< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في الاراضي الواسعة التي يملكها الملاك وذكرنا ان الحكم بمثل هذه التصرفات في تلك الاراضي حكمة حكم التصرف في الانهار الكبيرة التي يشقها مالك معين او مالكين على نحو الشركة فان السيرة جارية على الوضوء من تلك الانهار كذا السيرة القطعية جارية على مثل هذه التصرفات في مثل تلك الاراضي الواسعة من الوضوء او الصلاة او نوم او استراحة.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله) : ((وكذلك الأراضي الوسيعة يجوز الوضوء فيها كغيره من بعض التصرفات، كالجلوس والنوم ونحوهما ما لم ينه المالك ولم يعلم كراهته، بل مع الظن أيضا الأحوط الترك، ولكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال: ليس للمالك النهي أيضا))[1] .

قيد السيد الماتن (رحمه الله) التصرف بالأراضي الواسعة بما اذا لم يعلم بكراهة المالك وكذا اذا منع المالك عن مثل هذه التصرفات بل حتى من الظن بالكراهة فلا يجوز التصرف.

وهذا راجع الى ما ذكرنا آنفا من ان السيرة دليل لبي لا اطلاق ولا عموم لها فاذا كانت هناك سيرة يأخذ بالقدر المتيقن والاقتصار على القدر المتيقن في مثل هذه التصرفات اذا لم يكن نهي من قبل المالك او لم تكن كراهة بالتصرف او ظن بكراهته ، ولكن هذا الظن ليس لأجل اعتبار الظن بل المراد من ان هذا الظن يورث الشك في التمسك بالسيرة حيث لا عموم ولا اطلاق فيها فلابد من الاقتصار على المتيقن والمتيقن هو ما لم يكن هناك نهي وما لم كراهة من المالك وما لم يكن ظن بالكراهة فهذا المورد المتيقن من السيرة.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله) : ((، ولكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال: ليس للمالك النهي أيضا))[2] .

هذا الذي ذكره يعني انه لو نهى المالك عن التصرف في ملكه فلا اثر لهذا النهي فلا تثبت حرمة شرعية.

الوجه فيه:- قالوا بان هذه التصرفات مثل الصلاة والنوم والاستراحة توجد سيرة على جواز التصرف.

ولكن اشكل على هذه السيرة بانه لو كان هناك نهي او كراهة من المالك او ظن بكراهته لا يمكن لنا الرجوع الى السيرة كما ذكرنا آنفا.

او ان هذه التصرفات النوم والصلاة والاستراحة ليس تصرفا عينيا في الخارج انما هو يعد من قبيل الانتفاعات كمن ينتفع ويستضيء بنور الغير ويقرأ وكمن يستمتع بالنظر الى بستان الغير وكن يسمع صوت الغير ويستفيد من هذا الصوت وامثال ذلك فان هذه انتفاعات وليست تصرفات شخصية خارجية حتى تشمله ادلة المنع ولو شككنا في ان اصالة المنع عن التصرف في اموال الغير بغير اذنه تشمل هذه فان الظاهر الانصراف عن هذا بل ان هذه خارجة عنها لان تلك ظاهرها التصرفات الخارجية وهذه مجرد انتفاع وليس تصرف.

اذن الادلة الدالة على حرمة التصرف في ملك الغير منصرفة عن هذه ولا يمكن التمسك بتلك الادلة لأنه من التمسك بالموضوع المشكوك.

ونحو ذلك لو كان شخص يتكأ على جدار الغير في الشارع العام ايضا ان مثل هذا الاتكاء ووضع اليد على الجدار لا يمسى تصرف بالجدار بل هو مجرد انتفاع ونشك في شمول الادلة الناهية عن التصرف في ملك الغير له اما للانصرف او لان التمسك بها من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية او لوجود السيرة في البين ، ولك ذكرنا ان التمسك بالسيرة مشكل. هذا ما ذكروه.

ولكن الحق ان هذه تختلف عن عنوان الانتفاع اذ ان الادلة الدالة على حرمة التصرف في ملك الغير انما تشمل التصرف الخارجي في العين او في المنفعة اما الانتفاع فلا يسمى تصرفا عينيا ولا تصرفا خارجيا لكن هل ان الصلاة في هذه الارض الوسيعة من الانتفاع او هو تصرف خارجي فهل ان الجلوس والنون مجرد انتفاع او انه تصرف خارجي؟

لذا القول بان الصلاة في مثل هذه الاراضي الوسيعة مع نهي المالك عنها ليست الا انتفاع حتى لو نهي المالك عن الانتفاع بما يملك فلا يتمشى منه قصد القربى لان هذا تصرف وليس انتفاع ، ومن هنا استشكل جمع من الاعلام على الماتن.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله) : (مسألة 8): الحياض الواقعة في المساجد والمدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها ، إلا مع جريان العادة بوضوء كل من يريد، مع عدم منع من أحد، فإن ذلك يكشف عن عموم الإذن، وكذا الحال في غير المساجد والمدارس كالخانات ونحوها))[3] .

ذكرنا مثل هذه المسالة في بحث التخلي فهناك ذكر الماتن (رحمه الله) ((لا يجوز التخلي في ملك الغير الا مع الاذن منه)) , والكلام هنا عين الكلام هناك.

فان الاوقاف تارة تكون عامة ويستفاد العمومية من جعل الواقف وانشائه حين الوقف فيجعل هذا الحوض عام لكل من يريد ان يصلي ويتوضأ منه سواء كان يريد ان يصلي في هذا المسجد او لا يريد.

وتارة يكون الوقف خاص وهذا تابع لجعل الواقف ايضا فيجعل هذا الحوض او هذه الحمامات لمن يريد ان يصلي في المسجد او لطلاب هذه المدرسة.

فلو علمنا العموم صح الوضوء والتصرف ، ولو علمنا الخصوصية فلا يجوز التصرف الا من اختص به الوقف.

ولكن اذا شككنا في ان هذا الوقف عام او خاص فالجار هو اصالة عدم كونه وقفا عاما تجري فلا يجوز لغير المصلين في ذلك المسجد ان يتوضأ منه ولا يجوز لغير الساكنين في هذه المدرسة ان يتوضأ من هذا الحوض.

ولا تعارض بين اصالة عدم كون الاذن عاما واصالة عدم كونه خاصا اذ انه هناك ايضا نشك في ان هذا الوقف خاصا او لا؟ فان هذا الاصل الثاني لا اثر له وما ذكرناه سابقا من ان الاصل انما يجري فيما اذا ترتب عليه اثر والاثر مترتب على الاصل الاول وهو اصالة عدم كونه وقفا عاما واثرها انه لا يجوز لغير المصلي الوضوء منه ، اما اصالة عدم جعله وقفا خاصا فلا يترتب عليها اثر فلذا لو شككنا في كون الادن عاما او خاصا فالجاري هو اصالة عدم كونه وقفا عاما.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله) : (مسألة 9): إذا شق نهر أو قناة من غير إذن مالكه لا يجوز الوضوء بالماء الذي في الشق، وإن كان المكان مباحا أو مملوكا له، بل يشكل إذا أخذ الماء من ذلك الشق وتوضأ في مكان آخر، وإن كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة))[4] .

فاذا شق شخص نهرا كبيرا ثم جاء شخص اخر وشق نهرا صغيرا من ذلك النهر الاول من دون اذن مالك النهر الاول فيقولون انه لا يجوز الوضوء منه لعد قيام السيرة على ذلك لان السيرة قامت على جواز الوضوء من الانهار الكبار اما فهذه الصورة فلا توجد سيرة على ذلك.

حتى لو كان الماء ليس ملكا لاحد لما تقدم من ان هذا الماء اذا جرى في النهر الكبير صار من مختصات مالك النهر ، ولو اخذ الماء من هذا النهر الصغير وتوضأ في غير مكان ايضا فيه اشكال لعدم وجود دليل على جواز ذلك التصرف لا من سيرة ولا من غيرها.

الا ان يكون هناك سيرة اخرى في البين وهي انه من اجرى نهرا كبيرا فانه قد جرت السيرة عند الفلاحين ان يشقوا منه شطوط صغار او نهر صغير فيصح الوضوء منه اما اذا لم تقم سيرة على ذلك فلا يصح.

تتمة:- هل يمكن استفادة التعميم من قرينة خارجية فلو دخلنا المسجد ورأينا حوضا وشككنا في عموم الاذن فعل يمكن استفادة التعميم من القرائن؟ قال السيد الماتن (رحمه الله) لو رأى ان الناس يأتون ويتوضؤون ولم يكن من احد منع بالنسبة اليهم فقد يستفاد التعميم من هذه القرينة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo