< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- شرائط الوضوء.
وصل بنا الكلام الى قول الشيخ (قدس سره) في المبسوط فانه قال اذا توضأ بالماء المتنجس جاهلا به ثم انكشف الحال فاذا كان في الوقت فيجب عليه الاعادة واذا كان خارج الوقت فلا يجب عليه القضاء لان القضاء يحتاج الى امر جديد وهو مفقود.
ولكن هذا ممنوع كبرى وصغرى.
اما كبرى فانه قد ذكرنا في بحث الاصول في انه لا حاجة في القضاء الى امر جديد بل نفس الامر الاول الذي تعلق به هو يدل على وجوب القضاء لا ونحتاج الى امر جديد.
مع انه لو سلمنا بالكبرى الا ان الصغرى لا نسلم بها فان الامر بالقضاء موجود كما ذكرنا سابقا وسياتي في المسائل اللاحقة ان هناك نص خاص يدل على وجوب الاعادة او القضاء.
ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): ((وكذا طهارة مواضع))[1].
أي يجب ان تكون مواضع الوضوء طاهرة قبل الوضوء، وهذه المسالة موضع خلاف بين الفقهاء.
المشهور قالوا انه يجب ان تكون مواضع طاهرة قبل الوضوء، وادعاء الشهرة قد نفاه بعض الفقهاء بانه لم اعثر على الشهرة في المقام (أي في باب الوضوء) وان كانت الشهرة ثابتة في الغُسل , وتوجد في المسالة اقوال.
القول الاول:- وهو المنسوب الى المشهور بناء على ثبوت الشهرة وهو انه يجب ان تكون مواضع الوضوء طهارة قبل الوضوء.
القول الثاني:- طهارة كل جزء قبل الوضوء ولا نحتاج الى طهارة مواضع الوضوء بل يكفي ان يكون كل جزء من الاجزاء او كل عضو من الاعضاء طاهر قبل الغسل ولا نحتاج الى ان تكون جميع الاعضاء طاهرة قبل الوضوء.
القول الثالث:- لا يشترط ذلك بل بمجرد التوضي يطهر ذلك الموضع ولا حاجة الى طهارة المواضع قبل التوضي.
القول الرابع:- ما اذا كان الوضوء بالماء المعتصم او كانت النجاسة في اخر العضو فلا يشترط الطهارة وفي غير ذلك يشترط الطهارة فلو كانت المتنجس اول عضو في الوضوء او كان الماء قليلا فيشترط الطهارة.
والسبب في هذا النزاع يرجع الى عدم وجود نص في المقام، فانه لم يرد نص يدل على وجوب طهارة مواضع الوضوء قبل الوضوء ولذا اختلفت الاقوال في المسالة.
اما القول الاول فقد استدلوا بأمور:-
الامر الاول:- ان في الغسل يجب ان تكون مواضع الغسل طاهرة قبل الغسل اذا هناك نص خاص دل على وجوب طهارة مواضع الغسل قبل الغسل، فاذ كان في الغسل يجب فحينئذ يجب في الوضوء لانهما من باب واحد، لان الانسان انما يريد ان يثبت بهما الطهارة الحدثية.
واشكل عليه:-
اولاً:- ان الغسل موضوع والوضوء موضوع اخر، فاثبات حكم في الغسل وتسريته الى الوضوء ليس الا من القياس الذي لا نقول به.
ثانياً:- ان المقيس عليه (وهو الغسل) فيه نزاع بين الفقهاء وسياتي بيانه فكيف نسري هذا الحكم المختلف فيه في الغسل الى الوضوء.
الامر الثاني:- انه بمجرد وضع الماء على المحل النجس او العضو النجس فان الماء يتنجس وينفعل فلا يتحقق به الوضوء.
ويشكل عليه:-
اولاً:- ان هذا راجع الى اشتراط طهارة الماء لا انه يشترط طهارة مواضع الوضوء، فانه عندما نقول انه يتنجس بمجرد وضع الماء على العضو النجس فهذا معناه انه فقد شرط طهارة الماء.
ثانياً:- انه قد يكون الوضوء بالماء المعتصم كالجاري او ماء المطر او ماء الكر في يتنجس الماء حينئذ بوضعه على العضو النجس.
ثالثاً:- انه من قال انه يشترط هذا فلنقل في المقام انه ينفعل ثم يطهر كما في باب الخبث فقد تقدم في بحث النجاسات ان الماء الوارد على المحل النجس انما يطهر الموضع ثم ينفعل الماء بعد الانفصال وهذا قول او انه لا ينفعل.
الامر الثالث:- قالوا بانه يجب ان يكون المحل والعضو طاهرا حتى لا ينفعل الماء بوروده عليه.
ويرد عليه ان هذا عين المدعى وهو يحتاج الى دليل مع ان اطلاقات الادلة الوارد في الكتاب والسنة لا يشترط هذا الامر.
الامر الرابع:- انه هنا تجري اصالة عدم التداخل، أي هناك امران قد تعلقا بهذا المكلف امر بازالة الخبث وامر بالوضوء أي غسلة لإزالة الخبث وغسلة للوضوء، فاذا تحققت غسلة واحدة يريد بها ازالة الخبث وازالة الحدث، فان كل سبب له مسبب خاص فالامر الاول يحتاج الى مسبب والامر الثاني يحتاج الى مسبب اخر، وتحقق الامرين بمسبب واحد يحتاج الى دليل والا فأصالة عدم التداخل جارية.
ويرد عليه:-
اولاً:- ان اصالة التداخل انما تبحث فيما اذا كان الامرين مولويين اما اذا كان الامرين ارشاديين او احدهما ارشادي فلا تجري اصلة التداخل وسياتي ان شاء في بحث الغسل في قوله (عليه السلام) ((اذا اجتمعت لله عليه حقوق فيجزيك غسل واحد)) أي ان الانسان اذا تعلقت بذمته اغسال واجبة متعددة فلا نقول بالاجتزاء بغسل واحد لولا هذا الحديث.
فان ازالة الخبث وتطهير المحل امر ارشادي اما الى نجاسة المحل فيجب الغسل لإزالة النجاسة او انه كما يدعي بعض الفقهاء من انه الامر بالغسل ارشاد الى حصول التطهير بهذا الغسل ن وهذا لا تجري فيه اصالة عدم التداخل.
ثانياً:- ان ازالة الخبث لا تحتاج الة نية وقصد، فالخبث يرتفع بصب الماء عليه ولو كان لا عن قصد بل حتى لو كان بأمر تكويني كما لو نزل عليه المطر او وقع الثوب في الماء النجس، فلم يقل احد انه يشترط في الطهارة الخبثية قصد ازالة النجاسة، ولما كانت غسلت الوضوء تحتاج الى القصد فحينئذ اذا قصدنا الوضوء فبالتبع سوف يطهر المحل، فلا نحتاج الى اصلة عدم التداخل.
فالاولى هو عدم اعتبار طهارة مواضع الوضوء.
الا ان المستفاد من مذاق الشارع ومرتكزات الفقهاء والمتشرعة انه يعتبر طهارة مواضع الوضوء قبل الوضوء، فمن هذه الجهة نقول بالاعتبار اما من حيث الدليل فلا دليل عليه تام.
اما القول الثالث الذي فصل بين الماء المعتصم والماء القليل هو الاولى، فان كان الوضوء بالماء المعتصم والارتماس بالماء المعتصم كالكر والجاري فلا نحتاج الى طهارة المحل واما اذا كان الوضوء بالماء القليل فنحتاج الى طهارة مواضع الوضوء لمذاق الشارع وارتكازات الفقهاء لا اكثر من ذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo