< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان اكلام في وقت النية وقلنا ان وقت النية من اول العمل الى اخر العمل فكأن كل جزء من اجزاء هذا العمل لابد ان يقع مع النية فلو لم يقع جزءا منه مع النية لغفلة تامة وذهول تام او لنية اخرى في البين معارضة للنية الابتدائية فلا يقع ذلك الجزء من ضمن ذلك الفعل المركب فيبطل العمل حينئذ.

والوجه في ذلك:- ان جزء العمل العبادي عبادة فيجب ان يكون هذا الجزء مقصودا أي انه مورد للنية وهذا معنى قولهم استدامة النية من ابتداء العمل الى نهايته ، وهذا المعنى لا ريب ولا اشكال فيه كما ذكرنا ان العمل المركب قد امر به وهذا العمل المركب كل جزء من اجزائه لابد ان يكون عبادة فحينئذ اذا لم تتحقق هذه النية في ذلك الجزء فلم تتحقق العبادة وهذا واضح ، الا ان هذه الاستدامة بناء على الاخطار هو صحيح الا انه يستلزم التعذر كما لو كان العمل له وقت طويل كالصوم او يستلزم التعسر اذا كانت الوقت قصيرا ولكن الاخطار في كل جزء من اجزاء العمل يستلزم التعسر ولذا قالوا يكفي الاستمرار الحكمي والمراد من الاستمرار الحكمي هو كفاية بقاء الارادة في كامن النفس وهذا المقدار كافٍ ولا يحتاج الى الاخطار في كل جزء من اجزاء ذلك العمل العبادي.

واما بناء على الداعي فانهم قالوا انه يجب استمرار الداعي في كل جزء من اجزاء ذلك العمل لأنه يجب استمرار النية من بداية العمل الى نهايته ومعنى الاستمرار الحكمي هنا ان لا يحصل مناف له ومن المنافيات هو الذهول التام فلو حصل ذهول تام في جزء من اجزاء هذه العبادة فحينئذ تبطل هذه العبادة لعدم تحقق النية في جزء منها هذا معنى الاستمرار الحكمي بناء على ان يكون المراد من النية الباعث.

ولكن ذكر السيد صاحب الرياض (رحمه الله) كلاما في لمقام وهو ان بناء على ان يكون المراد من النية الباعث فاذا تحققت النية في بداية العمل فالباقي لا يحتاج الى المؤثر ، وهذه قاعدة فلسفية ذكرت في الفلسفة وهي ان الحدوث يحتاج الى علة ولكن هل البقاء يحتاج الى العلة؟ هناك نزاع بين الاعلام.

وفي المقام لما صدر الفعل العبادي مع النية بمعنى الداعي فالباقي لا يحتاج الى المؤثر ويكفي هذا المقدار والمراد من الاستمرار الحكمي هذا المعنى ، ونذكر عبارة السيد صاحب الرياض (رحمه الله) : ((ويجب استدامة حكمها حتى الفراغ من الوضوء ، بمعنى أن لا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها ، كما في الشرائع وعن المبسوط والمنتهى والجامع والتذكرة ونهاية الاحكام ونسبه الشهيد إلى الاكثر، قال: وكأنه بناء منهم على أن الباقي مستغن عن المؤثر)).[1]

وبناء على هذا فانه يخفف الامر على عامة المسلمين حيث ان عامة المسلمين من عصر التشريع الى هذا اليوم لما ينوي ويدخل في عبادة هذه العبادة قائمة ولا ينوي في اجزائها خلاف تلك النية ، وهذا الذي ذكروه مبني على هذه القاعدة وهي استغناء الباقي عن المؤثر فلا يحتاج الى نيات متعددة لكل جزء من الاجزاء وهذا هو الصحيح وعليه عمل عامة المسلمين من بدء التشريع الى يومنا هذا ، هذا هو المراد من الاستدامة الحكمية اذا كان المراد من النية هو الباعث.

اما النية الملفوظة فلا ريب ولا اشكال في عدم الاعتداد بالنية الملفوظة في كل جزء من اجزاء العبادة ولم يقل احد بذلك بل قد يوجب البطلان في بعض العبادات.

الامر التاسع:- لا ريب في ان العبادات مضافا الى اعتبار النية فيها نحتاج الى خلوص في العبادة أي انها لابد من ايقاعها خالصة لله تعالى وهذا المعبر عنه بلسان الفقهاء بقصد التقرب أي ايقاع العمل خالصا لله فلا تصح العبادة بدون قصد التقرب ، واستدل على هذا بوجوه.

الاول:- الاجماع فقد ادعي الاجماع عليه منقولا ومحصلا.

الثاني:- القران الكريم فقد استدل بجملة من الآيات نذكر منها اثنين.

الآية الاولى:- قوله تبارك وتعالى : ﴿وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين حُنَفَآءَ﴾[2] ، والاستدلال في هذه الآية يكون في ضمن امور.

اولاً:- ان اللام في قوله تعالى (ليعبدوا) بمعنى (ان) المصدرية وهذا الاستعمال شايع عند العرب وعليه اسلوب القران ، نذكر كلام الفراء في المقام حيث انه ذكر في معاني القران كلمات المفسرين في هذا فقال: (العرب تجعل اللام في موضع ان في الامر والارادة كثيرا ، من ذلك قوله تعالى : ﴿يريد الله ليبين لكم﴾[3] ، ﴿يريدون ليطفئوا﴾[4] وقال في الأمر : ﴿وأمرنا لنسلم﴾[5] وهي في قراءة عبد الله : وما أمروا إلا أن يعبدوا الله).

ثانياً:- كلمة (الدين) الآية فانه له معاني متعددة منها العبادة والدليل على ان كلمة الدين استعملت في العبادة في المقام لان السياق يدل على ذلك.

قد يقال ان السياق لا يكون قرينة على ذلك لأننا نرد على المخالفين الذين يستدلون بالسياق على ان الخمس في غنائم الحرب وبان اية التطهير خاصة بنساء النبي لان السياق في نساء النبي.

ولكن نقول ان السياق الذي يعتمد عليه ما اذا افاد الظهور اما اذا كان مجرد ذكر اية في ضمن آيات متعددة فلا يستفاد من ذلك السياق شيء.

ثالثاً:- ان كلمة (مخلصين) حال من فاعل يعبدون المرموز اليه بواو الجماعة ، حينئذ نستفيد من هذه الآية هكذا وما امروا الا ان يعبدوا الله مخلصين في عبادتهم وهذا معنى قصد التقرب في العبادة.

من هنا نعرف الاشكال فيما ذكره السيد الخوئي (قدس سره) وغيرهم من ان الآية لا تدل على ذلك اذ ان اللام في الآية بمعنى الغاية أي الغاية من امرهم هو العبادة وهذا لا يدل على نية الاخلاص في العبادة وحينئذ اذا اردنا ان نستفيد قصد القربى فلابد من تقدير أي نقدر الباء مكان اللام ونؤوله الى المصدر فحينئذ يكون المعنى ما امروا الا بان يقيموا العبادة وهذا كله خلاف الاصل.

ولكن بعد ان عرفتم دلالة الآية وظهورها في هذا المعنى فانه يغنينا عن استدلال السيد الخوئي (قدس سره) ومناقشته.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo