< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.

كان الكلام في مواضع التقية ووصل بنا الحديث الى الموضع الثامن.

الموضوع الثامن:- وهو التقية ممن يعرف مواضع التقية واحكامها فانه لا يمكن استعمال التقية في مورد لا يعرف الشخص خصوصيات ذلك المورد فلابد ان تكون التقية تصدر من شخص يعرف خصوصيات ذلك المورد حتى يعرف هل تكون تقية فيه اولا؟ ويدل على ذلك:-

ما رواه الكليني مسعد ابن صدقة ((قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه‌ السلام) يَقُولُ ـ وَسُئِلَ عَنْ إِيمَانِ مَنْ يَلْزَمُنَا حَقُّهُ وَأُخُوَّتُهُ : كَيْفَ هُوَ؟ وَبِمَا يَثْبُتُ؟ وَبِمَا يَبْطُلُ؟ فَقَالَ (عليه ‌السلام) : «إِنَّ الْإِيمَانَ قَدْ يُتَّخَذُ عَلى وَجْهَيْنِ : أَمَّا أَحَدُهُمَا ، فَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لَكَ مِنْ صَاحِبِكَ ، فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي تَقُولُ بِهِ أَنْتَ ، حَقَّتْ وَلَايَتُهُ وَأُخُوَّتُهُ ، إِلاَّ أَنْ يَجِي‌ءَ مِنْهُ نَقْضٌ لِلَّذِي وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ وَأَظْهَرَهُ لَكَ ، فَإِنْ جَاءَ مِنْهُ مَا تَسْتَدِلُّ بِهِ عَلى نَقْضِ الَّذِي أَظْهَرَ لَكَ ، خَرَجَ عِنْدَكَ مِمَّا‌ وَصَفَ لَكَ وَأَظْهَرَ ، وَكَانَ لِمَا أَظْهَرَ لَكَ نَاقِضاً ، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا عَمِلَ ذلِكَ تَقِيَّةً ، وَمَعَ ذلِكَ يُنْظَرُ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ التَّقِيَّةُ فِي مِثْلِهِ ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذلِكَ ؛ لِأَنَّ لِلتَّقِيَّةِ مَوَاضِعَ ، مَنْ أَزَالَهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا لَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ. وَتَفْسِيرُ مَا يُتَّقى مِثْلُ أَنْ يَكُونَ قَوْمُ سَوْءٍ ، ظَاهِرُ حُكْمِهِمْ وَفِعْلِهِمْ عَلى غَيْرِ حُكْمِ الْحَقِّ وَفِعْلِهِ ، فَكُلُّ شَيْ‌ءٍ يَعْمَلُ الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُمْ لِمَكَانِ التَّقِيَّةِ ـ مِمَّا لَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَسَادِ فِي الدِّينِ ـ فَإِنَّهُ جَائِزٌ))[1] .

هذا الحديث نستفيد منه:-

اولاً:- ان التقية جارية بين المؤمنين كما تجري بين المؤمن وغير المؤمن.

ثانياً:- ان التقية بين المؤمنين شرطها ان الذي يصدر منه التقية عارف بخصوصيات التقية لا مجرد ادعاء ويريد ان يتملص عن المسؤولية.

ثالثاً:- ان التقية لها مواضع منها ما ذكرناه من ان هناك دولة جائر وظالم يريد ان يفتك بالمؤمنين فيتقى منه ولكن هذه التقية مشروطة بماذا لم يستلزم فساد الدين ومحقه.

الموضع التاسع:- التقية في حفظ الشيعة نفسهم واسرارهم ، كما تقدم في ان التقية تجري في حفظ اسرار الائمة كما روى الكليني عن معلى ابن خنيس دليل على ذلك ، ومن العجب ان معلى ابن خنيس من اصحاب الامامين الصادقين (عليهما السلام) وكان ملازما للإمام الصادق (عليه السلام) فيوصيه الامام بالكتمان وعدم الاذاعة ، ولكنه خالف نصائح الائمة فقبض عليه واعدم من قبل العباسيين.

وهي عن حريز عن معلى ابن خنيس ((قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) : «يَا مُعَلّى ، اكْتُمْ أَمْرَنَا ، وَلَا تُذِعْهُ ، فَإِنَّهُ مَنْ كَتَمَ أَمْرَنَا وَلَمْ يُذِعْهُ ، أَعَزَّهُ اللهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَجَعَلَهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ فِي الْآخِرَةِ يَقُودُهُ إِلَى الْجَنَّةِ ؛ يَا مُعَلّى ، مَنْ أَذَاعَ أَمْرَنَا وَلَمْ يَكْتُمْهُ ، أَذَلَّهُ اللهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَنَزَعَ النُّورَ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَجَعَلَهُ ظُلْمَةً تَقُودُهُ إِلَى النَّارِ ؛ يَا مُعَلّى ، إِنَّ التَّقِيَّةَ مِنْ دِينِي وَدِينِ آبَائِي ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ ، يَا مُعَلّى ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي الْعَلَانِيَةِ ؛ يَا مُعَلّى ، إِنَّ الْمُذِيعَ لِأَمْرِنَا كَالْجَاحِدِ لَهُ))[2] .

فهذه تأكيد منهم في حفظ الاسرار يشمل الشيعة والائمة.

الموضع العاشر:- التقية التي تعطي الصورة الحسنة للمذهب واخلاق الائمة الطاهرين ، فتلك تقية لدفع شر المعاندين والجاحدين وهذه تقية لاعطاء صورة حسنة عن اخلاق الائمة.

ويدل على ذلك ما رواه الكليني عن هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ ، ((قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) يَقُولُ : « إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا عَمَلاً يُعَيِّرُونَّا بِهِ ؛ فَإِنَّ وَلَدَ السَّوْءِ يُعَيَّرُ وَالِدُهُ بِعَمَلِهِ ، كُونُوا لِمَنِ انْقَطَعْتُمْ إِلَيْهِ زَيْناً ، وَلَا تَكُونُوا عَلَيْهِ شَيْناً ، صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ ، وَعُودُوا مَرْضَاهُمْ ، وَاشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ ، وَلَا يَسْبِقُونَكُمْ إِلى شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ ، فَأَنْتُمْ أَوْلى بِهِ مِنْهُمْ ، وَاللهِ مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيْ‌ءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخَبْ‌ءِ». قُلْتُ: وَمَا الْخَبْ‌ءُ؟ قَالَ : « التَّقِيَّةُ ».))[3] .

هذه التقية تقية مودة وتقية جمع لا تقية اقصاء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo