرام البقية فان الميسور لا يسقط بالمعسور فيكون نهي ارشادي لا ان يكون نهي مولوي بخلاف ما اذا قلنا ان الميسور يراد به الكل والجزء فان الامر يكون مولوي لا ان يكون ارشادي فيكون الامر مختلف ولا يمكن الجمع بينهما بلحاظ واحد فان الارشادية تأكيدية والمولوية تأسيسه، وان الرجوع الى اصالة المولوية عند الشك بينها وبين الارشادية فهو صحيح لكن فيما اذا كان الموضوع معلوما وشك في المولوية والارشادية اما في المقام فان الموضوع مشكوك هل هو مناسب للمولوية او للإرشادية فأصالة المولوية لا تثبت في المقام
والجواب : اولا يمكن ان نجمع بين الكلي والكل والمولوية والارشادية فان المولوية والارشادية فانهم بحساب اللحاظ لا بحساب ما يدل عليه اللفظ فان ما يدل عليه اللفظ هو الخطاب الموجه الى المكلف اما امرا او نهي فان مدلول اللفظ باي واحد دل فأننا نأخذ به ويمكن ان نقول انه شامل للكلي والكل فبلحاظ الكل يصير ارشادي وبلحاظ الكلي يصير مولوي فلا منافات بينهما، وثانيا ان المولوية والارشادية التأسيسي والتأكيدية خارج عن مدلول اللفظ فان مدلول اللفظ ما دل عليه الخطاب فلو لم يكن مانع في البين من ان يجمعهما في الخطاب فلا اشكال فيكون الخطاب الصادر من المولى يستعمل في المعنى الموضوع له لا ان يستعمل في معنيين حتى يكون من المجمل
الاشكال الثالث : قالوا ان الميسور انما يستعمل في الكلي ولا يمكن استعماله في الكل باعتبار انه لو استعملناه في الكل يكون الخطاب ادعائيا عنائيً وذلك لأنه الاتيان بالميسور يكون بخطاب جديد وليس بالخطاب الاول بينما اذا جعلناه في الكلي يكون استعمال حقيقي
والجواب : ان الميسور مبني على رأي المشهور من ان الاتيان به يكون بخطاب جديد وليس بالخطاب الاول مع انه خلاف التحقيق فان اتيان الميسور انما يكون بالأمر الاول وهو المتعلق بالكل المنبسط على جميع الاجزاء فان هذا الامر كافي في اتيان الميسور ولا حاجة الى امر جديد .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo