< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في القول الرابع وهو التفصيل بين الجاهل والناسي وغيرهما ومحصله انه اذا كان الجاهل قاصرا او مقصرا فان وضوئه باطل ويجب عليه الاعادة لما ذكرناه من ان هذا الفعل مبغوض واقعا ومع وجود المبغوضية الواقعية لا يمكن التقرب به ، مضافا الى ان هذا العمل معاقب على فعله.

اذن اذا كان الفعل مبغوضا ويعاقب الفاعل على فعله فكيف يمكن ان يتقرب بمثل هذه العبادة هذا ما ذكره في الجاهل المقصر.

وكذا قال في الجاهل القاصر فانه ايضا حكمه حكم الجاهل المقصر ، لأنه اما ان يستدل على صحة وضوئه بالاجماع ولكن هذا الاجماع ليس تعبدي او ندرجه في مسالة اجتماع الامر والنهي مع ان مسالة اجتماع الامر والنهي لا تجري في المقام باعتبار ان موردها فيما اذا كان هناك امر ونهي وتصادقا في مورد , اما اذا كان الامر والنهي اتحاديا فلا تجري , إذ ان تصرفات هذا المتوضئ أي الغسل بماء الوضوء بنفسه حرام لا انه اجتمع فيه واجب وحرام بل بنفسه تصرف غصبي وهذا حرام وهو باطل.

وكذا قال انه حتى في هذا المورد الفعل مبغوض واقعا وملاك المبغوضية متحقق في الجاهل القاصر ومع وجود المبغوضية الواقعية لا يمكن يتقرب به.

ثم ذكر النسيان وقال انه على قسمين.

تارة يكون عن عذر كما اذا اتى شخص وتوضأ بماء هو كان يعلم انه مغصوب ثم نسي فانه يصح وضوئه باعتبار ان اطلاق حديث الرفع يشمله.

مضافا الى انه في النسيان والاضطرار الحكم يختلف عن الجاهل وان كان كل هذه الثلاثة وغيرها واردة في حديث الرفع , ولكن في حال الجهل يرتفع الحكم الظاهري واما في حال النسيان والاضطرار يرتفع الحكم الواقعي فلا مبغوضية واقعا في مورد النسيان ولا مبغوضية واقعا في مورد الاضطرار فلذا يصح منه الوضوء اذا كان النسيان عن عذر.

واخرى يكون النسيان عن عذر كما اذا كان الغاصب هو بحد نفسه يتوضأ من هذا الماء الذي غصبه في حال نسيانه فهنا قال الحكم يختلف لان هذا يدرج في مثل الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار لأنه هو الذي اوقع نفسه في الامتناع ثم نسي فصار هذا مختارا وحينئذ لا يشمله حديث الرفع

مضافا الى ان هذا الفعل هو بنفسه مبغوض قد حصل من عند نفسه وغالبا من يغصب شيئا ينسى الغصب فصار بحسب نفسه وبفعله حصل هذا الشيء.

ولو اردنا التمسك بحديث الرفع وقلنا ان حديث الرفع يرفع المبغوضية الواقعية ولكن في هذه الصورة هو امتنع بسبب اختياره والممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

وان كان المحقق النائيني (رحمه الله) يرى في صورة النسيان والاضطرار ان الخطاب وان سقط ولكن الملاك باقٍ فحينئذ هما كالجاهل بينما غيره يرى ان الملاك يسقط حاله حال الخطاء أي كلاهما يسقط في صورة الاضطرار والنسيان بخلاف الجهل فلا يسقط الملاك.

ولكن شيئا مما ذكر لا يمكن المساعدة عليه.

اما الاول فلما عرفتم سابقا من ان المناط في صحة العبادة الظاهرية تمشي قصد القربى من هذا الجاهل المقصر وانه مما يصح التقرب به ظاهر لا اكثر ، واما المبغوضية الواقعية فلا تضر بصحة العبادة الظاهرية وسقوط هذا الفعل واجزاء , واعادته تحتاج الى دليل.

واما الثاني فانه قال في مورد الجاهل القاصر انه لو قلنا ان هذا حكم ظاهري فمعناه انه عند الانكشاف يجب عليه اعادة العمل فلو انكشف بعد ذلك ان الماء مغصوب فيجب اعادة الوضوء واعادة الصلاة لو صلى بهذا الوضوء.

ولكن اذا كان العبد معذورا في اتيان هذا الضوء لأنه كان جاهلا حينئذ والجهل عذر ومجرد المبغوضية الواقعية التي يعذر العبد بمخالفتها لم تكن منجزة بالنسبة اليه فهذا الفعل قد اتى به جامعا للشرائط فلا يكون موجبا لسقوط الامر المتعلق به ومجزيا عنه واعادته يحتاج الى دليل فان دل دليل على وجوب الاعادة عند الانكشاف والا اطلاق امر الوضوء الشامل لهذا الفعل ساقط.

واما ثالثا فان هذا مجرد فرض اذ ان المكلف لم يكلف باتيان الواقع مع العذر وانه خالف الواقع لأجل العذر فحينئذ الفعل صحيح ويشمله اطلاق الامر ولا اشكال , ولعمري ان ما ذكره انما هي فروض اصولية بعيدة عن الفقه المبني على الفهم العرفي والمبني على اليسر ، هذا هو الفرق بين الفكر الاصولي والفكر الفقهي ، فنحن نرجع الى اطلاقات الادلة التي تدل على ان الفعل اذا كان جامعا للشرائط ومنها التقرب الى المولى اذا كان الفعل عباديا وتمشى قصد القربى منه فيصح العمل واطلاق الامر يشمله ، اذن مجرد المبغوضية الواقعية اذا كان العبد معذورا في مخالفتها فلا يضر ذلك.

واما بالنسبة الى النسيان حيث فصل بين النسيان عن عذر ولا عن عذر ، فانه لنا اطلاق حديث الرفع فانه رفع عن امتي تسع ومنها النسيان فانه يشمل الناسي سواء كان هذا النسيان عن عذر كما اذا توضأ بماء وقد علمه انه مغصوب ثم نسي ثم تذكر او انه كان هو بنفسه غاصبا فبعد تحقق الشروط فيه وتمشي قصد القربى وكونه لم يكن مبغوض ظاهرا وان كان مبغوض واقعا فيصح العمل.

واما ما ذكره من ان الغاصب لم يرد الماء الى مالكه وتوضأ فهذا يكون من موارد الامتناع بالاختيار فان هذا مجرد فرض فمن قال ان هذا من موارد الامتناع بالاختيار ، فبعد شمول اطلاق حديث الرفع له لا يشمله وكذا يشمله اطلاق الامر بالوضوء.

نعم في مورد واحد يمكن القول ولعله هو الذي يريده وهو فيما اذا كان النسيان تساهل في الدين كما هو الكثير لعدم الاعتناء بأمور الشرع وقد ورد انه يعاقب حتى لا ينسى فاذا وصل النسيان في هذا المكلف الى درجة انه يعتبر تساهل منه في الدين ولا يعتني بامور دينه فانه يمكن القول بانصراف ادلة العذرية عن هذا بلا فرق بين ان يكون هو الغاصب او غير غاصب.

وهذا الامر ايضا يجري في الجاهل سواء كان هذا الجاهل قاصرا او مقصرا وبذلك يمكن الجمع بين الكلمات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo