< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخلل واحكامه
كان الكلام في النقطة الخامسة وهو الشك في المحصل الشرعي، والمحصل يطلق في الاصول في موردين، الاول في باب الاشتغال حيث يقولون اذا علم بالتكليف وشك في المحصل أي ما يتحصل به التكليف فهناك لا اشكال في الاحتياط لان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقين وليس هذا المراد في المقام بل المراد هو المجعول الشرعي المترتب على سبب وهذا المسبب تارة يكون مجعول شرعي وتارة يكون تكويني كشف عنه الشارع لعدم فهم العرف بذلك مثل المترتب على سبب من الاسباب فاذا حصل شك في ذلك السبب في جزء منه او شرط يكون شك في المحصل فحينئذ هذا المسبب تارة يكون مجعول شرعي كما اذا قلنا الطهارة هي حالة مجعولة شرعا على الغسلات والمسحات فاذا تحققت يتحقق المجعول الشرعي وهو المسبب الذي يتحقق على السبب، وتارة نقول هذه الطهارة امر تكويني وهي تلك النورانية التي تحصل في النفس لكن لم يعرف بها العرف فكشف عنها الشارع الاقدس وقال (الوضوء نور على نور) فنقول اذا حصل شك في المحصل فلابد ان يكون الشك فيه ناتج في سبب بحيث انه شك في جزء من اجزائه كالصلاة لو شك ان الغسلة الواحدة هل هي التي تجزي او لابد من التعدد فيكون شك في المقام يحصل بالنسبة الى المحصل ايضا فلو اتى بغسلة واحدة يحصل له شك في ان الطهارة حاصلة او لا ولو اتى بالغسلتين فمعناه تعدد ولا يحصل له شك فيكون شك في المحصل
ذهب السيد الميرزا رحمه الله الى انه اذا كان هناك شك في المحصل وكان منشئ الشك هو الشك في السبب كما في المثال الذي ذكرنا فان المرجع فيه البراءة عن الاكثر اذا تحقق منه الغسلة الواحدة فيشك في الغسلة الثانية فالمرجع فيه البراءة، خلافا لما ذهب اليه المحقق النائيني قدس سره من ان القاعدة في المقام هو الرجوع الى الاحتياط فان في المقام لا مجرى للبراءة فيه لان للبراءة اركان ثلاثة، ان يكون لهه شك في التكليف حتى يكون رجوع للبراءة ثانيا ان يكون المشكوك امرا مجعول تحت سلطة الشارع ثالثا ان يكون فيه أي في رفع المشكوك منة وتوسعة على المكلف، لا ما اذا رفعناه اتى منه تضيق لان مفاد حديث الرفع هو المنة على العباد (رفع عن امتي ما لا يعلمون ) منة وتوسعة على العباد هذه اركان البراءة وقد تقدم ذكرها، وهذه الاركان مفقودة في المقام
اما الاشكال الاول : قال اما ان يرجع الشك الى شرطية الطهارة بالنسبة للصلاة في انه هل الطهارة شرط للصلاة وهذا لم يشك فيه احد اذ ان الصلاة مشروطة بالطهارة، والطهارة شرط في صحة الصلاة، وان كان مورد الشك سببية الاكثر فهذا لا يحصل فيه شك أيضا لان كل من اتى بالاكثر يتحقق الطهارة بلا اشكال ولا ريب فان الطهارة معدومة وحاصلة اذا اتى بالاكثر، واما اذا كان الشك في سببية الاقل يكون رفع هذا بالبراءة يستلزم التضيق على المكلف اذ يجب عليه الاتيان بالاكثر وهذا تضيق فلم يكن شك في المقام
ويمكن الجواب عنه : ان الطهارة حاصلة على الاكثر فلا اشكل في ان من اتى بغسلتين تحققت الطهارة عنده لكن نشك في سببية الاكثر هل هو سبب او ليس بسبب
الاشكال الثاني : ان السببية واشتراط السبب كذلك جزئية الشرط بالنسبة اليه الجزئية والشرطية من الامور التي لم تكن تحت سلطة الشارع اذ انها امور انتزاعيه فلا تنالها اصالة البراءة لان مجرى اصالة البراءة في ما اذا كان المشكوك تحت سلطة الشارع وضعا ورفعا، فهذه السببية وجزئية هذا الاكثر بالنسبة الى السبب لم تكن من الامور التي تحت سلطة الشارع لان الشارع انما يجعل تعدد الغسلات ويجعل اقتران الصلاة بالطهارة فننتزع من ذلك الشرطية والجزئية والسببية فهي امور انتزاعيه ومنشئ انتزاعها تحت سلطة الشارع لا هذه الامور والاحكام الوضعية فلذلك لا تجري البراءة في المقام
جواب الاشكال : الرد على المحقق النائيني في ما سبق من ذكر بعض اقواله قال في جريان البراءة في الجزئية والشرطية والمانعية قال يمكن اذا شككنا في المانعية نرجع الى البراءة عن المانعية واذا شككنا في الجزئية نرجع الى البراءة في المانعية فكلها من باب واحد فاذا قلت ان في الجزئية والمانعية تجري البراءة، فلابد من جريانها في السببية، واما الاحكام الوضعية فسيأتي الكلام في بحث الاستصحاب من ان الاحكام الوضعية على اقسام تارة تكون مجعولة بنفسها من قبل الشارع رفعها ووضعها بيد الشارع الاقدس مثل الطهارة فهي بناء على كونها حالة نفسية حاصلة للإنسان من الغسلات والمسحات فهي تحت سلطة الشارع او ملكة نورانية تحصل للإنسان بواسطة الغسلات والمسحات كشف عنها الشارع فتكون تصرفه، القسم الثاني منها ان العرف يكشف ان هذا تحت سلطة الشرع وان الانتزاعيه والسببية يترتب عند العرف مترتب على الحكم كما اذا قال اقتل المشرك فان سببية القتل عند العرف مترتب على هذا القتل فلو شك في القتل لابد من الاحتياط فان هذا بيد الشارع لأجل فهم العرف فان العرف يرى عندما يقول المولى اقتل المشرك معناه ان هذا القتل لابد ان يكون سبب وهذه السببية انتزاعيه عرفية، المورد الثالث ان هذه الاحكام الوضعية انما هي دخيلة في غرض المولى والمولى يهتم بغرضه والشارع يريد ان يقضي غرضه مهما امكن لذلك من سبيل فلو شككنا في تحقق الغرض او لم يتحقق نرجع الى الدليل فما بينه الشارع الاقدس نتعبد به وما نشك في دخوله في هذا الدليل نرجع فيه الى البراءة فهذه هي الاحكام الوضعية وسيأتي ذلك في بحث الاستصحاب، اما امر الطهارة سيأتي في الفقه انها اختلف فيها الفقهاء قيل انها ليس الا الغسل والمسح وهو امر الشارع بهذا ليس اكثر من ذلك، قول اخر انها حالة نفسية تعرض على الانسان تعرض على الانسان بسبب الغسلات والمسحات، قول اخر انها ملكة نورانية جعلها الشارع مترتبة على الغسلات والمسحات، والقول الذي ذكرناه انها مجعول شرعي من الاحكام الوضعية نرجع الى الدليل فيها فان تبين من الدليل شيء له دخل في تحصيل هذه الطهارة يجب التعبد به وان شككنا به نرجع الى البراءة .
الاشكال الثالث : قال اذا اردنا ان نجري البراءة عن سببية الاكثر لإثبات سببية الاقل للطهارة فأنها نرجع فيها الى البراءة فيكون شك في تحصيل الطهارة التي هي شرط في الصلاة معلومة وداخلة في العهدة واشتغال الذمة فيها فيجب فيها الاحتياط حينئذ فاذا اردنا ان نجري البراءة في سببية الاكثر لإثبات سببية الاقل فنشك في الطهارة حينئذ التي هي شرط في الصلاة ويعلم المكلف بهذا الشرط فحينئذ يجب الاحتياط لا ان يكون مجرى للبراءة
الجواب : والاشكال فيه واضح بما بيناه ان الذي دخل في غرض المولى هو الاقل وان الاكثر نشك فيه اذ انه لم نستفيد من الدليل فنرجع فيه الى البراءة، فاين مقام الاحتياط فان غرض المولى يتحقق بتحصيل الطهارة وهذه الطهارة عندما رجعنا الى دليلها استفدنا منها الاقل ونشك في الاكثر هل له دخل في غرض المولى نرجع فيه الى البراءة فاين مجرى الاحتياط حينئذ، فما ذكره المحقق النائيني غير تام وما ذهب اليه السيد الميرزا الشيرازي من ان الشك في المحصل اذا رجع الى الشك في سببه نرجع فيه الى البراءة اذا دار الامر فيه بين الاقل والاكثر
النقطة السادسة : في احكام الخلل واحكامه مذكورة وموطنها الفقه على نحو التفصيل لكن الاصوليون ذكروا في المقام بعض احكام الخلل على نحو القواعد الكلية، هذه القاعدة هي اننا اذا علمنا بجزئية شيء لشيء او شرطية شيء لشيء فاذا علمنا بالتكليف بالنسبة لهذا الجزء فلا ريب في ان الاخلال العمدي به يوجب بطلان العمل اذ لا معنى للوجوب الا ان تركه يوجب بطلان العمل الا اذا قام دليل خاص على ان الاخلال العمدي لا يوجب البطلان كما في الحج فان الحج فيه قولان ان افعال الحج واجبات في ضمن واجب فالإخلال بواجب لا يضر بأصل الواجب فعلى هذا القول الاخلال بواجب لا يضر بالواجب الاخر الا اذا قام دليل على بطلانه مثل اذا ترك الوقوفين فانه قام الدليل على الاخلال بهما يوجب بطلان الحج، اما اذا كان اخلال من غير جهة العمد اما اخلال من جهة النسيان او من جهة المرض او من جهة الجهل او غير ذلك فلابد من الرجوع الى دليل الجزء ودليل الشرط فان الشرط الذي اخذ في ذلك الواجب الارتباطي والجزء الذي اخذ في ذلك الواجب الارتباطي اذا قلنا بان له اطلاق ثبت اطلاق دليل الجزء فحينئذ يوجب بطلان العمل ايضا فلا ريب ولا اشكال ان الاخلال من كل الجهات يوجب البطلان، اما اذا لم يثبت اطلاق له وشككنا بذلك فحينئذ يدور الامر بين ان التكليف متعلق بالجامع او متعلق بذلك التكليف الذي يتذكره او يكون قادر عليه او عالما به فيدور الامر فيه بين التعين والتخيير الذي هو من مصاديق دوران الاقل والاكثر كما تقدم بيانه هذه هي القاعدة، الاخلال العمدي يوجب بطلان العمل، اما الاخلال الحاصل من المرض او الجهل او النسيان فلابد من ان رجع الى اطلاق دليل الجزء فان استفدنا له اطلاق فلابد من اتيان العمل، اما اذا لم نستفيد له اطلاق وشككنا فيه يدور الامر بين التخيير والتعين فنرجع فيه الى التخيير والتعين نرجع فيه الى البراءة
لكن هنا اشكال من ناحيتين : الاول ما ذكره المحقق الانصاري قدس سره ان في باب النسيان ان الناسي لا يمكن تكليفه لأنه ان كلفناه بأصل الجامع فهو حصل عنده نسيان وان كان بخطاب اخر يتعلق بالناسي فهذا معناه تعلق بالناسي واخرجه الى الذكر، والا في حال النسيان يرى الانسان فسه متذكر فاذا القينا عليه خطاب في هذه الحالة فمعناه اخرجناه الى الذكر فلا يمكن خطاب الناسي فكيف نكلفه بالجامع او بتكليف اخر ! يقتضي وجوب الاحتياط، والكلام يقع في جهتين هل يمكن خطاب الناسي او لا يمكن ...؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo