< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : بحث التقية

كان الكلام في التقية وهل تجوز على الانبياء والاوصياء وذكرنا لذلك قسمين اما ان تكون في اصل الدعوى والرسالة وهذا لا يجوز بحقهم عليهم السلام وتارة تكون التقية عندهم في بعض الموارد وفي بعض الازمنة وهذا ما لا يقول احد بخلافه وتقدم الكلام فيه

وكلامنا مع ابن قتيبة الدنيوري ذكر كلام يرجع الى اية تبليغ الولاية ويريد من كلامه ان النبي اتقى في اصل التبليغ وهو بخلاف القول بان التقية غير جائزة على الانبياء في اصل التبليغ فقال في الاية الشريفة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[1] والذي عندي في هذا ان فيه مضمر يبينه ما بعده وهو ان رسول الله ص كان يتوقى بعض التوق ويستخفي ببعض ما يأمر به على ما كان عليه قبل الهجرة فلما فتح الله عليه مكة وافشى الاسلام امره ان يبلغ ما ارسل اليه مجاهرا به غير متوقي ولا هائب ولا متألف وقيل له ان انت لم تفعل ذلك على هذا الوجه لم تكن مبلغ لرسالات ربك ويشهد لهذا قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) أي يمنعك منهم ومثل هذه الاية قوله تعالى (فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)[2] .

فيستفاد من كلامه ان النبي اتقى في اصل الدعوى والتبليغ مقابل القول القائل بانه لا تقية على الانبياء وغير جائزة عليهم وظاهر كلام ابن قتيبة انه لم يفرق بين التقية بأصل التبليغ والتقية لأجل التبليغ والوارد في الاية الكريمة ان النبي اتقى لأجل التبليغ فان القوم بعدهم لم يكتمل الايمان في قلوبهم وانهم كانوا موتورين من شخص هو الذي يريد ان يبلغ به فلم يكن الظرف متهيأ لتبليغ ذلك الحكم الالهي الذي هو مجمع كل الاحكام التي اتى بها لان امر الولاية امر كل الرسالة وهذه تقية لأجل التبليغ ولكن ابن قتيبة خلط بين الامرين .

ويدل على ذلك جملة من الروايات الواردة من العامة والخاصة فما ورد عن العامة من روايات بخصوص اية التبليغ منها ما اخرجه الحاكم الحسكاني الحنفي في شواهد التنزيل بسنده عن ابن عباس وجابر ابن عبد الله الانصاري انهما قالا امر الله محمد ص ان ينصب علي للناس ليخبرهم بولايته فتخوف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان يقولوا حابا ابن عمه وان يطعنوا في ذلك عليه فأوحى الله اليه (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك) ، واخرج ايضا بسنده عن ابن هريرة ان النبي ص اسر امر الولاية فأنزل الله تعالى (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك) ، واخرج ايضا بسنده عن ابن عباس فكره ان يحدث الناس بشيء منها سامى الولاية اذ كانوا حديث عهد بالجاهلية حتى كان يوم الثاني عشر انزل الله عليه (يا ايها الرسول بلغ) فخرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من الغد فقال يا ايها الناس ان الله ارسلني اليكم برسالة وان ضقت بها ذرعا مخافة ان تتهموني وتكذبوني حتى عاتبني ربي فيها بوعيد انزله على بعد ووعيد ثم اخذ بيد علي ورفعها حتى رأى الناس بياض ابطيهما ثم قال ايها الناس الله مولاي وانا مولاكم فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وانزل الله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم) .

لكن هذا الوعيد الموجود في الاية ليس وعيد حقيقي بل هو معاتبة الحبيب لحبيبه واخرج بسنده عن ابي جعفر الباقر عليه السلام انه قال ان جبرائيل هبط على النبي ص فقال له ان الله يأمرك ان تدل امتك على صلاتهم .... الى ان قال ان الله يأمرك ان تدل امتك على وليهم على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم وصيامهم وحجهم ليلزمهم الحجة من جميع ذلك فقال رسول الله ص يا رب ان قومي قريبو عهد بالجاهلية وفيهم تنافس وتفاخر الخ فنزلت الاية يا ايها الرسول بلغ)

وقال السيوطي في الدر المنثور في تفسير اية التبليغ اخرج ابو الشيخ عن الحسن ان رسول الله ص قال ان الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا وعرفت ان الناس مكذبي فوعدن لأبلغن او ليعذبني فأنزل الله يا ايها الرسول بلغ) ثم قال السيوطي واخرج ابن عبد ابن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم وابو الشيخ عن مجاهد قال لما نزلت يا ايها الرسول قال يا ربي انما انا واحد كيف اصنع ليجتمع علي الناس فنزلت الاية وان لم تفعل فما بلغت رسالته) وهذه الروايات كلها تدل على ان التقي التي كانت عند النبي هي لأجل التبليغ وليس في اصل التبليغ وقد وردة هذه الروايات عن طرق العامة وكذلك وردة مثل هذه الروايات في طرقنا وصرح الطبرسي ان هذا هو المشهور عند المفسرين وهو التقية لأجل التبليغ ، ثم قال فقد اشتهرت الروايات عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام ان الله اوحى الى نبيه ص ان يستخلف علي عليه السلام فخاف ان يشق ذلك على جماعة من اصحابه ، وفي رواية اخرى ان الاسلام بدأ غريب وسيعود غريبا .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo