< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث فقه الاقتصاد

39/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الامر الثالث / الاقتصاد وانظمته

وقد استدلوا على الاختلاف بين الاقتصاد في الاسلام والاقتصاد العالمي بعدة فروق :

الاول : ان كلمة الاسلام التي تدل على الخضوع والانقياد والاستسلام لله عز وجل تقابل الفكرة الاساسية لفكرة الاقتصاد لا سيما باللغة الانكليزية(Economy) فان هذه اللفظة تعني التعامل مع المواد والحاجات فهما فكرتان متباينتان ولكل واحدة تأثير خاص بها على الانسان وسلوكه وسعادته .

الثاني : ان رجال الاقتصاد يزعمون ان المصادر الطبيعية محدودة بينما رغبات الانسان وتمنياته غير محدودة فلابد ان يقع بالأزمات التي لا يمكن تجنبها مالم يعالجها الا ان الاسلام لا يرى ازمة في المصادر الطبيعية وهي كافية لسد حاجات الانسان والازمة الحقيقية تأتي من سوء التوزيع التي هي نتيجة طبيعية لفقدان العدالة .

الثالث : ان الثروة بزعم الاقتصادين يمكن ان تكتنز من قبل أي فرد لكن الاسلام يدين اكتناز الثروة اذا كان الاخرون بحاجة اليها .

الرابع : ان الغاية المادية في الاقتصاد العالمي لا سيما الرأسمالي منه هي جمع الثروة والرفاهية وهذه المصلحة المادية هي المحرك الاساسي لعملية الانتاج بينما في الاسلام الغاية من عملية الانتاج هي القيم والقرب الى الله تعالى والمصلحة تكون الدافع الاقل اهمية في هذه العملية .

الخامس : ما دامت المصلحة تكمن في عملية الانتاج في الاقتصاد العالمي المجتمع يتجه نحو الاسراف والتبذير وهما محرمان في الاسلام .

السادس : ان الاستثمارات والنشاطات الاقتصادية الاخرى كلها تدخل في اطار المنفعة في الانظمة الاقتصادية العالمية وتنظر الى ان الصدقات والزكاة خارجين عن المنفعة اما الاسلام فهو يرى انهما من افضل وسائل الاستثمار .

السابع : ان في الاقتصاد الحر يطلق يد المستثمرين والمنتجين ولهم كامل الحرية في نشاطاتهم الاقتصادية وفقا لمبادئ السوق الحرة بينما في الاسلام تكون الحرية محدودة تحت ثوابت معينة .

الثامن : ان القيم الانسانية والدينية لا اثر لها او لها الاثر المحدود في الاقتصاد المادي لان جميع النشاطات تقوم على اساس الربح والمنفعة بخلاف الاسلام فانه يعتبر جميع الانشطة التجارية وسائل للوصول الى الله تعالى والتقرب اليه .

ويمكن التعليق على ما ذكروه : بانه خلط بين الاقتصاد كعلم يبحث عن جميع المشاكل الاقتصادية وبين النظام الاقتصادي الذي تقدم الكلام فيه والاسلام من اهم النظم الاقتصادية وقد تقدم الكلام في اشتقاق مادة الاقتصاد انه لا فرق بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد العالمي فكلاهم ترجع الى معنى واحد وهو القصد والتوجه الى الشيء مع لوازم معينة ومن هذه اللوازم الاستواء بمعنى عدم التبذير والتقتير وكذلك الاستواء نحو تكنيز المال كما تقدم ذكره

والصحيح انه لابد من تعريف الاقتصاد على نحو يكون جامعا مانعا ليشمل النظام الاقتصادي فنقول في تعريفه هو العلم الذي يبحث عن مصادر الثروة وكيفية انمائها وعلاج المشاكل التي تنجم من سوء توزيعها وفق المقررات التي تحددها القوانين الواقعية والقوانين الالهية .

ولمزيد من التوضيح لابد من ذكر جملة من المصطلحات التي لها دخل في تحديد الاقتصاد المتوازن :

التخطيط الاقتصادي : عندما انتشر الاستعمار في القرون الوسطى سيطر التخلف في كثير من دول العالم وعندما حصلت على استقلالها ظهر فرق شاسع بين الركون المسيطر على انشطتها الاقتصادية وبين ديناميكية النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية المتطورة وبين مستوى المعيشة المنخفض فيها وبين مستوى المعيشة المرتفع في الدول الامبريالية حينئذ صار لزاما عليها ان تنمي اقتصادها بأقصى سرعة ممكنة ولذلك لم تترك اقتصادها للسوق الحرة حيث ان النمو الاقتصادي وفقا لهذه السوق يحتاج الى وقت طويل جدا[1] ومن ثم اخذت الدول المتخلفة اسلوب التخطيط لكي تضمن الاستفادة من موارده ليحقق افضل معدل لإنتاجها القومي ودخلها كما تضمن حسن توزيع ذلك الدخل بين فأت المجتمع والمناطق المختلفة في الدولة ليتحقق الهدف المنشود من دون صراع فئوي من جهة ترك الوفرة في بعض المناطق وحرمان الاخرى، وتتضمن عملية التخطيط الاقتصادي مراحل ثلاثة :-

المرحلة الاولى : وضع الخطة الشاملة المتكاملة لجميع النشاطات الاقتصادية ويتحمل مسؤوليتها جهاز التخطيط المركزي وجميع الادارات التي تشترك في التنفيذ .

المرحلة الثانية : تنفيذ الخطة وفق ما حدد لها ومتابعة التنفيذ للتعرف على المشاكل الذي تعترضها ووضع الحلول المناسبة لكي يتم تحقيق جميع الاهداف المحددة بجميع اوصافها

المرحلة الثالثة : تقيم النتائج التي يمكن التوصل اليها في نهاية الخطة للاستفادة منها لأعداد الخطة التالية

لكن لابد من التنبيه الى ان نجاح التخطيط كأداة لتحقيق التنمية السريعة لا يتوقف فقط على المعرفة العلمية الصحيحة بل على ايمان المجتمع بكل فئاته فلابد ان يشعر الجميع ان عملية التنمية يجب ان تكون نابعة من كل فرد في المجتمع ويتكاتفون على انجاحها .


[1] كالذي يجري في العرق فانه خرج من اقتصاد اشتراكي وبدون أي دراسة دخل في اقتصاد السوق الحرة فوقع في هذه المشاكل الاقتصادية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo