< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام التخلي
قال الماتن قدس سره : (مسألة 1): يجب في حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر العورة عن الناظر المحترم[1]، وان هذا الذي ذكره فيها حكمان هما ستر العورة وحرمة النظر الى عورة الغير، فان الماتن ذكر الاول وهو وجوب ستر العورة عن الناظر المحترم ويترتب عليه ايضا حكما اخر هو حرمة النظر الى العورة الغير، وان هذا لا ريب ولا اشكال فيه بل هو من الضرورات الدينية وهو ما يدل عليه حكم العقل ايضا فان كشف العورة وعدم سترها من اهم ما يوجب الفتنة والافتتان والعقل يحكم بسد هذا ومن الادلة التي تدل على هذا الحكم ما ورد في الكتاب والسنة فقد ورد في قوله تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[2] فهذه الآية تشير اولا الى وجوب غض النظر والثاني حفظ الفروج، والمراد من الحفظ هو كل ما يوجب الاستلذاذ واثارة الشهوة البغيضة فيجب على المؤمن حفظه فان الحفظ لا يختص بالنظر واللمس فهو شامل، فمن قال ان هذه الآية مختصة باللمس والجماع فالأمر غير هذا فان الحفظ اعم من النظر واللمس فهو كل ما يوجب اثارة الفتنة ويرشد الى هذا العموم ما ذكر في رواية من ان الحفظ مختص بخصوص حفظ النظر هو من باب ذكر احد المصاديق لا من باب معنى الآية فقد ورد في مرسلة الصدوق قال وسئل الصادق ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ) فقال: كل ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا، إلا في هذا الموضع، فإنه للحفظ من أن ينظر إليه)[3] فان هذه الآية تشير الى مصداق من مصاديق الحفظ باعتبار ان النظر الى العورة انما هو من اهم موجبات الاستلذاذ ومن اهم ما يوجب اثارة الشهوة، والآية الشريفة تشير الى موضوع دقيق ايضا وهو قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم فان ترك النظر مما يوجب حفظ الفرج والنظر مما يوجب الانحلال الخلقي ويوجب اثارة الشهوة فالآية تشير الى امر دقيق ومرتبط انه يغض البصر ويحفظ بغض البصر الفرج ايضا واذا لم يغض البصر يترتب عليه عدم حفظ الفرج لان النظر من اهم ما يوجب الاستلذاذ واثارة الشهوة ويوجب الانحلال الخلقي فالآية تشير الى معنى اعم من اللمس والنظر واذا ذكرت بالخصوص فهو من احد المصاديق لأهميته، وهذا بالنسبة لما ورد من الكتاب وغيرها من الآيات الاتي توجب ستر العورة وحرمة النظر .
واما السنة : ففيها روايات يدعى تواترها فهي لكثرتها تكون متواتره ومن جملتها صحيح حريز عن الصادق عليه السلام (لا ينظر الرجل الى عورة اخيه)[4] وهذا يدل على ستر العورة وحفظها من النظر، ومنها معتبرة رفاعة ابن موسى عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر)[5] فجعل ستر العورة من لوازم الايمان فيكون واجب وكشفها حرام وهذه الرواية وان وردة في الحمام لكنه مما كان يوجب المضنة للنظر من هذا الباب ذكرت وهو لا يختص بالحمام كما ان المئزر ليس مقدمة للاغتسال والا اذا قلنا به يبطل الغسل اذا كان بدون مئزر وقد وردة رواية بذلك وهي صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغتسل بغير ازار حيث لا يراه احد فقال عليه السلام (لا بئس ) فنستفيد من هذه الصحيحة ان الازار ليس مقدمة للاغتسال، ومنها صحيح ابن ابي يعفور قال سألت ابا عبد الله عليه السلام ايتجرد الرجل عند صب الماء ترى عورته او يصب عليه الماء او يرى هو عورة الناس فقال عليه السلام (كان ابي يكره ذلك من كل احد)[6] فانه في جميع الصور يكرهه الجمل كثيرة في ان عورة المؤمن على المؤمن حرام فيحرم النظر لها وحرام كشفها اما الغير ايضا وهذه الروايات وردة في هذا الموضوع كما وردة في موضوع الغيبة فذكروا في باب الغيبة ان غيبة المؤمن حرام وكشف سره حرام
واستدلوا على انها بالغيبة وهي كثيرة منها رواية عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : (سالته عن : عورة المؤمن على المؤمن حرام ؟ فقال : نعم، قلت : أعني سفليه، فقال : ليس حيث تذهب، إنما هو إذاعة سره)[7] يعني غيبته ففسر الامام عورة المؤمن على المؤمن حرام بحرمة الغيبة، ومنها رواية زيد الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام قال (ليس ان ينكشف فيرى منه شيء انما هو ان يزري عليه او يعيبه)[8] فان هذا المراد منه ففي هذا الحديث بين الامام عورة المؤمن غيبته والازراء عليه، فاذا قلنا ان هذه الروايات الواردة من ان عورة المؤمن على المؤمن حرام مختصة بالغيبة تخرج عن موضوع بحثنا فان بحثنا عورة المؤمن سفليه حرام بمعنى حرمة النظر ووجوب الستر
ولكن الصحيح ان هذه الروايات لها من العموم ما يشمل السفلين والغيبة وانما جعل غيبة المؤمن مثل عورته فيحرم كشفه ويحرم النظر فإنما هو ذكر لاحد المصاديق ويدل على ان هذه الروايات لها من الاطلاق والعموم ليشمل وجوب ستر العورة وحرمة كشفها والغيبة ايضا تلك الرواية التي وردة عن حنان ابن سدير عن ابيه قال دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا : ممن القوم ؟ ـ الى أن قال ـ ما يمنعكم من الأزر ؟ ! فإن رسول الله ( صلى الله عليه واله ) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال : فبعث أبي الى كرباسه، فشقها بأربعة، ثم أخذ كل واحد منا واحدا، ثم دخلنا فيها ـ الى أن قال ـ سألنا عن الرجل ؟ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد ابن علي عليهم السلام[9]، فهذه الرواية تفسر ان حرمة المؤمن على المؤمن حرام الوارد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انها تشمل كشف العورة وتشمل الغيبة ايضا فتلك الروايات تبين بعض المصاديق وهذه الرواية تبين المصداق الاخر وهو وجوب الحفظ والسبب في ذلك لا يمكن تفسير عورة المؤمن بالغيبة في المقام اذ ارسال الامام كرباسه ثم وجودهم في الحمام الذي هو مضنة كشف العورة مما ينص على ان هذه الرواية في خصوص السفلين وليس المراد منها الغيبة فنستفيد من هذه الروايات مجموعها انه يجب ستر العورة عن الناظر المحترم ويحرم النظر الى عورة الغير فالحكم لا اشكال فيه وانما الكلام في بعض الخصوصيات .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo