< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

36/11/16

بسم الله الرحمن الرحيم

كان الكلام في قاعدة الميسور ذكرنا ختام فيه امور

والأمر الثاني : أن قاعدة الميسور كما تجري في الواجبات بالتفصيل الذي ذكرناه كذلك تجري في المندوبات فانه لو كان هناك أمر ندبي نعلق بمركب ذو أجزاء وتعذر الإتيان ببعض الأجزاء يجوز له أن يأتي ببقية الأجزاء على نحو الندب , وضربوا له أمثله كثيرة في المقام وغير المقام وهذا مبني على انه لوا لم نقل بتعدد المطلوب المندوبات ووحدة المطلوب في الواجبات إذ انه لو كان هناك أمر واجب تعلق بالمركب هل أن الأمر بالواجب هذا على نحو تعدد المطلوب أو انه على نحو وحدة المطلوب ؟ الفقهاء في الواجبات يقولون انه على وحدة المطلوب وفي المندوبات على نحو تعدد المطلوب إذ أن كل جزء من أجزاء المندوب هو مستقل ولو انضم إليه الجزء الأخر المذكور هذا من تمام المطلوب لا أن المطلوبية تسقط

عن بقية الأجزاء ولذلك قالوا أن الأصل في المندوبات تعدد المطلوب إلا إذا دل دليل على وحدة المطلوب والأصل في الواجبات وحدة المطلوب إلا إذا دل دليل على تعدد المطلوب .

ولذلك الواجب يسقط بسقوط بعض الأجزاء لو ترك بعض الأجزاء عمدا يسقط الكلي لا انه لعذر, بينما في المندوبات لو سقط بعض الأجزاء لايسقط الأمر ببقية الأجزاء وهذا هو معنى تعدد المطلوب , ومن هنا قالوا أمثلة كثيرة .

قالوا في الموارد التي فيها عدد معين مثل ركعات التهجد ونافلة الظهرين ثمان للظهر وثمان للعصر وأربع ركعات نافلة المغرب والاستغفار في الوتر سبعون مرة والعفو في الوتر ثلاثمائة مرة وصيام ثلاثة أيام في كل شهر وغير ذلك من الموارد هل انه إذا تعذر إتيان الكل يسقط الأمر أم انه يجوز له الاكتفاء بالبعض إذا تعذر الإتيان بالكل وكذلك في العفو إذا تعذر الإتيان به بثلاث مئة مرة هل يجتزئ بمئة مرة أو لا ؟

قلنا إذا تعذر يأتي به لقاعدة الميسور كذلك في صلاة التهجد ثمان ركعات إذا تمكن من الإتيان ببعضها يكتفي بالبعض عند التعذر وهكذا في كثير من الموارد , هذا إذا لم نقل إذا كان على نحو العام الافرادي أو كان على نحو المطلق فان الأمر أوضح حينئذ كما ذكرنا في الواجبات , الواجب إذا كان الأمر على نجو العام ألمجموعي هذا الكلام يجري فيه إن قاعدة الميسور تجري أو لاتجري إلا إذا كان على نحو العام الافرادي أو على نحو المطلق فان كل فرد من إفراد الواجب هو مورد متعلق للحكم نفسا مستقلا لا أن يكون هناك واجب غيري حتى نقول سقط هذا الواجب الغيري بتعذر الكلي بتعذر البعض بل إن في العام الافرادي كل فرد هو مورد الأمر والطلب , فانه هذا إذا سقط بعضه لايسقط الأمر بالنسبة إلى البقية وكذلك في المطلق كل الأفراد يتعلق بها الطلب فإذا سقط بعض الأفراد لا يسقط سائر الأفراد والبقية عن الطلب حينئذ إذ كل فرد هو واجب مستقل فلوا استفدنا من دليل الندب إن الأمر تعلق على نحو العام الافرادي فالأمر واضح في انه إذا سقط بعضها سهوا بل عمدا في بعض الموارد لا يسقط الأمر بالنسبة إلى الأخر كذلك إذا كان الأمر على نحو المطلق فانه لو سقط بعض الأفراد لا يسقط الباقي لان كل فرد من أفراد المطلق هو تحت هذا الأمر فهذا واضح كما يجري في الواجبات يجري في المندوبات , فلو استفدنا من الدليل أن العفو ثلاث مئة مرة على نحو العام ألمجموعي معناه إذا سقط بعضها لايوجب سقوط البقية فإما أن تذكر العفو ثلاث مئة مرة ولايجتزء بالمئة وإما إذا استفدنا من الأمر بالعفو ثلاث مائة مرة على أن هذا على نحو العام الافرادي فلو لم يتمكن من الإتيان به ثلاث مئة مرة يكفي مئة مرة ونحو ذلك وهو صحيح , هذا إذا لم نقل بان الأوامر في المندوبات على نحو تعدد المطلوب وإلا فالأمر أوضح , هذا في المندوبات وان استشكلوا في بعض الموارد, ومن تلك الموارد لو أمر الشارع الأقدس بإتيان ركعتي الصلاة في المسجد فلو تعذر الإتيان بالصلاة في المسجد هل يجب عليه الدخول في المسجد فقيل انه يجب لأنه هذا جزء وذاك جزء وقيل ليس الأمر كذلك بأنه كان هنا الطلب واحدا تعلق بهذا أي بان يكون في هذا المكان فلا يجزي فالأوامر التي تتعلق بالواجبات أو المندوبات إن تعلق بها في زمان معين أو في مكان معين أو وصف معين حينئذ إذا تعذر ذلك بذلك الوصف يسقط إذا تعذر إتيانه في ذلك الزمان وكذلك إذا تعذر اتيان ذلك المأمور به في ذلك الزمان يسقط , إلا إذا استفدنا من الدليل إن هذا مطلوب أخر وهذا يحتاج إلى إقامة الدليل , مثال ذلك لو فرض انه أمر بإتيان ركعتين من الصلاة في المسجد فلو تعذر إتيانها في المسجد هل يجب عليه الدخول في المسجد لانه جزء منه ؟ قالوا بسقوط الأمر لعدم الدليل على أن هذا داخل في قاعدة الميسور .

الأمر الثالث : إن قاعدة الميسور تجري في المركبات والأجزاء العرفية أما الأجزاء العقلية فلا تجري فيها قاعدة الميسور فلو أمر المولى أن يأتي بفرس فإذا لم يتمكن من الفرس يأتي بحيوان أخر هذا جزء عقلي والأجزاء العقلية ليست في الخارج وإنما في العقل فقط الخارج نفس هذا الحيوان لا أكثر من ذلك , نعم لو أمر بجنس الحيوان ولم يتمكن من الفرس يأتي بحيوان أخر لصدق هذا جزء عقلي والأجزاء العقلية ليست في الخارج ... الخارج نفس هذا الحيوان وليس أكثر من ذلك نعم لو أمر بجنس الحيوان ولم يتمكن من الفرس يأتي بحيوان أخر لصدق هذا الحيوان , أما إذا قال يجب عليك أن تأتي بكذا فلو لم يتمكن يسقط هذا الأمر لان الفرسية نوع جزء عقلي وقاعدة الميسور تأتي في الأجزاء العرفية الخارجية فمن ذهب إلى انه لو أمر بإتيان فرس فلو لم يتمكن يأتي بحيوان أخر هذا خلاف الدليل لأنه هذا جزء عقلي والجزء العقلي موطنه العقل لا الخارج فلا تجري قاعدة الميسور .

من هنا نستفيد بان الأوصاف التي يذكرها المولى في ضمن المأمور به والمكان والزمان الذي يذكره ضمن المأمور به ان رجع الى الأجزاء العرفية تجري قاعدة الميسور وأما إذا كان هناك اتحاد بينهما لاتجري قاعدة الميسور فالوصف والموصوف شيء واحد عقلا فلا تجري قاعدة الميسور .

واما في الزمان والمكان قد يقال انه كذلك ولكن إذا كان الأمر واجبا صحيح يجب عليك أن تأتي عند زوال الشمس بركعتين فلو لم يتمكن من إتيان الركعتين عند زوال الشمس تسقط عنه الركعتين في ذلك الوقت .

أما في المندوبات فالأمر سهل حيث تدل الأدلة على ذلك لما قلنا من أن المطلوب في المندوبات هو تعدد المطلوب إلا إذا دل الدليل على الوحدة بناء على هذا يسهل الأمر عندنا فلو لم يتمكن من زيارة الحسين يوم الأربعين أو النصف من شعبان يأتي في غير ذلك من الأيام لعدم سقوط الأمر بالندب يجوز له أن يأتي به في غير ذلك الوقت لان الأمر هنا ندبي يحمل على تعدد المطلوب ولا إشكال فيه , فلما هذا التزاحم الذي يسلب الخضوع والخشوع ولا يتمكن من إتيان أي زيارة مع هذا الازدحام يجوز لكم إن تأتوا بالزيارة بعد الأربعين ,

يذكر السيد الوالد رحمه الله أن المحقق النائيني كان إذا أراد أن يزور الحسين ع يذهب في غير وقت الزيارة ويقول الواجب له قضاء فكيف المندوب ليس له قضاء .

حينئذ قاعدة الميسور تجري في الأجزاء العرفية ولا تجري في الأجزاء العقلية فلو أمر بعنوان مثل الفرس فالفرس نوع والحيوان جنس حينئذ أجزاء عقلية لا انه يسقط النوعية ويأتي لا إن يسقط النوعية ويأتي بحيوان أخر لأنه أمر بالجنس يستفيد منه إن الأمر بالجنس يتحقق ضمن ذلك الفرد الأخر ليس الأمر كذلك , كذلك في الأوصاف والازمنة والأمكنة الخاصة يسقط الأمر إذا لم يتمكن من إتيانه في ذلك الزمان والمكان المعين بينما في المندوبات فالأمر سهل لا من باب الرجوع إلى قاعدة الميسور بل لأنه يحمل الأمر الندبي على تعدد المطلوب ولا إشكال فيه , هذا مايتعلق بقاعدة الميسور .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo