< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.

كان الكلام في ان التقية توجب الاجزاء والصحة وعدم وجوب الاعادة او القضاء فيما اذا اتى بالعمل ناقصا اما اذا كانت التقية موجب لترك العمل بالكلية فلا يكون الترك مجزيا عن الفعل ، هذا ما تقدم بيانه.

ومن هنا نستفيد ان الحج معهم في يوم الثامن لا في يوم التاسع فهل يجزي الحج هنا او لا يجزي؟

الجواب:- بناء على ما ذكرنا من ان التقية تكون موجبة للاجزاء عن المأمور به فيما اذا اتى بفعل ناقص أي ان المكلف قد اتى بالحج ولكنه ناقص أي جاء به في اليوم الثامن بناء على حكمهم من باب التقية فيكون مجزيا حينئذ بلا فرق بين صورة العلم بالمخالفة وعدم العلم بالمخالفة لاطلاق تلك الادلة.

الا ان هذه المسالة موضع خلاف بين الفقهاء والتفصيل موكول لمحله ولكن بايجاز نذكر شيئا منه.

استدلوا على عدم اجزاء مثل هذا الحج الذي يكون الوقوف في يوم الثامن دون يوم التاسع لوجوه:-

الوجه الاول:- مرسلة رفاعة عن رجل ، ((عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال : يا أبا عبدالله ، ما تقول في الصيام اليوم ؟ فقال : ذاك إلى الامام ، إن صمت صمنا ، وإن أفطرت أفطرنا ، فقال : يا غلام ، علي بالمائدة ، فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان ، فكان إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله))[1] .

ولكن عرفت ان هذه الرواية مرسلة فهي ضعيفة من حيث السند وكذا هي ضعيفة من حيث الدلالة ، اذ ذكرنا في مورد ان هذه المرسلة انما تدل على عدم الاجزاء في موردها الخاص وهو ترك العمل وترك الواجب بالكلية وهذا لا اشكال في عدم الاجزاء فيه وليس هو محل كلامنا فان كلامنا في اتيان الفعل الناقص بحسب التقية واجزاءه عن الفعل التام.

الوجه الثاني:- ان هذا الفعل الذي اتى به ـــ أي الحج في اليوم الثامن ـــ في سنة الاستطاعة لا يجزي عن الحج الواقعي.

ويمكن الجواب بان الروايات التي وردت مثل (ان لا تقية في المتعة) نستفيد ان لا تقية انحصرت في متعة الحج وفي غير متعة الحج معناه ان التقية جارية ، فهذا عموم يشمل المقام فان تلك الرواية نفت التقية في خصوص متعة الحج وفي غير متعة الحج معناه ان التقية مشروعة.

مضافا الى السيرة الجارية على اجزاء الحج الذي الي يأتى به في اليوم الثامن عن الحج الواقعي.

وبعبارة اخرى انه لا فرق في العمل الذي يؤتى به يشترط فيه القدرة ام لا يشترط فيه القدرة من سائر العبادات فالحج يشترط فيه القدرة والاستطاعة بينما في سائر العبادات لا يشترط فيه القدرة بهذا المعنى أي الاستطاعة ، أي لا فرق في ادلة التقية بين الواجب الذي يشترط فيه القدرة كالحج وبين غيره كسائر العبادات.

الوجه الثالث:- ان اجزاء هذا الحج عن الواقع لا يكون ثابتا اما لمرسلة رفاعة المتقدمة او انه لا عموم للسيرة في البين بحيث يشمل هذا الحج الذي يفقد فيه الموقف.

الجواب عنه:-

اولا:- ان المرسلة مختصة بترك الواجب بالكلية ونحن كلامنا في فعل الواجب الناقص.

ثانيا:- اما ان السيرة لا عموم فيها وان القدر المتيقن منها مختص فيما اذا كان لم هناك علم بالمخالفة اما اذا كان هناك علم بالمخالفة فلا يجزي مثل هذا الحج فجوابه ان عموم تلك الرواية التي تقول (لا تقية في متعة الحج) فهذه الرواية لها عموم يشمل حتى صورة العلم بالمخالفة.

ثالثا:- اما وجود السيرة فالسيرة قائمة وانما حدث فيها اشكال في العصر المتأخر واما في العصر القديم فنادرا ما كانوا يستشكلون على ذلك ، فان الحج لم يكن تحت تصرفنا فهو دائما كان تحت تصرف المخالفين.

الوجه الربع:- ان هذا الحج اذا اوجب الاجزاء متوقف على العلم بنفوذ حكم حاكمهم حتى مع علمهم بمخالفة الواقع وهذا غير ثابت فيشك في اجزاء مثل هذا الحج.

لكن الجواب اننا نعلم بانهم خرجوا عن النص وعن منهج اهل البيت (عليهم السلام) واتخذوا الرأي سبيلا لهم في استنباط الاحكام وكم من حكم حكموا به وهو مخالف لنص الرسول ويعلمون بذلك ويصرحون بذلك فمن تتبع سيرت حكامهم وسيرة قضاتهم يعلم انما يحكمون حتى مع علمهم بمخالفة حكمهم للواقع.

خلافا لبعض المعاصرين حيث يعتبر ان هذا الامر غير ثابت ويدعي التتبع في موارد ، ولكن هذا التتبع ناقص بل هو تتبع بعض افعال العامة لا حكامهم ولا قضاتهم.

اذن تلك الرواية وروايات التقية تدل على مشروعية التقية في الحج وان الحج الناقص يقوم مقام الحج الكامل ولا تجب الاعادة او القضاء وان كان الاحتياط حسن.

المتحصل من ذلك مشروعية التقية في العبادات وغير العبادات وان التقية انما تكون موجبة للاجزاء انما اذا جاء بفعل ناقص ولا تكون موجبة للاجزاء اذا كان هناك ترك للواجب وان اطلاقات ادلة التقية ومشروعية ادلة التقية لا يفرق بين وجود المندوحة وعدم وجود المندوحة وان التقية في الحج كالتقية في سائر العبادات التي لم يشترط فيها القدرة وان التقية جارية في صورة الخوف كما انها جارية في صورة المجاملات والادبيات وان التقية انما توجب الاجزاء اذا كان هناك اضطرار لفعل الناقص واما اذا لم يكن هناك اضطرار للفعل الناقص فلا يجزي عن الواقع.

الحكم الرابع:- ان هذه التقية تختص بمورد عدم العلم ببطلان فعلهم او يشمل حتى مورد العلم ببطلان فعلهم.

فلو علم المكلف بان هذا الفعل الذي يأتي به هذا العالم او القاضي او امام الجماعة ان فعله باطل حتى عندهم فهل تجزي التقية في هذا المورد او يشترط عدم العلم بالبطلان عندهم؟

الجواب:- الظاهر عدم شمول ادلة التقية لمثل ما اذا علم المتقي ببطلان الفعل عندهم اذا ذكرنا سابقا ان التقية انما تجري اذا كان هناك تماس بالدين اما اذا علمنا ان هذا الفعل الذي يأتي به الطرف المقابل هو باطل حتى عندهم فليس هو من الدين حتى تجري فه التقية ، فتجب الاعادة او القضاء حينئذ ولا يكفي الفعل الناقص.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo