< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:شرائط الوضوء.

كان الكلام في الوضوء في بحث انه هل يتوقف الامتثال على الاداء او انه ليس الامر كذلك او ان الامتثال والاداء والصحة شيء واحد؟ فمن امتثل امرا من الاوامر فقد ادى ذلك الامر وهو صحيح وان لم يقصد ذلك الامر فلا اداء ولا امتثال ولا صحة لانتفاء النية.

الا ان السيد الماتن (رحمه الله) اراد ان يميز بين الاوامر الغيرية والاوامر النفسية فقال لو توقف الاداء على الامتثال وجب قصد ذلك الامر بخصوصه وذكرنا في الضوء انه لا حاجة الى قصد غاية معينة فلو لم يقصد في الوضوء غاية معينة صح الوضوء وتحقق الامتثال والاداء وان لم يقصد أي غاية لوجود الامر الندبي المتعلق بذات الوضوء فهو مستحب نفسي وهذا يكفي في صحة الوضوء فاذا صح الوضوء تحقق الامتثال وتحقق الاداء ايضا ، فما ذكره في عبارته المتقدمة قلنا ان فيه مسامحة.

ولكن الان يريد ان يبين الفرق بين الامر الغيري والامر النفسي فقال انه لو توقف الاداء على الامتثال فلابد من قصد ذلك الامر بخصوصه فلو لم يقصده فلا يتحقق الاداء لعدم تحقق الامتثال ومثل بما اذا نذر ان يتوضأ فانه يجب عليه ذلك الوضوء فاذا اراد ان يتوضا بدون قصد الوفاء بالنذر فلا يتحقق الاداء ولا يتحقق الامتثال لان الاداء متوقف على الامتثال ، فان اداء الامر النذري والوفاء به متوقف على الامتثال أي قصد ذلك الامر النذري واذا لم يقصد ذلك الامر النذري فلا يتحقق الاداء ، وضربوا مثالا لعدم تحقق القصد كما لو توضا ولم يقصد الوفاء بالنذر فانه هذا الوضوء لا يمكن القول بصحته اذ الوضوء كان متعلقا لأمر نفسي وهو الوفاء بالنذر وليس لأجل انه امر مستحب في حد نفسه.

وكذا مثلوا بما لو اعطلا درهما لزيد وقد كان مديونا له فان قصد بدفع الدرهم له الوفاء بذلك الدين تحقق الوفاء وفرغت ذمته ، وان لم يقصد الوفاء فانه الاعطاء تارة يكون لأجل الوفاء واخرى يكون هدية وثالثة يكون وديعة ورابعة يكون شيء اخر فاذا لم يقصد احد هذه الامر فلا يتحقق شيء منها فيجب على المدفوع له ان يرجع الدرهم الى مالكه حينئذ.

وهنا في المقام ايضا كذلك فان الوضوء هو بنفسه مستحب وله غايات متعددة وقد تعلق به النذر ايضا فاذا لم يقصد الوفاء بالنذر فلم يتحقق حينئذ اداء الامر النذري فلم يتحقق الامتثال فلا يتحقق الاداء لأنه لم يمتثل الامر النذري لعدم قصد.

هذا الكلام صحيح في مورد الدرهم اما في الوضوء ففيه نحو تأمل ، فاذا كان هناك اتحاد خارجي بين الاداء والامتثال فحينئذ يسقط فلو نذكر ان يصلي صلاة الليل وقام لصلاة الليل ولم يقصد الوفاء بالأمر النذري وصلى صلاة الليل فالفقهاء يقولون بسقوط هذا الامر النذري وان لم يقصده لان الاداء والامتثال متحدان في الخارج في هذا الوقت ،

لكن هذا الاشكال غير وارد على عبارة السيد الماتن وان استشكل السيد الخوئي (رحمه الله) على مثال الدهم الا انه خروج عن مفروض كلام السيد الماتن لان كلام الماتن فيما اذا كان هنا امر متوجه الى هذا الوضوء وهذا الوضوء يتحقق في الخارج تارة لأجل لكونه مستحبا واخرى لأجل غاية معينة والغايات متعددة وثالثة لأجل الوفاء بالنذر الذي تعلق بالوضوء وفي الخارج له امتثالات متعددة ولذا قال بانه لو توقف الاداء على الامتثال وجب قصد ذلك الامر والا لم يتحقق الاداء وهذا صحيح ، والمثال الذي ضربه هو انه نذر ان يصلي صلاة اللي في ليلة معينة وقام وصلى صلاة اللي من دون قصد الوفاء بالنذر وهذا متحد في الخارج فلا يتحقق في هذا الوقت غير هذا فلذا يسقط الامر بالنذر لا محالة وان لم يقصد ذلك.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): الثالث عشر: الخلوص، فلو ضم إليه الرياء بطل، سواء كانت القربة مستقلة والرياء تبعا أو بالعكس، أو كان كلاهما مستقلا وسواء كان الرياء في أصل العمل، أو في كيفياته أو في أجزائه ، بل ولو كان جزءا مستحبا على الأقوى وسواء نوى الرياء من أول العمل، أو نوى في الأثناء، وسواء تاب منه أم لا، فالرياء في العمل بأي وجه كان مبطل له، لقوله تعالى على ما في الأخبار: " أنا خير شريك، من عمل لي ولغيري تركته لغيري ".)[1] .

لا ريب ولا اشكال في اتبار الخلوص في العباديات ومنها الوضوء ، واعتباره من الضروريات عند الفقهاء بل عند المسلمين ويدل عليه تلك الروايات الكثيرة والنصوص الكثيرة كتابا وسنة على حرمة الرياء وكون العمل باطل.

وتشهد ايضا لذلك الاجماعات المنقولة التي ذكرنا جزءا منها في بحث الوضوء وهو عندهم من المسلمات وهو ان كل امر عبادي لابد ان يكون فيه خلوص.

اذن هذا الشرط لا اشكال فيه الا ما نسب الى السيد المرتضى (قدس سره) على ما في جامع المقاصد وسياتي نقل كلامه بانه هل يريد نفي الخلوص ام ان هناك نزاع في بعض الصغريات.

والكلام في هذا الشرط يقع في ضمن امور.

الامر الاول:- الخلوص هو روح العبادة وحقيقتها والعبادة بدون الخلوص ويمكن سلب حقيقة العبادة عن تلك العبادة التي لم يتحقق فيها خلوص ، ولا ريب ان للخلوص مراتب متفاوتة ودراج للقبول تتبع تلك المراتب والبلوغ الى اقصاها هو اعلى درجات الكمال عند الانسان ، ولا اشكال في ان النية في حد نفسها امر سهل اذ لا يخلو انسان عن نية اذا اراد ان يعمل عملا ولكن الخلوص من اشد الاعمال وقد قال امير المؤمنين (عليه السلام) (تخليص العمل عن الفساد اشد من طول الجهاد).

والمراد من الخلوص هو كون الداعي الى اتيان الفعل هو امر الله تبارك وتعالى فقط بحيث يكون الامر الالهي هو العلة التامة لاتيان العمل من دون ان يشوبه شيء اخر غير هذا حتى من الضمائم العادية اذ قد تشوبه امور خارجية وقد يشوبه امرا موجبا لهدم ذلك العمل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo