< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام التخلي
كان الكلام في وجوب حفظ العورة وحرمة النظر الى عورة الغير ولا اشكال في وجوب حفظ العورة وحرمة النظر اليها الا انه نقل المحقق الهمداني عن بعض متأخري المتأخرين انه قال لولا مخافة خرق الاجماع لكان القول بكراهة النظر قويا لما تقدم من صحيح عبد الله ابن سنان حيث ورد لفظ الكراهة فتمسك بلفظ الكراهة وقال يمكن حمل الحرمة على الكراهة الشديدة
لكن الجواب عن هذا بان الكراهة التي وردة في الروايات غير الكراهة التي ظهرت عند الفقهاء بعد عصر الروايات فان الكراهة في روايات اهل البيت عليهم السلام تحمل على الحرمة الا اذا كان هناك قرينة على صرف الكراهة الى معنى اخر فلو فرض ان هذه الكراهة ايضا تدل على الكراهة المصطلحة فلابد من الرفع اليد عنها لأجل تلك الروايات التي هي اقوى دلالةً او نحملها على الاجمال فان لفظ الكراهة لان نعلم به هل يدل على الحرمة او على الكراهة المصطلحة عندنا فتكون مجملة فنرفع اجمالها بتلك الروايات فلا وجه لما ذكر عن متأخر المتأخرين، ثم ان الحكم لا اشكال فيه وانما الكلام في خصوصيات الحكم ويقع الكلام في مقامات :-
المقام الاول : ما ذكره السيد الماتن من انه سواء كان من المحارم أم لا، رجلا كان أو امرأة، حتى عن المجنون والطفل المميز، كما أنه يحرم على الناظر أيضا النظر إلى عورة الغير ولو كان مجنونا أو طفلا مميزا [1]، للإطلاق والاتفاق فان اطلاق تلك الروايات التي تنص على ان عورة المؤمن على المؤمن حرام فيشمل المحارم وغير المحارم فلا اشكال من هذه الناحية، وكذلك لا فرق بين ان يكون صبي مميزا او مجنونا فان كان مميزا فيجب حفظ العورة عنه وهذا الحكم بالنسبة الى المجنون والطفل فتارة يكون البحث عن المجنون والطفل بحفظ عورتهما وان التكليف لما كان مشروط بالبلوغ والعقل فالحكم ساقط بالنسبة اليهما بفقد شرط التكليف فلا يجب عليهما ستر وحفظ عورتيهما واما من ناحية الغير فلا يجوز النظر لعورة المجنون والطفل ايضا للإطلاق تلك الروايات التي وردة على حرمة النظر الى عورة الغير ووجوب حفظ العورة يشمل الطفل والمجنون فلا يجوز للغير ان ينظر الى عورة المجنون ولا يجوز ان ينظر الطفل، وجواز كشف النظر لهما لا يستلزم جواز نظر الغير لهما فالإطلاق والاتفاق محكم، والطفل تارة يكون مميزا مدرك للأشياء ففي هذه الصورة يشمله الاطلاق والاتفاق واما اذا كان الطفل غير مدرك وبالاصطلاح لم يكن مميزا فلا بائس بكشف العورة امامه لإطلاق الادلة اذ انها ناظرة الى الطرف الذي له ادراك والا فهي منصرفة عنه وكذلك بالنسبة الى المجنون فان له مراتب متعددة بعضها لشدة جنونه يفقد الشعور بالكلية فيكون بمنزلة الحيوان ففي هذه الصورة يجوز كشف العورة امامه لانصراف الادلة عنه لانها ناظرة لمن يكون مدرك ويكون له شعور، واما اذا كان المجنون في مرتبة كان له فيها بعض الشعور والادراك فحينئذ الاطلاق والاتفاق باقي على حاله فيجب حفظ العورة وعدم كشفها امامه ومن هنا نرى ان كلمات الفقهاء رحمهم الله مطلقة فلابد من تقيدها بما ذكرنا من انه مدرك وله شعور اما اذا لم يكن كذلك فلا يجب ستر العورة عنه
المقام الثاني : كما يحرم على الانسان كشف عورته للغير كذلك يحرم على الغير النظر الى عورة الغير فالحكم من الطرفين فكما يجب ستر العورة عن الناظر المحترم كذلك يحرم على الناظر النظر الى عورة الغير ويدل على ذلك جملة من الروايات فمنها النبوي عنه صلى الله عليه واله وسلم نهى رسول الله ان ينظر الرجل الى عورة اخيه المسلم ونظر المرآة ان تنظر الى عورة المرآة وقال صلى (من نظر الى عورة اخيه المسلم او عورة غير اهله متعمدا ادخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله الا ان يتوب)[2] وهذه الرواية صريحة في حرمة النظر الى عورة المسلم، وفي رواية العوالي بسنده الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال (من كان يؤمن بالله عز وجل فلا ينظر الى عورة اخيه)[3]، وفي صحيح حريز عن الصادق عليه السلام (لا ينظر الرجل الى عورة اخيه)[4]، وفي حديث المناهي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال (من تأمل عورة اخيه المسلم لعنه سبعون الف ملك)[5]
ويمكن الاستدلال على هذا الحكم بأطلاق قوله صلى الله عليه واله وسلم (عورة المؤمن على المؤمن حرام)[6] فيحرم النظر كما يحرم على الانسان ان يكشف عورته للغير الا ان الذي ينظر اذا كان الطرف المقابل انسان كاملا سويا عاقلا فلا اشكال بالحرمة اما اذا كان مجنونا وبلغ مرتبة جنونه ان صار بمنزلة الحيوان فلا بائس بالنظر اليه لكن ذهب بعضهم الى ان اطلاق الروايات يشمل ذلك ايضا فان فقد الشعور في المجنون لا يستلزم جواز النظر الى عورته ولا موجب لانصراف الاطلاق عنه اذ لو كان انصراف للإطلاق عن المجنون في كشف العورة امامه فهنا لم يكن مثل هذا الانصراف فلذلك لا يجوز النظر الى عورة المجنون وان كان لا تكليف بالنسبة له لكن لا يستلزم جواز نظر الغير الى عورته، وكذلك الطفل ايضا لا يجوز النظر الى عورته لإطلاق تلك الروايات التي تقدمة من عدم جواز النظر الى عورة الغير سواء كان بالغا عاقلا مجنون طفل ولا موجب لانصراف الاطلاق عنه اذ لو كان له موجب في انصرف الاطلاق في الطرف الاخر فلا موجب الى انصرافه هنا الا انه جرت السيرة في جواز النظر الى عورة الطفل الصغير وان لم تكن السيرة فالإطلاق يشمله هذا كله في النظر الى عورة المسلم، اما النظر عورة الحيوان فلا دليل على حرمته وانما الادلة ورادة في الانسان الا اذا ترتب عليه عنوان ثانوي من الوقوع في الفتنه او اثارتها فترحم بالعناوين الثانوية اما العنوان الاولي فلا دليل على حرمة النظر .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo