< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.

كان الكلام في ثبوت التقية عند الشيعة (رضوان الله على الماضين وحفظ الباقين) هل ان التقية استوعبت جميع احكام الشيعة او الغالب منها او ليس الامر كذلك؟ بل ان الامر فيه تهويل سواء كان هذا الامر من الاعداء او من نفس الشيعة ممن لا خبرة له ، فقد هولوا الامر وقالوا ان الشيعة اغلب احكامهم ورواياتهم على التقية.

ذكرنا ان موارد استعمال التقية عند الشيعة هي:-

المورد الاول :- هي الروايات التي دلت على استعمال التقية وان التقية جزء من الايمان وان من لا تقية له لا دين له وامثال ذلك من الاحاديث وسياتي ذكر بعضها فان هذه الاحاديث دلت على استعمال التقية عند تحقق شروطها وظروفها.

المورد الثاني:- الموارد التي وردت في الكتب الفقهية وان هذه الاحكام هي للتقية وليس حكما صادرا لبيان الواقع وذكرنا ان ما ورد في كتب الفقه ولا سيما الشرايع ليس اكثر من عشرين موردا.

المورد الثالث:- نفس الروايات التي وردت عن الائمة الطاهرين هذه الروايات هل صدرت تقية؟ وما مقدار ما صدر عن الامام تقية؟

الجواب:- الكلام في هذا يقع من جهتين:-

الجهة الاولى:- في انه هل هناك تمييز في تشخيص الرواية التي صدرت تقية عن غيرها ام انه يوكل الامر الى العلماء في مجال العمل؟

ذكر بعضهم في التمييز بين الروايات التي صدرت للتقية وبين الروايات التي لم تصدر للتقية هو التعارض بين الروايتين الصحيحتين والعمل باحداهما وترك الاخرى فان الاخرى التي تركت هي للتقية.

ولكن هذه القاعدة لم نسمعها في كتب القدماء بل انما هو من المحدثين ممن لا خبرة له فان هذا الكلام لا اساس له.

وذكر بعضهم ان كل الروايات التي وردت وكانت ضعيفة في الاسانيد هي صادرت للتقية.

وليس الامر كذلك فان الروايات التي وردت عن الائمة الطاهرين فيها صحاح وفيها ضعاف والعمل بالضعاف له طرق متعينة ومتعددة فليس كل رواية ضعيفة هي للتقية.

فقد صدر هذين القولين ممن لا خبرة له بالروايات والاحاديث.

نعم صحيح ان العمل بالروايات على مر الزمان والعصور عند العلماء له طرق متعددة فبعضهم يشترط في العمل بالروايات وثاقة الراوي ثم قسموا الروايات الى الاقسام الخمسة المعروفة فهذا طريق من الطرق ، ولكن المعروف بينهم وثبت على ذلك هو الوثوق بصدور الرواية وليس المناط على وثاقة الراوي بل المناط على العمل بالروايات هو الوثوق بالصدور والوثوق بالصدور له طرق متعددة من تلط الطرق وثاقة الراوي ، ولعضهم يرى ان الوثوق بالصدور ما روي في الكتب الاربعة وبعضهم يرى عمل المشهور ايضا من طرق الوثوق وبعضهم يرى عمل العلماء برواية وان كانت ضعيفة تكون جابرة وتكون معتبرة وبعضهم قالوا ان ما روي ممن اجمعت العصابة عنه فهي موثقة وهكذا ، اذن لهم سبل متعددة في الوصول الى الوثوق بالصدور ولا يختص بخصوص وثاقة الراوي.

الجهة الثانية:- وهي ما هو مقدار الروايات التي التقية التي صدرت عن الائمة الطاهرين؟ فهل هناك احصاء لهذه الروايات؟

ونأخذ كتاب الكافي مثالا لذلك لان اعظم الكتب عند الأمامية فان الاحاديث المروية به عددها (16199) هذه الروايات تفوق مت ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم فلو رجعنا الى روايات الكافي لم تجد الا من احصى روايات التقية وقال انها (199) ليس اكثر من ذلك بل الذي يحقق يرى انها اقل من ذلك بكثير.

فهل لوجود هذا المقدار من الروايات التي صدرت تقية نترك العمل بتلك الروايات جميعها لأنه لا يعلم الرواية التي صدرت تقية من غيرها؟! كما يدعيه بعضهم.

نذكر اقوال جمع من العلماء من المتقدمين ومن المتأخرين:-

الاول:- قول السيد المرتضى (قدس الله نفسه): ((المسألة الخامسة [الرجوع إلى الكافي وغيره من الكتب المعتبرة] هل يجوز لعالم أو متمكن من العلم أو عامي الرجوع في تعرف أحكام ما يجب عليه العمل به من التكليف الشرعي إلى كتاب مصنف، ك‌ (رسالة المقنعة) و (رسالة ابن بابويه) أو كتاب رواية ك‌ (الكافي للكليني) أو كتاب أصل ك‌ (كتاب الحلبي) أم لا يجوز ذلك؟ فإن كان جائزا فما الوجه فيه؟ مع أنه غير مثمر لعلم، ولا موجب ليقين، بل الفقهاء العاملون بأخبار الآحاد لا يجيزون ذلك. وإن كان غير جائز فما الغرض في وضع هذه الكتب؟ وهي لا تجدي نفعا. وما الوجه فيما علمناه من رجوع عامة طائفتنا على قديم الدهر وحديثه إلى العمل بهذه الكتب، وارتفاع التكبر من العلماء منا على العامل بها، بل نجدهم يدرسونها مطلقة من جهة خلية من تقية على ترك العمل بمتضمنها، بل يكاد يعلم من قصدهم إيجاب التدين بها؟

الجواب: إعلم أنه لا يجوز لعالم ولا عامي الرجوع في حكم من أحكام الشريعة إلى كتاب مصنف، لأن العمل لا بد من أن يكون تابعا للعلم على بعض الوجوه، والنظر في الكتاب لا يفيد علما، فالعامل بما وجده فيه لا يأمن من أن يكون مقدما على قبيح ........ وأما الالزام لنا أن لا تكون في تصنيف هذه الكتب فائدة إذا كان العمل بها غير جائز. فليس بصحيح، لأن مصنف هذه الكتب قد أفادنا بتصنيفها حصرها وترصيفها وجمعها مذاهبه التي يذهب إليها في هذه الأحكام، وأحالنا في معرفة صحتها وفسادها على النظر في الأدلة ووجوه صحة ما سطره في كتابه))[1] . اذ ربما هذه الرواية التي يعمل بها لها معارض ولم يعمل بها المشهور وغير ذلك. هذا قول السيد المرتضى بالعمل في الروايات والاحكام فليس كل رواية وردت في كتاب كالكافي يجب العمل بها بل انما جمعها صاحب الكافي لألا تضيع الروايات والاحاديث ولكن العمل بها تابع للموازين والقواعد.

والبقية سياتي الكلام فيها ان شاء الله تعالى.

 

ومن الروايات التي ورت في ذم بعض اصحاب الائمة (عليهم السلام) او نسبة الكذب اليهم او سبهم او نحو ذلك.

الا ان هذا كان مستورا عن عموم الشيعة فلم يظهر الائمة (عليهم السلام) ذلك لشيعتهم ، بل كان خفيا عنهم ولم يذكروا ذلك الا للخواص ، فمثلا زرارة لما سبه الامام (عليه السلام) وشتمه بعد ذلك قال لابنه ان هذا صدر تقية لحفظ ابيك.

والسبب في ذلك واضح اذ ليس كل الشيعة يحفظون الاسرار ، لان الائمة يريدون ان يحفظوا شيعتهم من القتل والفتك وظلم الظالمين.

ومن هذه الروايات:-

ما قاله ((الامام الصادق (عليه السلام) لمعلى ابن خنيس : يا معلى من اذاع سرا لنا اذاقه الله حر الحديد)) فقد كانت التقية عند الائمة (عليهم السلام) من الاسرار.

ثم نأتي للتقية في الفقه الشيعي في الاحكام الشرعية ، ولا ريب ولا اشكال ان الائمة (عليهم السلام) ابتلوا بعلماء عصرهم لا سيما قبل ان يحددوا المذاهب ويحصروها في الاربعة.

ولا ريب ولا اشكال في ان الاعداء اتخذوا هذا وقالوا ان اغلب الاحكام الفقهية للشيعة الامامية هي صادرت للتقية ، فكانوا يكيلون التهمة للفقه الامامي بان اكثره تقية ، ولكنه ليس الامر كذلك فعلمائنا وان كان يوجد خلاف بينهم بين مقلٍ للأحكام التي صدرت تقية وبين مكثرٍ ولكن بهذا التهويل لم يكن ذلك ابدا ولكن لو جمعنا كل الاحكام الفقهية التي صدرت تقية في كتب فقه الامامية لرئينا انها لا تزيد على عشرين حكم او اقل فهذا كتاب شرايع الاسلام ليس فيه الا اقل من عشرة من احكام الفقه وفي غيره بعض الاحكام الاخرى وبعضهم استقراء كتب الفقه فلم يصل الى عشرين حكم ، وهذه الاحكام هي:-

اولا:- المسح على الخف للتقية والضرورة.

ثانيا:- قبول تولي اعمال السلطان تقية او ضرورة.

ثالثا:- قبول تولي القضاء للتقية او للضرورة بشرط عدم اقامة حد القتل.

الرابع:- ترك وضع الجريدتين على صدره.

الخامس:- كيفية الصلاة خلف الجائر تقية.

السادس:- التقية في متابعة الجائر في الصيام والافطار.

السابع:- ترك العمل برواية توزيع الوصية على الاعمام والاخوال كما هو في الارث واحتمال انها صدرت تقية.

الثامن:- حكم المرتد الذي يدعي التقية حين ردته ، وغيرها من الاحكام التي وردت في شرايع الاسلام.

وفي غير هذا الكتاب ورد ايضا احكام اخرى وهي:-

التاسع:- جواز تأخير الميقات في الحج للتقية.

العاشر:- جواز حكم القاضي الشيعي بخلاف مذهبه تقية بشروط معينة.

الحادي عشر:- التظاهر بقبول ذبائح اهل الكتاب تقية.

الثاني عشر:- التختم بالشمال بدل اليمين تقية.

الثالث عشر:- قبول جوائز السلطان ومناصبه تقية.

الرابع عشر:- ترك البسملة فب الصلاة تقية.

الخامس عشر:- التكتف وقول امين تقية.

السادس عشر:- ترك التسمية على الذبيحة تقية في بلاد الشرك.

السابع عشر:- الصلاة في فراء السمور والخز والثعلب تقية.

الثامن عشر:- الصلاة خلف الفاسق الجائر تقية.

التاسع عشر:- طلاق المكره بالثلاث تقية.

العشرون:- جواز اعطاء ميراث من لا وارث له الى الجائر تقية.

هذه هي الموارد التي احصيت للتقية في الفقه الامامي مع انهم هولوا الامر وقالوا ان الفقه الامامي اكثرها تقية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo