< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخيير والتعيين
كان الكلام في جريان الاستصحاب في موارد الاقل والاكثر وتبين الحكم في الموارد الثلاثة المتقدمة انه اذا دار الامر بين الاقل والاكثر تجري البراءة بالنسبة الى الاكثر وان العلم يتنجز بخصوص الاقل، الا انه ربما يتمسك بالاستصحاب في الطرفين فقد تمسك بعض الفقهاء في وجوب الاكثر بالاستصحاب لأنه اذا اتى بالأقل فانه بعد العلم بالوجوب او اتى بالأقل فان كان الوجوب ضمن الاقل فقد تحقق يقينا وان احتمل ان يكون الوجوب بالاكثر فلم يأتي بالوجوب فاستصحاب الوجوب يجري بالنسبة اليه، فيجب عليه الاكثر ويحتاط بإتيانه، وقد يتمسك في نفي الاكثر باستصحاب عدم وجوب الاكثر اما بالعدم الازلي اذ لم يكن هناك تكليف قبل البعثة لا اقله ولا اكثره فاذا شككنا بعد التكليف بالاكثر فأننا نرجع استصحاب العدم الازلي او نرجع الى استصحاب عدمه قبل البلوغ او الى استصحاب عدمه قبل الوقت، عبر بالاستصحاب هنا بتعبيرات مختلفة اما اصالة عدم وجوب الاكثر بالعدم الازلي او بعدمه قبل البلوغ او بعدمه قبل الشروع، فتمسك الاول بالاستصحاب لوجوب الاكثر وتمسك الثاني لنفي وجوب الاكثر باستصحاب عدمه، اما الوجه الاول من الاستصحاب فقيل بتوجيهه انه بعد العلم بأصل الوجوب ثم بعد اتيانه بالأقل فيشك هل اتى بالوجوب فان كان في ضمن الاقل فقد تحقق يقينا وان كان ضمن الاكثر فلم يأتي بالوجوب، فاستصحاب الوجوب الجامع بين الفردين القصير والطويل يجري في حقه وهذا هو استصحاب الكلي من القسم الثاني هذا الذي ذكره في وجه الاستصحاب .
اشكل على هذا الاستصحاب بوجوه : الاول ما ذكره المحقق النائيني قدس سره انه لا يجري في موارد الاشتغال لأنه ان اريد من استصحاب الجامع اثبات الفرد الطويل او الاكثر فهو من المثبت وان اريد من الاستصحاب استصحاب اصل الاشتغال فهو ليس بحاجة لهذا اذ الشك بالاشتغال يقتضي الاتيان به فلا يجري هذا الاستصحاب وهو استصحاب وجوب الاكثر، فان اردنا من الاستصحاب استصحاب الوجوب الجامع لأثبات الفرد الطويل فهو من الاصل المثبت وان اردنا من استصحاب الوجوب اثبات الاشتغال فهو موجود فكل في شك بالاشتغال يجب عليه الامتثال، واشكل عليه ان هذا المطلب في دوران الامر بين المتباينين صحيح ولا اشكال فيه اما في مقامنا وهو دوران الامر بين الاقل والاكثر فقد تقدم انه لا يجب الاكثر الا بهذا الاستصحاب وقد تبين في ما سبق في موارد الدوران بين الاقل والاكثر انما ينحل العلم بالنسبة الى الاقل والاكثر مشكوك فنرجع فيه الى البراءة، الوجه الثاني ما ذكره السيد الخوئي قدس سره في الاشكال عليه من ان عدم وجوب الفرد الطويل هو الحاكم على عدم استصحاب الجامع فان هذا نظير ما اذا كان الشخص متيقن بالحدث الاصغر ثم حدث منه بلل مشتبه فاذا توضئ تيقن ان الحدث الاصغر ارتفع بالوضوء وشك في ان هناك حدث اكبر حتى يجب عليه الغسل فاستصحاب عدم وجوب الحدث الاكبر يكون منقح بوجوب الوضوء فاستصحاب عدم وجوب الاكثر هو الذي يكون حاكم على استصحاب الوجوب الجامع، لكن اشكل على هذا من انه ان اريد من استصحاب عدم وجوب الاكثر اثبات انه الوجوب اصل الجامع انما يرتفع من الاصل المثبت اذ انه تقدم نفي الجامع واثباته في احد الافراد وبسبب احد الافراد سبب عقلي، واما اذا اريد من استصحاب عدم وجوب الاكثر لإثبات انه هناك فرد قصير حينئذ معناه ان هذا ايضا من الاصل المثبت وان اردنا من عدم وجوب الاكثر اثبات اصل الوجوب فقط من دون شيء اخر فلا اثر بالنسبة اليه اذ لا يقل عن العلم الوجداني بالنسبة الى اصل الوجوب فلو علمنا اصل الوجوب وجدانا لا اثر له .
الوجه الثالث : ما ذكره السيد الصدر قدس سره من ان استصحاب اصل الوجوب لإثبات الفرد الاقل هذا من الاصل المثبت ولا اشكال في انه اذا اردنا ان نجري الاستصحاب بالنسبة الى اصل الوجوب الجامع لإثبات احد فرديه يكون ذلك من الاصل المثبت فلا يجري بالنسبة اليه لأنه من الاصل المثبت، وان اردنا من استصحاب اصل الوجوب لإثبات اصل الوجوب من دون ان يكون فرد في البين فلا اثر بالنسبة اليه اذ اننا ذكرنا نعلم بتحقق الوجوب في الاقل على كل حال وشك بالنسبة الى الاكثر والطويل فنرجع فيه الى البراءة وهذا الذي ذكره السيد الصدر هو المستفاد من كلمات الاعلام في المقام وان عبروا بتعبيرات مختلفة، فاستصحاب اصل الوجوب لا يجري لأثبات الاكثر، اما الوجه الثاني من الاستصحاب وهو استصحاب عدم الوجوب لإثبات الاقل اما بالعدم الازلي اذ قبل البعثة لا تكليف لا بالأقل ولا بالاكثر اما بعد البعثة نشك بإثبات الاكثر فنرجع فيه الى هذا العدم، او اننا قبل الشروع في هذا المركب نشك في ان هذا الكثر نعلم بالوجوب ولكن نشك في ان الاكثر ثابت او لا فنرجع الى اصالة عدمه او قبل البلوغ لا تكليف بالنسبة الى الانسان ثم دخل في التكليف وتردد الواجب بين الاقل والاكثر وشك بالنسبة الى الاكثر فاستصحاب عدم التكليف للأكثر فيثبت الاقل، لكن هذا الاستصحاب يرد عليه اولا لا فائدة فيه نحن ذكرنا سابقا عند الدوران بين الاقل والاكثر نرجع فيه الى البراءة فلا فائدة بهذا الاصل انما يكون مؤيدا لا ان يكون دليلا، وذكر السيد الخوئي ان استصحاب في رد هذا الاستصحاب وهو استصحاب عدم وجوب الاكثر معارض باستصحاب عدم وجوب الاقل الاستقلالي بحده وهو مسبوق بالعدم فيتعارض مع الاصل، والاستصحاب يجري في المقام لان الاطلاق بالنسبة الى الاقل والاطلاق ترخيص وهو يجري في الاحكام الترخيصية ففرق بين اصل البراءة واصل الاستصحاب فان الاستصحاب يجري في الاحكام الترخيصية كما يجري في الاحكام التكليفية واما البراءة فلا يجري بالنسبة الى الاقل لما تقدم من ان البراءة اذا اجريناه بالنسبة للأقل ورفع الحكم الالزامي بالنسبة اليه يستلزم مخالفة قطعية ولا تأمين في المخالفات القطعية هذا ما ذكره السيد الخوئي قدس سره، لكن الاشكال عليه واضح من انه في المقام لا نحتاج الى استصحاب عدم الوجوب بحده فهو لا يجري فيه لأننا نعلم بان هناك وجوب فان تحقق في ضمن الاقل وقد اتى به يقينا وارتفع التكليف وان كان تحقق بالنسبة الى الاكثر فنرجع الى البراءة فاين الحاجة لكي نجري استصحاب عدم وجوب الاقل الاستقلالي بحده حتى يتعارض مع ذلك اذ التكليف المعلوم ان كان في ضمن الاقل فقد تحقق بإتيانه وان كان ضمن الاكثر فنشك بإتيانه فرجع فيه الى البراءة فكلا الاستصحابين لا يجريان الاول لأنه غير تام الاركان والثاني تام الاركان لكن لا فائدة فيه اذ نرجع في البراءة الى وجوب الاكثر هذا ما يتعلق بهذه النقطة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo