< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- شرائط الوضوء.
ذكرنا ان المحقق البحراني (رحمه الله) خالف المشهور وقال ان من توضأ بماء نجس جاهلا بالنجاسة فلا يجب عليه الاعادة ولا القضاء، خلافا للمشهور الذين افتوا بوجوب الاعادة او القضاء، وذكرنا انه قد استدل بأمرين وتقدم الكلام في الامر الاول.
الامر الثاني:- الروايات الواردة في الماء أي ان ((الماء كله طاهر الا ما تعلم انه قذر)) و((كل شيء لك طاهر الا ما تعلم انه قذر فيقذر))، واستفاد من هذه الروايات ان النجاسة لم تكن امرا واقعيا وانما هي اعتبار شرعي انما يكون في حال العلم بها، واما في حال الجهل بها فلا نجاسة، وعليه فقد افتى بعدم وجوب الاعادة ولا القضاء في هذا المورد.
وإستشهد ايضا بفتوى العلمين المحدث الجزائري (رحمه الله) والشيخ الكاظمي (رحمه الله) بعدم وجب الاعادة والقضاء من باب الاستئناس لا من باب الاستدلال، ثم ذكر كلاما لا يليق بمثله ((انكر علي بعض المعاصرين القول بان النجاسة امر اعتباري فلا تجب الاعادة ولا القضاء اذا توضأ جهلا بالماء المتنجس ولكنه يتبع المشهور وطبع الانسان متابعة المشهورات)).
ولكن يرد عليه:-
اولاً:- ان الروايات الدالة على معذورية الجاهل فهي اما تدل على نفي العقاب والمؤاخذة فلا يدل على نفي الاعادة ولا القضاء، او لا يوجد دليل من الادلة يدل على التعميم بحيث يشمل كل اثر يترتب على فعل الجاهل من العقاب ومن المؤاخذة ومن الاعادة ومن القضاء فلو كان ذلك الدليل موجود فلابد من تخصيص ذلك الدليل بتلك الادلة التي ذكرناها في المقام وفي غير المقام، هذا على سبيل الاجمال.
واما على سبيل التفصيل فانه لا ريب ولا اشكال ان الجاهل معذور ولم يتوجه اليه تكليف حين جهله وقد حكم الفقهاء وافتوا في كثير من الموارد بمعذورية الجاهل فقد حكموا بان من افطر في شهر رمضان جاهلا بحكم المفطرية فلا كفارة عليه كما ذهب اليه السيد اليزدي (رحمه الله) وجمع من الفقهاء وان خالفه جمع، وايضا قالوا في موارد شرب الخمر جاهلا بحكمه او جاهلا موضوعه فلا حد عليه، نعم ان دل ليل خاص على ان الجاهل يؤاخذ فلابد ان يؤخذ به كما دل في موارد من تزوج بامرأة في العدة جاهلا بانها في العدة حرمت عليه مؤبدا والا فمقتضى الروايات التي ذكرناها هو المعذورية ولا شيء عليه.
لكن هذا لا يكفينا في المقام اذ ان ادلة التكاليف الاولية تامة بالنسبة الى الجاهلين ومنجزة بالنسبة اليهم، فكل التكاليف منجزة بالنسبة الى العالمين والجاهلين، فحينئذ بعد ارتفاع الجهل نرجع الى ادلة التكاليف وفي مقامنا هو توضأ بالماء المتنجس ثم انكشف له الحال فلابد ان نقول له ان التكليف الاولي كان منجزا عليه فعليه الاعادة او القضاء، فلا يكفي الرجوع الى الادلة المعذرة للجاهل بعد تنجز التكاليف الاولية بالنسبة الى الجاهلين.
ثانيا:- ان نفس هذه الادلة التي ذكرها في الامر الثاني تدل على ثبوت النجاسة الواقعية، وانها تدل على انه لا فرق في تعلق الجهل بها او العلم بها، فالنجاسة واقعية قد يتعلق العلم بها وقد لا يتعلق ويكون جاهلا بها، وانما هذه الادلة تدل على ثبوت حكم ظاهري عند الشك في النجاسة وهو الطهارة ـــ وهو تخفيف من الشارع ـــ الا اذا علمنا بالقذارة.
ولا يمكن ان يثبت الحكمان في هذا الحديث لاستلزامه التضاد والتضاد في الاحكام على الاجمال ثابت وان لم نقبل بذلك فيلزم التنافي بينهما والجمع بينهما في دليل واحد وهذا غير ممكن.
ثالثا:- ان المحقق البحراني (رحمه الله) هل يقول بذلك في روايات اخرى لسانها يشبه لسان هذه الروايات مثل ((كل شيء لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه)) فهذا يشبه ((الماء كله طاهر حتى تعلم انه قذر)) فهل يفتي ان الحرمة من الامور الاعتبارية الشرعية تتحقق عند العلم بها ولا تثبت عند الجهل بها او لا يلتزم بذلك؟ نعم لا يلتزم بذلك بل يقول ان الحرمة واقعية.
رابعا:- انه في نفس المقام أي النجاسة والطهارة لو غسل ثوبه المتنجس بماء مشكوك طهارته ثم تبين انه نجس فهل يصحح صلاته نظرا لان النجاسة اعتبارية فلا اعادة ولا قضاء او لا يصحح صلاته؟ واظنه لا يلزم بالصحة هنا، فما ذكره في باب الوضوء لا يقوله في باب الثوب المتنجس الذي غسله بماء مشكوك الطهارة.
اذن ما استدل به على عدم وجوب الاعادة والقضاء فيمن توضأ بماء ثم انكشف نجاسته غير تام.
اما ما ذكره من ان الانسان مجبول على متابعة المشهور فهو في العوام صحيح ولكن في العلماء ليس بصحيح.
فان المشهور ليس دليلا مستقلا بل المشهور يقرب الانسان الى مراد الائمة لا اكثر من ذلك، وهذا طبعي فإننا عندما نرى جمع من العلماء الاتقياء الاخيار والذين يفهمون كلمات المعصومين يقولون بهذا المطلب من هذه الرواية فان هذا يقربنا الى مراد الائمة (عليهم السلام).
ومن هنا نعلم ان ما ذكره الشيخ الطوسي (رحمه الله) من وجود الاعادة وعدم وجوب القضاء ايضا لا دليل عليه، وسياتي في المسالة اللاحقة انه لا حاجة الى ذلك لوجود نص خاص فيمن توضأ بالماء النجس جاهلا به ثم انكشف فيجب عليه الاعادة والقضاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo