< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام الاواني - انية الذهب والفضة
قال الماتن قدس سره : اذا كانت الانية من غير الذهب والفضة وكانت من معدن اعلى واغلى منهما فلا يحرم استعمالها ، بلا ريب ولا خلاف بين الفقهاء بذلك لان الادلة وردة بخصوص انية الذهب والفضة والنهي ورد بخصوصهما فلا تشمل غيرهما فنرجع الى اصالة الحلية الشاملة للحلية النفسية والغيرية فيصح استعمال غير انية الذهب والفضة وان كانت اعلى واغلى منهما ولم يعلم ملاكات الاحكام حتى نقول ان حرمة استعمال انية الذهب والفضة لغلائهما فنتعدى الى غيرهما مما غلى فما كانت اعلى واغلى يكون حرمته بالأولوية فان ملاكات الاحكام لا سبيل الى العلم بها الا عن طريق الشرع فان بين نأخذ به وما لم يبين نرجع الى الدليل والدليل وارد بخصوص الذهب والفضة، فما ذكره الماتن قدس سره صحيح لا اشكال فيه وقد ضرب مثال بالأنية المصنوعة من الياقوت والفيروزج بل في هذه الاعصار معادن اغلى من الياقوت والفيروزج .
ثم ذكر الماتن قدس سره : لا يحرم استعمال انية الذهب الموسوم بالذهب الفرنكي ولا انية الفضة الموسومة بالورشو فانهما ليس من الذهب ولا من الفضة، لان الادلة ورد بحرمة استعمال انية الذهب والفضة الحقيقيين فان الورشو ليس الا نيكل او نحاس ذهب لونه والفرنكي ليس الا معدن خاص فان ليس كل اصفر ذهب وليس كل ابيض فضة بل هناك معادن اخرى لا تشملها ادلة النهي عن الذهب والفضة والمنصرف من الذهب والفضة المعدنين الحقيقيين منهما واما غيرهما اذا سمي بالذهب او سمي بالفضة لأجل غرض معين فلا يكون مشمول لأدلة النهي .
ثم ذكر الماتن قدس سره : اذا اضطر الى الاكل والشرب من انية الذهب والفضة واستعمالهما جاز، بلا خلاف ولا اشكال وادعي عليه الاجماع لأدلة رفع الاضطرار فهناك ادلة خاصة ترفع الاحكام عند الاضطرار الى ارتكاب المحرم من تلك الروايات قول الصادق عليه السلام (ليس من شيء يضطر اليه ابن ادم الا وقد احله لمن اضطر اليه) وقوله عليه السلام (ما من شيء حرمه الله تعالى الا وقد احله لمن اضطر اليه) فهذه الروايات معتبرة قد عمل بها المشهور وحديث الرفع ايضا يعضد ذلك رفع عن امتي تسع واحداها ما اضطروا اليه، فاذا اضطر الى الاستعمال او الى الاكل والشرب جاز الاكل والشرب من انية الذهب والفضة والضرورة عرفية ليست دقيه فتشمل الخوف العقلائي فحتى الخوف المحتمل يشمله لأنه من اقسام الضرورة ولا ريب ولا اشكال ان الضرورات تقدر بقدرها فاذا اضطر الى شرب جرعة من هذه الانية فهذه الجرعة مباحة لها فان كان لم يضطر الى غيرها فلا يجوز التعدي والضرورات تقدر بقدرها والخوف انما يرجع الى النسان نفسه فان كان الخوف عقلائي بحيث يحكم العقلاء بجواز ارتكاب الفعل فحينئذ يصح ولا اشكال فيه سواء كان الخوف منشأه الظن والاحتمال ايضا يرد، ولكن اذا اضطر الى الاستعمال والاكل والشرب لكن لا يصح الوضوء منهما اذ الاكل والشرب شيء والاضطرار الى الوضوء والطهارة شيء اخر فانه تبقى ادلة النهي عن استعمال انية الذهب والفضة منجزة حتى ولو سقطت للاضطرار الى الاكل والشرب لكن باقية على تجزها بالنسبة الى الوضوء والغسل فالتطهير باقي على الحرمة لأدلة النهي عن استعمالهما، لكن لو خالف واستعمل الماء منه فيأتي الكلام السابق اما على القول بوجود الملاك او القول بالترتب كما تقدم، لكن لو كان ماء في انية الذهب والفضة جاز له التصرف في انية الذهب والفضة وصح الاستعمال ولا ينتقل الى البدل فاذا كان الاضطرار موجود بالنسبة الى استعمال الماء فلا ينتقل الى البدل .
ثم قال الماتن قدس سره : اذا كانت انية غصب وانية من ذهب او فضة قدمة انية الذهب والفضة على انية الغصب ، والسر في ذلك انه اذا دار الامر بين حق الله وحق الناس فيقدم حق الناس ويعطى اهمية له بحسب نظر الشارع فحينئذ يقدم حق الله اذ في انية الغصب حق الناس وفي انية الذهب والفضة حق الله فاذا دار الامر بينهما يقدم حق الله على حق الناس، فهذا الكلام صحيح انه كلما دار الامر بين حق الله وحق الناس فيقدم حق الله لكن على كليته غير صحيح وسيأتي، واما ان نقول ان في الغصب حقان حق الناس وحق الله اذ انه حكم تكليفي وهو لا يجوز التصرف في مال الغير الا بأذنهم وهذا حق الله وحق الناس اذ انه ملك للغير، وفي انية الذهب ليس الا حق الله فقط وهو حرمة انية الذهب والفضة وكلما دار الامر بين ارتكاب حقين وارتكاب حق واحد فيقدم الحق الواحد فيجوز استعمال انية الذهب والفضة ولا يجوز استعمال انية الغصب، فأما ان نقول الدليل على ان في انية الذهب حق الله فقط وفي انية الغصب حق الناس وكلما دار الامر بينهما يراعى حق الناس لأهميته وهنا دوران الامر بين حقين او ارتكاب حق واحد فان الحقان موجودان في انية الغصب والحق الواحد موجود في انية الذهب والفضة فيقدم الحق الواحد على الحقين فالحكم لا اشكال فيه من هذه الناحية
لكن هذان الحقان ليس على الكلية فلابد ان يراعى جانب الاهمية فلو كان الامر دائر بين قتل حيوانين وبين قتل انسان فقتل انسان لا يجوز ويجوز قتل حيوانين بينما نحن قلنا اذا دار الامر بين ارتكاب حقين او حق واحد فيقدم الحق الواح فليس الامر على الكلية فلابد ان يكونا متساويين بالأهمية فاذا كان الحق الواحد اهميته اكثر من الحقين فلا يصير الى الحق الواحد وكذا لو دار الامر بين قتل شخص او قطع يديه فان القتل اعظم اهمية فيه وقطع اليدين ليس بتلك الاهمية فيقدم قطع اليدين على قتل النفس المحترمة فليس الامر كذلك ولابد ان يعرف قواعد هذا بالنسبة الى اصل الحكم
لكن ذهب السيد الخوئي قدس سره قال لو كان النظر الى هذا الحكم لأدلة الغصب حيث ورد فيها لا يجوز استعمال مال المسلم الا بطيب نفس منه في ادلة الغصب مثل قوله عليه السلام (لا يحل مال امرأ مسلم الا بطيبة نفس) وقولهم عليهم السلام (لا يحل لاحد ان يتصرف بمال غيره بغير اذنه) فان كان دليل حرمة الغصب بهذا اللسان فيقدم على دليل حرمة استعمال انية الذهب والفضة اذ ان دليل النهي هناك اشتمل على لفظ لا ينبغي واشتمل على لفظ الكراهة وعند التعارض بين الدليلين يقدم الأقوى دلالة على الاضعف فدليل لا يحل اقوى دلالة ودليل الحرمة في استعمال الذهب لا ينبغي ولفظ الكراهة فيكون اضعف فعند التعارض بينهما يقدم الاقوى دلالة وهذا واضح في بحث التعارض
لكن المقام ليس كذلك اذ ان التعارض انما يكون بين دليل معلوم في ضمن دليلين فهناك ورد علينا دليلان فاشتبه الدليل الواقع بين غيره فيقع التعارض بينهما ونقول بتقديم الاقوى دلالة، اما اذا كان في مورد التزاحم فلا نرجع الى دليل الاقوائية لان قواعده تختلف عن قواعد التعارض فهنا حرمتان ثبتتا حرمة استعمال مال الغير وحرمة استعمال انية الذهب والفضة فلا يمكن للمكلف جمعهما حينئذ فهناك حرمتان ثابتتان عليه ولا يمكن جمعهما في مورد واحد فيتخير بين واحد منهما فلا نرجع الى الاقوائية فان الاقوائية في باب التعارض لا في باب التزاحم والمقام من باب التزاحم، فقال ان كان دليل الحكم لأجل ادلة حرمة الغصب من جهة انها ورد فيها لا يحل وهو اقوى دلالة من لفظ الكراهة ولفظ لا ينبغي فيقدم على ادلة النهي وان لم يكن كذلك لكن يستشكل ويقول ان المقام ليس من باب التعارض بين الدليلين حتى نلتمس الاقوائية بل انما هو تزاحم اذ الحرمتان ثابتتان لا شك فيهما لكن المكلف في مقام العمل والامتثال لا يمكن الجمع بينهما فنتخير بينهما فهذا لا يجري، الا ان هذا التفصيل لا طائل منه ان الروايات التي وردة في استعمال انية الذهب والفضة كلها لم يرد على لفظ لا ينبغي او لفظ الكراهة بل ورد النهي صريحا في بعضها مضاف الى ان الكراهة ولا ينبغي استعملتا في الحرمة فلا فرق بين ان تقول يحرم او لا يحل وبين ان تقول لا ينبغي فأنها مع وجود قرينة دالة على الحرمة ولفظ الكراهة مع وجود قرية دالة على الحرمة لا فرق بينهما فمن حيث الادلة واحدة فدليل حرمة النهي ورد فيها النهي فيها صريحا وحمل لفظ لا ينبغي والكراهة على الحرمة فصارت هذه الادلة بمنزلة لا يحل
لكن الحكم كما ذكرنا وهو ما اذا دار الامر بين ارتكاب مورد في حقان ومورد فيه حق واحد فيقدم الذي فيه حق واحد او لأنه حق الله وحق الناس والشارع امرنا بمراعات حق الناس ويجوز الارتكاب في حق الله تعالى فالحكم لا اشكال فيه من هذه الناحية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo