< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في اعتبار النية في الوضوء ن وقلنا ان الكلام في النية قبل الدخول في اعتبار النية في الوضوء يقع في ضمن امور.

وذكرنا في الامر الاول ان النية بمعنى الارادة هي امر ارتكازي لكل ذي شعور اذا اراد ان يأتي بعمل اختياري له ، فحينئذ هذه النية امر ارتكازي واذا ورد في الشرع ما يدل على وجوب النية فهو ارشاد الى هذا الامر الارتكازي لا انه يثبت حكما تكليفيا مولويا.

ثم ذكرنا في الامر الثاني معنى النية وتعريفها وقلنا ان المستفاد من مجموع التعاريف هو انهم لم يخرجوا عن المعنى اللغوي الذي كان مرادفا له وهو بمعنى الارادة وبمعنى القصد فانهم اذا فسروا النية انما يفسرونها بالمرادف له والمرادف للنية هو الارادة والقصد.

الامر الثالث:- حكم النية ، قالوا بان النية واجبة ولا يصح العمل الا بها ، اذن هنا حكمان حكم تكليفي وهو وجوب النية وحكم وضعي وهو صحة العمل مع النية وعدم الصحة بدون النية.

واستدل على هذين الحكمين.

اولاً:- بالاجماع.

ثانياً:- الاخبار الواردة في المقام وهو الخبر المشهور بين الفريقين وهو المروي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لامرئ ما نوى))[1] .

فان الظاهر من هذا الحديث ان النية تجب وان العمل لا يصح الا معها.

قال الشهيد (رحمه الله) في القواعد ((ان الظاهر من هذا الحديث اعتبار النية وصحة العمل به ويدل على ذلك صراحة ذيل الحديث وهو لكل امرئ ما نوى فانه صريح في ان العمل لا يصح الا مع النية)) ، وما ذكره صحيح لا اشكال فيه.

ثالثاً:- استدلوا بجملة من الاخبار التي وردت في ابواب متفرقة نذكر بعضها.

الرواية الاولى:- معتبرة الثمالي عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال : لا عمل إلاّ بنيّة))[2] . أي حقيقة العمل الشرعية لا تقع الا بنية فالظاهر منها وجوب النية وعدم صحة العمل شرعا الا مع النية.

الرواية الثانية:- صحيحة علي ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عن الاضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمّى غير صاحبها ، أتجزي صاحب الاضحية ؟ قال : نعم ، إنما هو ما نوى))[3] . فان المناط على النية وان اخطئ في اللسان.

الرواية الثالثة:- صحيحة علي ابن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الرجل يحلف وينسى ما قال ؟ قال : هو على ما نوى))[4] .

أي أي شيء هو نواه. وغير ذلك من الاخبار.

وهذه الاخبار هي ارشاد الى ما مركوز في الانسان وهو ان كل عمل اختياري لا يصد منه الا ان يكون مسبوق بارادة اذا الاعمال قبل الارادة متساوية عنده ، وانما يتميز احدها عن الاخرى بالنية والارادة.

اذن ما ذكر في هذه الادلة ارشاد الى تلك لا انها تثبت حكما تكليفيا او حكما وضعيا.

وانما يذكر الفقهاء النية في كتبهم لفوائد وثمرات تترتب على ذلك.

منها:- التمييز بين العبادات والعادات اذ ربما تكون العبادة عادة عند الانسان يصدر منه بدون نية فلابد ان يميز بينهما فيذكرون النية من هذه الجهة.

ومنها:- التمييز بين افراد العبادة اذ العمل لابد ان يكون معنون بعنوان خاص اما صلاة وهذه الصلاة اما ان تكون واجبة او نافلة او يكون العمل صيام وامثال ذلك من العبادات لأنه ربما لا تتميز هذه الافعال والعبادات الا بالنية.

وهذا لا اشكال فيه عند الامامية ، واما العامة فقد اختلفوا في ذلك.

فذهب الحنفية الى ان النية لا تكون واجبة في الطهارة بل هي من السنة اذ ان هذه النية لم يرد في الكتاب العزيز ولا في السنة شيء يدل عليها ، وبناء على هذا لو ذهب شخص الى الماء لإنقاذ غريق او للنظافة او لغير ذلك فيتحقق منه الوضوء اذ لا حاجة في الوضوء الى النية.

واستدلوا على ذلك بأمور.

الاول:- انه لم يرد في الكتاب العزيز سوى الغسل والمسح ولم يرد فيه النية ، فاذا اردنا اثبات النية بخبر الواحد انما يكون على رأيهم على نحو النسخ والنسخ لا يكون بالخبر الواحد.

الثاني:- ان هذه النية انما تكون قياس على سائر الطهارات فانه لا تشترط النية في سائر الطهارات ولا في بعض الامور التي تشترط في الصلاة ، فرفع الخبث من البدن لا يحتاج الى النية وكذا ستر العورة في الصلاة لا يحتاج الى نية فليكن الوضوء من هذا القبيل.

الثالث:- ان الوضوء وسيلة للصلاة وليس عملا مقصودا لذته فاذا لم يكن عملا مقصودا لذاته فحينئذ النية انما تكون للصلاة وليس للعمل الذي يكون وسيلة للصلاة.

واما عند المالكية والشافعية فانهم ذهبوا الى ان النية واجبة في الوضوء وهي فرض في الوضوء ، واما عند الحنابلة فقالوا ان النية انما تجب في الوضوء لأجل وقوع الصلاة بعدها والصلاة عبادة فلابد ان تكون المقدمة للصلاة ذو نية قربية لله تعالى.

اما الشافعية والمالكية فاستدلوا ايضا بان الوضوء عمل والعمل لابد ان يكون مع النية ولا سيما ان هذا العمل وان لم يكن مقصودا بذاته لكنه وسيلة لإتيان الصلاة فهو عمل لابد من اتيانه.

وكذا استدلوا بالحديث المعروف (انما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى)[5] على ان النية معتبرة في الوضوء.

ومن هنا يظهر المناقشة فيما استدل به الحنفية من ان لا يشترط النية.

وكيفما كان فان النية في الوضوء مثل النية في سائر العبادات وسائر الاعمال فانه من الامور الفطرية المركوزة عند الانسان ولا يمكن ان يتحقق فعل اختياري الا مع النية وقد ذكرنا ان الفقهاء انما يذكرون النية في كتبهم الفقهية لأجل انهم يريدون ان يميزوا بين العمل وبين العادة ولانهم يريدون ان يميزوا بين العبادات بعضها مع بعض.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo