< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في اعتبار المباشرة في افعال الوضوء وذكرنا بان الادلة وهي الاجماع ومعقد الاجماع يدل على الحرمة الوضعية لا التكليفية فقط والاخبار التي وردت في بيان كيفية الوضوء وفي جميع العبادات حيث ان ظاهرها اعتبار المباشرة في اتيان تلك الافعال وكذا الوضوءات البيانية حيث انه هي التي تفسر حيث (فيها صب الماء واسدل الماء وجعل الماء ومسح على الراس ومسح على الرجلين) فكل هذه يستفاد منها اعتبار المباشرة في الوضوء ، مضافا الى انه لو استعان بالغير فنشك في فراغ ذمته فقاعدة الاشتغال تجري في المقام.

هذه عمدة الادلة التي استدل بها على المباشرة في الوضوء بل في كل عبادة.

وهنا دليل اخر تمسك به وهو ان تلك الروايات التي وردت في الاستعانة كما في الصحيح ان الامام الباقر (عليه السلام) وغيرها من الروايات الدالة على كراهة الاستعانة ورد فيها ان الامام استدل بقوله تعالى (ولا يشرك بعبادة ربه احدى) حيث استفادوا من ان الاستعانة بالغير انما هو شرك والشرط موجب لبطلان العبادة.

لكن اورد على هذا بان هذه الروايات كما سياتي ان الامام (عليه السلام) انما استشهد بها في العبادة التي هي صلاة وصب الماء على اليد في الوضوء هو من مقدمات الصلاة وحينئذ لا تسمى هذه الاستعانة في الوضوء شرك لذا هذه الروايات منصرفة عن المقام بالكلية ، الا اذا قلنا بان الاستعانة مطلقا مكروهة سواء كانت في نفس الصلاة او في مقدمات الصلاة ، ولكن هذا يحتاج الى دليل أي لابد من دليل يدل على ان الاستعانة كلها مكروهة او محرمة ، ولكن هذا غير ممكن مع وجود صحيح يدل على ان الامام استعان في الصب على يده.

الا اذا قلنا بإجمال هذه الرواية فنرجع حينئذ الى الادلة التي ذكرناها.

ثم نقول ان تلك الادلة التي وردت في التكاليف تارة تكون في مورد العبادات التي تكون افعالها تكوينية صادرة من المكلف مثل القيام والركوع والسجود ووضع الماء وغسل وتارة افعال اعتبارية جعل الشارع الاقدس لها نوع اعتبار ، والادلة التي ذكرناها في الافعال الاعتبارية لا يشترط فيها المباشرة اذ المناط في الافعال الاعتبارية هو صحة انتسابها الى المالك او الى الآمر كما في العقود والايقاعات فان العقود والايقاعات افعال اعتبارية المناط فيها صحة انتسابها الى مالكها او الى الامر فيصح بيع الوكيل كما يصح طلاق الوكيل ونحو ذلك اذ المناط نسبة هذه الافعال الى فاعلها.

وصحة الانتساب كما يصدر من الانسان نفسه كما يصدر من مأموره حينئذ ومن موكله ويصح الانتساب الى الآمر ويصح الانتساب الى الموكل اذا صدر من الوكيل او صدر من المأمور.

بينما الافعال التكوينية مثل الغسل ومثل المسح فهذه الافعال جعلها الشارع جزءا من الصلاة مثل الركوع والسجود هذه الافعال التكوينية لابد ان تكون مستندة الى فاعلها ولا تحصل ولا تبراء اذا نسبت الى غير فاعلها اذ لا معنى لصدور فعل من شخص وينسب الى شخص اخر فان ظاهر تلك الادلة هو اتيانها ومباشرة الفاعل لها الا اذا دل دليل على انه يصح النيابة فيها كالجهاد فانه يصح لمن لا يقدر عليه ان يرسل شخصا ويكون نائبا عنه فيسقط عنه وكذا النيابة بعد الموت فانه موجب لابراء ذمة المنوب عنه ولكن هذه الادلة انما تدل على ابراء ذمة المنوب عنه لا ان هذا مأمور به وفرق بين ان نجعل فعل الغير مأمور به وبين ان نجعل فعل الغير مبرأ لذمة الامر ففي مثل هذه الموارد التي دل على جواز النيابة فيها انما تدل على ابراء ذمة الآمر في الجهاد في الصلاة بعد الموت واما ان هذه الادلة فلا تدل على ان هذا هو المأمور به.

والمحصل من جميع ذلك ان الافعال ظاهرة الادلة لابد ان تكون مباشرة حاصلة من نفس الفاعل ولا يصح فعل الغير اذا انتسب الى الفاعل الا اذا كانت من الافعال الاعتبارية كما في العقود والايقاعات.

ثم قال (رحمه الله) : ((فلو باشرها الغير أو أعانه في الغسل أو المسح بطل))[1] .

بناء على ما تقدم من اعتبار المباشرة.

ثم قال (رحمه الله) ((وأما المقدمات للأفعال فهي أقسام: أحدها: المقدمات البعيدة، كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك، وهذه لا مانع من تصدي الغير لها))[2] .

وهذه لا اشكال انه لا حرمة فيها ولا كراهة للسيرة والاجماع بل لا يمكن ان يصدر فعل من افعال الانسان الا فيه مقدمات بعيدة ولا يختص بالوضوء. ولو قلنا انه يعتبر في المقدمات البعيدة المباشرة لاستلزم الحرج ، وحينئذ هذه الروايات التي وردت في الاستعانة بالماء فإنها تحمل اما على هذه المقدمات البعيدة او المقدمات القريبة التي سياتي بيانها.

قال (رحمه الله) : ((الثاني: المقدمات القريبة، مثل صب الماء في كفه، وفي هذه يكره مباشرة الغير.

فان هذه مقدمات قريبة فهل ايضا ممنوعة كراهة او حرمة))[3] .

قال يوجد خلاف فان هذا القسم هو مورد الاجماع الذي قالوا بانه يجوز الاستعانة بالغير ، والروايات الواردة في المقام عديدة فهل يمكن لنا استفادة قاعدة عامة من الروايات الواردة في المقام؟ لابد من ذكر الروايات اولا حتى نستفيد منها انه هل يمكن تأسيس قاعدة في جواز الاستعانة او لا يمكن؟

الرواية الاولى:- رواية الحسن الوشاء قال: دخلت على الرضا ( عليه السلام ) وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة، فدنوت منه لأصب عليه، فأبى ذلك، فقال: مه يا حسن، فقلت له: لم تنهاني أن أصب على يديك، تكره أن أؤجر؟! قال: تؤجر أنت وأوزر أنا، فقلت: وكيف ذلك؟ فقال: أما سمعت الله عزوجل يقول: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحد))[4] .

فان معناه ان جعل العبادة هي الصلاة والوضوء مقدمة لها فمن هذه الرواية نستفيد ان الامام عليه السلام جعل الشرك بمعنى الصلاة وهي العبادة.

اذا نظرنا الى ظاهر الآية وان الوضوء من مقدمات الصلاة والصلاة عبادة وفعل الغير فيه شرك والشرك حرام فظاهرها كراهة الاستعانة بمقدمات الوضوء.

الا ان هذه الرواية يمكن ان نستفيد منها انه ليس الامر كذلك اذ ان الامام هو فسر العبادة بمعنى الصلاة والوضوء من مقدمات الصلاة وليس كل استعانة في المقدمات هو شرك في العبادة فلا يعد الاستعانة بمقدمات الصلاة من الشرك في الصلاة وفي العبادة فالحديث بمعزل عن ذلك فلابد ان نحمله على ان الاستعانة حتى في مقدمات العبادة مكروهة اما الحرمة فلا يمكن.

واستشكل في سند الرواية لا في الدلة وليس بصحيح فظاهر الرواية انما تدل على الكراهة ولا تدل على حرمة الاستعانة بالغير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo