< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتــقــيــة.
كان الكلام في الروايات التي صدرت من العامة في ان ابراهيم (عليه السلام) صدرت منه كذبات ثلاث ونقلنا هذه الروايات. ونقلنا انهم التمسوا لهذه الرواية توجيهان وتقدم الكلام في التوجيه الاول.
التوجيه الثاني:- ان الكذب اذا كان له مسوغ جاز ذلك الكذب بل يجب في بعض الموارد، ولذا ننقل كلمات بعضهم للدلالة على انه ليس كل كذب محرم بل قد يوجد مسوغ للكذب ويكون هذا المسوغ مما يوجب الكذب.
الاول:- ينقله المبارك فوري مما ذكره النووي (اما اطلاق لفظ الكذب عليها[1]فلا مانع منه وقد جاء ذلك مفسرا فليس فيها كذبة الا بها عن الاسلام يجادل ويدافع) أي ان هذه الكذبات التي صدرت عن ابراهيم انما هي لأجل المدافعة عن الاسلام فهي مصلحة للإسلام اقتضت هذه المصلحة ان يطلق الكذب فهذا الكذب جائز وله مسوغ وهو الدفاع عن الاسلام.
الثاني:- نقل المبارك فوري عن عياض (اتفق الفقهاء على انه لو جاء ظالم يطلب انسانا مختفيا او يطلب وديعة لإنسان لأخذها غصبا وسال عن ذلك وجب على من علم ذلك اخفائه وانكار العم به وهذا كذب جائز بل واجب لكونه في دفع الظالم فنبه الني ص على ان هذه الكذبات الثلاث التي صدرت من ابراهيم ليست داخلة في مطلق الكذب المذموم) فهذا صريح بان النبي | استعمل التقية وان استعماله للتقية وان كان مستلزما للكذب ولكنه ليس كذبا محرما.
اذن اذا كان في هذه الموارد التقية الملازمة للكذب صحيحة فلماذا تصفون الشيعة بانهم يكذبون في تقيتهم!!.
اما اصل هذه القصة فانها قصة توراتية قد وردت في التورات وهي مخدوشة من جهات متعددة وقد نقلها اهل السنة واما روايات الشيعة فلم ترد عندهم. نعم وردت رواية في الكافي بانه اخبر بانه زوجته وابنت خالته. فلا كذب حتى نلتمس له عذرا.
ومما يلحق بقول ابراهيم قول يوسف (عليه السلام) لما نادى الجند على القافلة بـأيتها العير انكم لسارقون ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾[2] , وهو يعلم بانهم لم يسرقوا. وهذه ان كانت كذبة فهي لمصلحة اقوى من هذا الكذب.
ولكن روايات الشيعة الامامية تدل على انها ليست كذبة ابدا وتلك الرواية يرويها الكليني في الكافي عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ، ((قَالَ :قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) : إِنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه‌ السلام) فِي قَوْلِ يُوسُفَ (عليه ‌السلام) : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ)؟ فَقَالَ: «وَاللهِ، مَا سَرَقُوا، وَمَا كَذَبَ». وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (عليه ‌السلام) : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ)؟ فَقَالَ «وَاللهِ، مَا فَعَلُوا، وَمَا كَذَبَ». قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عليه‌ السلام) : «مَا عِنْدَكُمْ فِيهَا يَا صَيْقَلُ؟». قَالَ : قُلْتُ : مَا عِنْدَنَا فِيهَا إِلاَّ التَّسْلِيمُ. قَالَ : فَقَالَ : «إِنَّ اللهَ أَحَبَّ اثْنَيْنِ وَأَبْغَضَ اثْنَيْنِ : أَحَبَّ الْخَطَرَ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، وَأَحَبَّ الْكَذِبَ فِي الْإِصْلَاحِ، وَأَبْغَضَ الْخَطَرَ فِي الطُّرُقَاتِ، وَأَبْغَضَ الْكَذِبَ فِي غَيْرِ الْإِصْلَاحِ ؛ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ (عليه ‌السلام) إِنَّمَا قَالَ : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) إِرَادَةَ الْإِصْلَاحِ، وَدَلَالَةً عَلى أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ، وَقَالَ يُوسُفُ (عليه ‌السلام) إِرَادَةَ الْإِصْلَاحِ»))[3].
الشبهة الثانية:- يقولون ان الشيعة لما يستعملوا التقية لا يعرف ايمانهم ولا اسلامهم ابدا لانهم يبطنون شيئا ويقولون شيئا.
وهذه الشبهة لا اصل لها ولا اساس لما عرفتهم سابقا من ان التقية ليست انكار كل شيء بل هي اظهار شيء لدفع ظالم وجلب مصلحة، وسياتي بيان ذلك ان شاء الله تعالى.


[1] - على هذه الكذبات الثلاث التي وردت في رواية ابي هريرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo