< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.
الفصل الخامس:- في احكام التقية.
تقدم انه لا ريب في مشروعية التقية وانها من ضروريات مذهبنا وقد اقمنا الادلة الكثيرة على المشروعية.
بلا فرق بين ان تكون التقية تقية خوف اذا كان هناك خوف يتوجه للانسان او لم يكن في البين خوف بل مجرد مجاملة وايقاع التحبب والمودة بين افراد المجتمع الاسلامي، فان الادلة التي ذكرناها شاملة للقسمين بل في خصوص القسم الثاني روايات كثيرة ذكرنا جملة منها.
قد يقال:- ان هذه التقية في بعض الاحيان توجب ترك جزء من عمل عبادي فرعي او ترك شرط لمجرد ان التقيد للتحبب والتودد بين افراد المجتمع مع ان الادلة تدل على اشتراط هذا الجزء وهذا الشرط في هذا العمل العبادي.
ولكن يقال:- ان تحقيق الألفة والمودة والمحبة التي هي مورد اهتمام النبي (صلى الله عليه واله) والائمة المعصومين (عليهم السلام) اولى من ترك جزء او ترك شرط في عمل فرعي عبادي او غير عبادي فان هذا التودد والمحبة له منزلة عظيمة عند المعصومين (عليهم السلام) وقد حثوا على ذلك بأساليب مختلفة.
وفي هذا الفصل سوف نتحدث عن احكام التقية وهي كثيرة:-
الحكم الاول:- ان التقية تنقسم بانقسام الاحكام الخمسة التكليفية فمثلا الواجب من التقية ما اذا كان هناك خوف ضرر على الانسان فيجب عليه دفع هذا الضرر باستعمال التقية والحرام ما اذا لم تكن شروط التقية متوفرة وقد تقدم رواية الامام الرضا (عليه السلام) حيث يوبخ من يستعمل التقية في غير مورد التقية، واما المندوب فيما اذا كان هناك فعل مندوب يتحقق في التقية او يأتي بالعمل في بيته ثم يكرر ذلك العمل معهم فهذه تقية مندوبة، والمكروهة فيما اذا تركنا المندوب في مورد بناء على ان ترك المندوب يكون مكروها، والمباحة فيما اذا اتينا بالعمل غير المشروع عندنا معهم كصلاة التراويح مثلا فيما اذا لم يترتب على ذلك عنوان آخر.
الحكم الثاني:- انه هل يعتبر في مورد استعمال التقية عدم المندوحة او لا يعتبر ذلك؟
والمراد من المندوحة هو انه يمكن للانسان ان يستعمل العمل موريا بذلك على الغير بان يقول كلاما يوهم الطرف الاخر ان هذا الكلام قول آمين او يفعل فعلا يوهم الطرف الاخر بان هذا تكتف وهو ليس بتكتف.
الجواب:- ذهب المشهور الى عدم اعتبار المندوحة فتشمل ما اذا كانت هناك مندوحة وما لم تكن هناك مندوحة واستدلوا على ذلك:-
اولاً:- اطلاقات ادلة التقية وعموماتها، لأنها في مقام البيان ومع ذلك لم تبين هذا الشرط وهو شرط عدم المندوحة مع كونه مورد ابتلاء عام فهذا يكشف عن عدم الاشتراط.
ثانياً:- انه لو اشترطنا عدم المندوحة لاستلزم منه خلاف الغرض من التقية فان الغرض من التقية هو دفع الضرر عن الانسان او لجلب الألفة والمحبة بين افراد المسلمين.
ولكن ذهب بعضهم الى اعتبار عدم المندوحة وقالوا انه يشترط في استعمال التقية هو عدم وجود المندوحة في البين اما اذا كان هناك مندوحة (كما لو امكنه التورية او امكنه الخروج من هذا الموضع) في البين فلا يمكن استعمال التقية واستدلوا على ذلك بجملة من الادلة:-
الاول:- ما ورد سابقا وذكرنا هذه الرواية في غسل اليد ولا يجوز غسل اليدين منكوسا اذا لم يره احد اما اذا راه احد فيجب غسل اليدين منكوسا.
ولكن يشكل على هذه الرواية بانها ضعيفة السند فلا يجوز الاعتماد عليها وكذا لا يوجد جابر لضعف هذه الرواية.
الثاني:- بعض الروايات الواردة في المقام
منها:- ما ورد في مكاتبة إبراهيم بن شيبة قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يرى المسح على الخفين، أو خلف من يحرم المسح وهو يمسح ؟ فكتب (عليه السلام) : إن جامعك وإياهم موضع فلم تجد بدا من الصلاة فأذن لنفسك وأقم، فان سبقك إلى القراءة فسبح))[1].
وهذه الرواية استدل بها على ان الرجوع الى التقية فيما اذا لم يكن هناك مندوحة واما اذا كان هناك مندوحة فلا يجوز لك استعمال التقية.
ولكن هذه الرواية بمعزل عما نحن فيه بالكلية فا ما نحن فيه امان جماعة يعمل على حسب مذهبه ولكن ما يعما يكون خلاف مذهبنا فيكون باطل بنظرنا ولكن اوجبت التقية الصلاة معه.
اولاً:- انها واردة في امام جماعة يخالف رأيه فان الصلاة خلفه تختلف عن الصلاة للتقية فان هذا امام لم يعمل بشروط مذهبه فصلاته باطلة.
ثانياً:- مع ان المضمون ايضا فيه اجمال فقوله (اذن لنفسك واقم) لأنه اذا دخل معه في الصلاة فان الاذان والاقامة لأي شيء تكون حينئذ.
وكذا هي مكاتبة ولا يعتمد على مثل هذه المكاتبات.
ومنها:- مكاتبة علي ابن يقطين حيث ورد فيها لم تكن له مندوحة حتى بالنسبة الى الوقت فقال الامام في جميع الازمنة وفي جميع الامكنة لابد ان تتوضأ وتصلي مثل صلاتهم.
وهذا معناه انه لم تكن له مندوحة في البين.
ولكن نقول ان هذه المكاتبة صحيحة وهي خاصة في مورد عدم وجود المندوحة وكلامنا في تلك الاطلاقات والعمومات التي لم يشترط فيها عدم المندوحة.
وكذا بالنسبة الى داوود الرقي فانهما لم يكن لهما بد من استعمال هذا العمل. وهذا خارج عما نحن فيه.
الثالث:- ان الاطلاقات منصرفة الى حالة عدم وجود المندوحة.
ولكن يجاب عنه بان الامر ليس كذلك فان هذه الروايات اذا اخذنا بظاهرها ولكن توجد روايات اخر تدل على عدم اشتراط عدم المندوحة بل يشمل حتى ما اذا كان هناك مندوحة ولذا اختلفت اخبار التقية عن ادلة الاحكام الثانوية البديلة حيث ان اخبار الاحكام الثانوية منصرفة الى عدم المندوحة ولذا قالوا بعدم جواز البدار فيما اذا كان هناك رجاء لزوال العذر بينما في اخبار التقية فلم نستفد منها الانصراف.
فهذه هي الادلة التي استدل بها على اشتراط عدم المندوحة في التقية وقد عرفتم انها غير تامة وسياتي مزيد بيان لذلك ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo