< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/08/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

الامر السابع:- كيفية اداء النية بحيث يبرز المكلف تلك النية عبرها ، فقد ذكر الفقهاء ثلاث طرق لإبراز النية.

الاول:- التلفظ بالنية.

الثاني:- اخطار العمل في الذهن.

الثالث:- الداعي.

اما التلفظ فقد ذكر ذلك في بعض روايات الحج ففي الصحيح قال : أردت الإحرام بالمتعة ، فقلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : كيف أقول ؟ قال : تقول : اللهم إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك ، وإن شئت أضمرت الذي تريد))[1] .

فهذا الصحيح يدل على جواز التلفظ بالنية.

ولكن ليس هو بواجب بل هو جائز بل قد يكون مكروها اذا اوجب الوسواس بل قد يكون محرما ، اذن هذا الخبر يدل على جواز التلفظ بالنية سواء في الحج او في غير الحج.

واما اخطار العمل أي ان المكلف اذا اراد امتثال امر معين يخطر العمل في ذهنه بجميع قيوده وخصوصياته ثم يريد ذلك العمل فيعمل على طبق تلك الارادة.

واما الداعي فهو بمعنى الباعث أي ما هو الذي يبعثه على هذا العمل هو ارادة امتثال امر المولى واذا كان عباديا ان يضم اليه قصد القربى.

اما الطريق الاول فقد دل عليه الصحيح واما الطريق الثاني فهو الذي كان مشهورا بين العلماء وذكره السيد صاحب الرياض بانه المشهور بين العلماء , واما الطريق الثالث فهو الذي ذكره عامة الفقهاء المتاخرين مثل السيد اليزدي فقد ذكره في بحث نية الصلاة كما ذكره في بحث نية الصوم فقال ان العزم على اتيان الفعل كافيا في اتيان العمل فقال: (ويكفي فيها الداعي القلبي ولا يعتبر فيها الاخطار بالبال ولا التلفظ فحال الصلاة حال سائر الاعمال والافعال الاختيارية كالأكل والشرب والقيام والقعود ونحوها من حيث النية نعم تزيد العبادة على تلك الاعمال باعتبار القربى فيها بان يكون الداعي والمحرك هو الامتثال والقربى[2] ) ، وهذا الذي عليه عامة المتاخرين بل قالوا استقر عليه المذهب.

ولكن قد يقال من ان الداعي لغة وعلميا هو بمعنى الباعث والباعث الذي يبعث الانسان الى العمل هو تصور الغاية فان الغاية هي التي تبعث الانسان على العمل وليست الارادة فلذا قد يقال ان الباعث غير الارادة ، فان الارادة هي ما تقدم وهو القصد والداعي بمعنى الباعث كما في كتب اللغة وينحصر الداعي بالغاية لأنه هي التي تحرك وتبعث نحو العمل وحينئذ اطلاق النية على الداعي يكون من المسامحة.

وجوابه:- ان شدة الملازمة بين الداعي والنية والارادة بحيث احدهما يكون محركا والاخر يكون متحركا فالداعي محرك والارادة محرك والداعي انبعاث والارادة هي بعث لشدة الملازمة بين البعث والانبعاث ولشدة الملازمة بين المحرك والتحرك اطلاق احدهما على الاخر ، والا لو كنا نحن واللغة فان الارادة بمعنى القصد والداعي بمعنى الباعث وكذا علميا فان الارادة شيء كامن في النفس والباعث الذي يبعث نحو العمل هي الغاية وكثيرا ما يطلق لفظ الباعث على الغاية.

الامر الثامن:- وقت النية ، فلا ريب ولا اشكال في ان النية معتبرة من اول جزء من العمل الى اخر جزء منه فلو كان العمل مركبا من اجزاء فلابد ان يكون كل جزء من اجزاء ذلك العمل مقرونا بالنية ن ولذا عبر الفقهاء عن هذا بانه يجب استمرار النية الى اخر العمل أي تجب النية ابتداء واستمرارا الى اخر العمل ، وهذا المعنى لا اشكال فيه اذ ان هذا العمل واجب تعلق به الامر ولابد من امتثاله ولما كان ذو اجزاء متعددة فلابد ان يكون كل جزء مقرونا بالنية.

الا ان الاشكال يأتي من انه بناء على التلفظ بالنية فانه لا يمكن ان نتلفظ بالقول اذا كان الامر عباديا في ضمن العمل فانه يوجب البطلان ، فاذا ابتدئنا بالصلاة مع النية فلابد لكل جزء من اجزائها ان يكون مقرونا بالنية أي نتلفظ بالنية في كل جزء فهذا معناه انه يوجب بطلان العمل اذا هو من كلام الآدمي فيوجب بطلان العمل فلا اعتبار بمثل ذلك وسياتي توجيه كلامهم.

واذا كان المراد من النية الاخطار فان الاخطار ايضا صحيح الا انه يستلزم التعذر اذا كان العمل له وقت طويل واذا لم يكن له وقت طويل فانه يستلزم التعسر ففي الوقت الطويل فلابد من اخطار العمل بكل خصوصياته في جل جزء منه فهذا متعذر او يتعسر اذا لم يكن الوقت طويلا مثلا في الصيام في كل جزء من اجزاء الزمان لابد من اخطار الامساك فهذا يستلزم التعذر.

ولذا قالوا ان المراد من استمرار النية بناء على الاخطار هو استدامت حكمها واستمراره بحيث ان المكلف يكون ذو ارادة لاتيان العمل بمجموعه لان المجموع هو العبادة فكل جزء من اجزاء العبادة قد تعلق بها امر فلابد من اتيانها بداعي ذلك الامر ويخطر ذلك المأمور به في الذهن حينئذ فلو لم يكن جزء منه مع هذه النية فيوجب بطلان العمل.

ولكن لأجل التعذر ولأجل التعسر قالوا بان المراد من استمرار النية بمعنى الاخطار استدامت حكمها بمعنى ان المكلف لو نوى العمل وبقي على ذلك في قرارة نفسه فهذا هو معنى الاستدامة الحكمية للنية ، فلو ذهل في اثناء العمل ونبه او تنبه رجع الى الارادة الكامنة في النفس فهذا المقدار كاف ولذا قالوا بانه لا يجب ان تكون النية بخصوصيتها الى اخر العمل بل يكفي استمرارها والاستدامة الحكمية للنية وبذلك ارتفع اشكال التعذر واشكال التعسر.

اما النية بمعنى الداعي فان الامر حينئذ اذا كان بمعنى الباعث يكفي كون الفعل صادرا عن باعث في النفس فهذا المقدار كاف ويراد منه الاستمرار بالباعثية وكفى هذا المقدار حينئذ.

وحينئذ اذا لم يكن مناف في البين ومن المنافي هو الذهول التام فلو ذهل تاما عن الفعل ـــ بناء على ان المراد من النية هو الباعث ـــ فيوجب بطلان العمل حتى لو تنبه بعد ذلك اذ ان الداعي والباعث انقطع حينئذ بالذهول التام ، وعلى ذلك قالوا يكفي في الاستمرار ان يكون هذا الباعث موجودا في قرارة نفسه ويزيله الذهول التام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo