< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام الاواني - انية الذهب والفضة
ذكر السيد الماتن قدس سره : (مسألة 15): لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد منهما والردي، والمعدني والمصنوعي، والمغشوش والخالص، إذا لم يكن الغش إلى حد يخرجهما عن صدق الاسم، وإن لم يصدق الخلوص [1]. فلا حاجة الى التمسك بإطلاق الدليل بعد صدق الموضوع عند العرف فيترتب عليه الحكم ولا يختص باستعمال انية الذهب والفضة بل سيأتي في لباس المصلي في انه يحرم على الرجل لبس الذهب فان المناط في كون هذا الشيء ذهب اذا صدق كونه ذهب فيترتب عليه الحكم، لكن ذهب بعض الفقهاء الى انه في صورة الغش لا يصدق عليه الذهب ابدا فلا حرمة لاستعمال الانية اذا كانت من الذهب او الفضة المغشوشتين، فحكم ما ذكره الماتن قدس سره من ان الذهب ما دام انه يصدق عند العرف ذهب يترتب عليه الحكم قهرا واطلاقات الادلة الواردة في المقام تشمل ذلك، نعم الغش على قسمين :
القسم الاول : يكون قليل بحيث يكون الذهب مستوعب له وهذا هو الحكم الذي ذكرناه من انه يترتب عليه الحكم اذا صدق عليه الذهب، وتارة يكون الخليط كثير بحيث تكون نسبة الذهب اقل من المخلوط معها فانه اذا صح سلب اسم الذهب عنه لا يترتب عليه الحكم ويجوز عليه استعماله فما ذكره بعض الفقهاء من ان الغش يوجب سلب صدق الاسم لعل مراده
القسم الثاني : فان الغش اذا كان كثيرا بحيث يصدق عليه انه ليس ذهب وليس فضة فالحكم واضح فلا تترتب عليه الحرمة ولعل مراده هذا القسم، والحكم واضح فيشمل جميع اقسام الذهب الا انه يخرج من ذلك ما يصدق عند العرف انه ذهب لكنه حقيقة لا يكون كذلك كالبلاتين فانه معدٌ خاص يختلف عن معدن الذهب لكن لغلاء ثمنه سمي ذهب كما ان البترول يسمى بالذهب الاسود وانه حقيقة اخرى غير حقيقة الذهب فاطلق عليه لفظ الذهب لأجل غلاء ثمنه فمجرد صدق العرف غير كافي اذا كانت حقيقة الشيء تختلف عن حقيقة الذهب، فالمدار على ان تكون حقيقة الذهب بلا فرق بين اقسام الذهب وانحائه سواء كان جيدا او رديء او مغشوش فالحكم واضح ولا اشكال فيه والدليل تام
ثم قال قدس سره : وما ذكره بعض العلماء من أنه يعتبر الخلوص وأن المغشوش ليس محرما، وإن لم يناف صدق الاسم كما في الحرير المحرم على الرجال حيث يتوقف حرمته على كونه خالصا، لا وجه له. والفرق بين الحرير والمقام أن الحرمة هناك معلقة في الأخبار على الحرير المحض بخلاف المقام فإنها معلقة على صدق الاسم [2]، واستدل على ذلك بأمرين :
الاول : صحة سلب اسم الذهب عن هذا المغشوش فلا يسمى ذهب خالص وهذا دليل على انه ليس ذهب، ثانيا ان الحرير الذي يحرم لبسه على الرجال يعتبر فيه الخلوص فاذا كان مغشوش ولو كان قليل صح لبسه كما سيأتي بيانه، وفي المقام اعتبر الخلوص في الحرير حتى يحرم لبسه على الرجال فهنا ايضا الخلوص معتبر في الذهب فلو تحقق الغش ولو كان يسير يوجب ترتب الحكم عليه
لكن كلا الامرين غير صحيح اما صحة سلب الاسم عنه هو غير وارد فانه من قال ان الذهب اذا كان مغشوش بشيء يصح اسم الذهب عنه من قال بذلك ! فان كل ذهب لابد ان يكون معه خليط فاذا قلنا بان الخليط موجب لرفع الاسم عنه معناه صح استعمال الذهب في كل الموارد وهذا لم يقل به احد، واما الحرير فقد ورد في الادلة على انه يعتبر في حرمة لبس الحرير ان يكون خالص ولذا ورد في بعض الروايات ان الحرير اذا كان مخلوط بشيء فقال عليه السلام(لابأس بلبسه ) كن قياس الذهب على الحرير قياس باطل فهناك ورد دليل خاص في ان الحرير المحرم على الرجال ان يكون خالص اما اذا كان مخلوط وان كان الخليط قليل ترتفع الحرمة فانه وان اعتبر ذلك الدليل في الحرير فانه في الذهب لم يرد مثل ذلك فان صدق عند العرف اسم الذهب على هذه الانية المغشوشة المخلوطة مع غير الذهب يترتب عليه الحكم وهو ان المغشوش اذا صدق عند العرف انه ذهب يترتب عليه من استعمال انية الذهب او لبسه للرجال واما اذا كان الغش كثيرا بحيث يوجب سلب الاسم عن هذا الخليط عند العرف فلا يترتب عليه الحكم في المقام وفي باب اللبس على للرجال
ثم ذكر الماتن قدس سره : (مسألة 16): إذا توضأ أو اغتسل من إناء الذهب أو الفضة مع الجهل بالحكم او الموضوع صح [3]، والدليل على ذلك لعدم فعلية النهي على هذا المكلف فانه مع الجهل بالموضوع والحكم لا فعليه للنهي بالنسبة لهذا المكلف فاذا توضئ صح ويمكنه التقرب به، وقد اطلاق بالنسبة للحكم بالجهل سواء كان تقصيري او قصوري فان اطلاق كلامه يشمل ذلك
لكن في الجهل الموضوعي لا اشكال فيه لو جهل في كون هذه الانية من الذهب او الفضة لا اشكال في صحة وضوئه وغسله لما ذكرناه من عدم فعليه النهي بالنسبة له فيصح منه التقرب به وهذا لا اشكال فيه عند الكل، اما في الجهل الحكمي فانه قد اختلفوا في ذلك فان المشهور بين الفقهاء بل ادعي عليه الاجماع ان الجهل اذا كان تقصيري لا يكون عذرا فان النهي الواقعي مترتب عليه فان الشخص اذا كان مقصرا في تحصيل الحكم فيكون وضوئه وغسله باطل لتحقق النهي بالنسبة له، وقد تقدم في بحث البراءة انه لا يمكن الرجوع للبراءة قبل الفحص في الادلة لكن ذهب بعض من الاصوليين ومنهم السيد الماتن قدس سره الى انه الجهل مطلقا عذر، واستدلوا على ذلك بأدلة منها حديث الرفع (ما لا يعلمون ) فاطلاق ما لا يعلمون يشمل ما اذا كان الجهل قصوري او تقصيري، الدليل الثاني انهم قالوا ان حديث (لا تعاد الصلاة الا من خمس ) فان منها الطهور وقد تحقق من هذا الشخص الطهور فحديث لا تعاد لا يشمل هذا فيصح عمله، الدليل الثالث النهي بالنسبة له لم يكن فعلي، ورابعا وجود الملاك في المقام فانه مع الجهل الملاك وان لم يكن امر في البين لمنه موجود ويمكن التقرب به، وفي الكل نظر
اما حديث الرفع : فانه يشترط فيه ان الرجوع اليه بعد الفحص عن الادلة فهو يشمل الجاهل القاصر اما الجهل التقصيري فلا يشمله حديث الرفع
اما حديث لا تعاد : فان الطهور كما يشمل اصل الطهور فهو يشمل شرائطه ايضا فلو توضئ بالماء النجس فان وضوئه باطل ولو توضئ بالماء المضاف وهو لا يعلم انه مضاف فوضوئه باطل كما يشمل حديث لا تعاد الطهور بنفسه يشمل شروط الطهور ايضا فهذا الوضوء الذي تحقق من المكلف جاهل باستعمال انية الذهب والفضة فشرطه ان لا يكون من انية الذهب والفضة فهذا لا يتحقق الشرط فتشمله حديث لا تعاد
اما الملاك : فانه لا دليل على وجوده في البين اذ ان الملاك يستفاد من الامر وغيره ولا امر ولا دليل على وجود الملاك حتى يمكن التقرب به
اما النهي : فهو بعد كونه مكلفا بعدم ارتكاب الحرام من انية الذهب والفضة فالنهي الواقعي بالنسبة له متحقق فلا اشكال بالحكم من هذه الناحية ولذا ذكر بعض المحشين في المقام بان مراد السيد الماتن هو الجهل القصوري لا الجهل التقصير وان اطلق في كلامه فالحكم في الجهل التقصيري تام وهو اذا قصر في تحصيل الحكم وتوضء وهو جاهل بالحكم يكون وضوئه وغسله باطل فيجب اعادة الوضوء .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo